فيلم فتنة : انقلاب السحر على الساحر
الأزمة وفيلدرز عناوين الكاريكاتير الهولندي 2008
لاهاي- طارق القزيري
![]() |
تستعد المكتبة المركزية في لاهاي الهولندية، لاختتام فعاليات معرض ( السياسة في لوحة 2008) وهي مناسبة سنوية فنية، أدركت عامها التاسع والعشرين (29) تعرض فيها أهم اللوحات الساخرة التي نشرتها الصحف الهولندية خلال عام منصرم، ومن هنا تكون تلك فرصة للزائر، لمتابعة عرض مكثف من اللوحات، التي تؤرخ بقدر ما تنتقد بسخرية مريرة، وطرفة، التاريخ السياسي لعام كامل. وتصدر محتويات المعرض في كتاب بإصدار خاص كل عام.
وبلا شك فقد كان للأزمة المالية نصيب الأسد من سخرية الريشة الفنية الهولندية، ففي إحدى اللوحات يظهر ما يبدو أنه مدير مصرف يشهر مسدسه في وجوه الزبائن بينما يسقط احدهم خلفه مضرجا، ويصيح المدير في الزبائن “ثقوا في مصرفكم”. وحول المصارف الهولندية التي شهدت بالفعل عاما مثيرا وكئيبا، خاصة مع أكبر البنوك “اي بي إن أمرو” و”فورتيس بنك” وأخيرا “اي ان جي” الذي خسر أكثر من 40 مليار من قيمته بداية العام، وفي لوحة يظهر بنك فورتيس وهو يتقيأ بنك اي بي أن امرو، وكان الأول قد اشترى الثاني، وهو ما اعتبر وجبة مالية أكثر مما تحتملها أمعاء فورتيس بنك.
المترف الشحاذ
والأزمة المالية كانت حاضرة أيضا في شقها العالمي، وما استطال منها على الجانب السياسي و��لأمني، ففي لوحة بعنوان “رياح التغيير” بصحيفة تراو الهولندية( أكتوبر2008) يظهر رجال الاف بي اي وهي يبحثون عن محتالي الأزمة المالية والقروض، ويسال احدهم زميله، عن رجل يسير في ناصية الشارع “أليس هذا بن لادن؟” فينتهره الآخر طالبا منه التركيز على المهم!!.
وعلى كل فقد فاز الفنان الهولندي؛ توم يانسن بأفضل لوحة للعام الماضي، ويظهر فيها يد لرجل مترف، تبرق في يده – التي يمدها كمتوسل أو شحاذ – ساعة روليكس فخمة وذهب، في تصوير مبسط جدا، وبالغ الدقة لأوضاع بلدان الوفرة الغربية سابقا، وشركاتها ومؤسساتها المالية. وكان يانسن قد فاز عام 2004 أيضا بلوحة عن دارفور.
قنبلة فتنة
خيرت فيلدرز السياسي الهولندي اليميني والراديكالي، كان أيضا علامة بارزة في الكاريكاتير السياسي الهولندي للعام المنصرم، وبخاصة مع فيلمه المثير للجدل على نطاق عالمي “فتنة” الذي هاجم فيهه القرآن واعتبره ملهما للإرهاب، ففي إحدى اللوحات يظهر فيلدرز وهو متعلق بمئذنة مسجد وفي سماء اللوحة يظهر أسم الفيلم “فتنة”، في إشارة ربما للأجندة السياسية التي يسعى عبرها فيلدرز للبروز في المشهد السياسي الهولندي. وفي لوحة أخرى يتم تصوير فيلدرز كفتيل اشتعال لقنبلة في موضع قبة مسجد بين مئذنتين.
![]() |
لكن المعرض لم يخلو من تعرض للشخصيات الهولندية والقضايا الداخلية، وكان زعيم حزب العمال ” ثاني اكبر أحزاب الائتلاف الحاكم” ووزير المالية الهولندي بوس فوتر، مادة مناسبة للكاريكاتير، خاصة في ظل الازمة المالية ونكبات البنوك، وفي لوحة تصور السخرية من قرار منع التدخين في المقاهي والأماكن العامة، يطلب صاحب مقهى من زبون المغادرة؛ لدخوله بسيجارته مشتعلة، فيما يظهر زبائن آخرون وهم يتعاطون المخدرات والكوكايين، يذكر أن هولندا تبيح بيع المخدرات الخفيفة في المقاهي العامة للاستهلاك الشخصي.
ومعركة أوباما الانتخابية 2008 كانت حاضرة بقوة، في صحافة هولندا، وفي إحداها يمسك اوباما برقبة غريمته السابقة هيلاري كلينتون، وهي يخنقها وبالأسفل شعار حمة اوباما “yes, we can”.
اهتمام متزايد
المعرض الذي يقوم على مبادرة من مؤسسة “السياسة في لوحة” بالتعاون مؤسسات فنية وإعلامية أخرى، يمثل نوعا من فنون ظلت مهملة طويلا – بحسب موقع المكتبة العامة بلاهاي – سواء من جانب المؤرخين أو المتاحف الفنية ، لكنها الآن تنال تدريجيا مزيدا من الاهتمام.
يبقى أن المكتبة العامة بلاهاي، ذات المبنى المميز هندسيا، وعبر فروعها الـ “18” تحوز على حوالي 100,000 مشترك (من أصل نصف مليون ساكن) وقامت بإعارة حوالي 3.5 مليون مادة ” كتب أو اسطوانات ضوئية ومدمجة” بمختلف اللغات، كما توفر خدمة مطالعة كبرى الصحف العالمية ورقيا، بما فيها العربية صباح كل يوم لزوارها مجانا، أسوة بخدمة الانترنت اللاسلكية السريعة.