قدس واحدة … وأكثر من موعد 2/2

الأزمة مالية
حتى الآن بات من الـمؤكد أن الاحتفالية تعاني أزمة مالية خانقة، والدليل على ذلك، وصول مليون دولار الأسبوع المنقضي لحساب الاحتفالية بعد سبعة أشهر من مطالبة القائمين على الاحتفالية، الحكومة بخمسة ملايين دولار وهو الـمبلغ الذي التزمت به منذ البداية.
ويؤكد الدكتور الحسيني “وجود أزمة مالية خانقة سببها بالأساس العدوان على قطاع غزة، حيث جرى تحويل جزء من الـمال الذي التزمت به الحكومة وصناديق عربية أخرى مثل بيت مال القدس لصالح إغاثة غزة”.
ويوضح “على سبيل الـمثال التزم بيت مال القدس بتمويل الاحتفالية بـ “6 ملايين دولار” لكنه حوّل نصف الـمبلغ لإغاثة غزة، وبالتالي ما تبقى للاحتفالية هو (3 ملايين دولار).
وحسب الحسيني فإن انفراجاً في الوضع الـمالي بدأ يُلاحظ في الأيام القليلة الـماضية “حيث وقّع بيت مال القدس مؤخراً اتفاقيات لتمويل مشاريع ثقافية بقيمة مليون دولار، فيما أرسل الأوروبيون مساعدات بذات القيمة لصالح الـمشاريع الثقافية”.
لكن يبقى هناك تباين يصل إلى عشرات الـملايين في الـميزانية التي رصدها القائمون على الاحتفالية.
فبينما أكد رفيق الحسيني “أن الـمبلغ الـمرصود مقداره(20 مليون دولار) متضمناً تنفيذ الـمشاريع الثقافية والفعاليات والبنية التحتية”، أكدت وزيرة الثقافة تهاني أبو دقة في اجتماعها الأول مع الإعلاميين في الثاني عشر من الشهر الجاري مع وسائل الإعلام، ” أن القسم الأول من الاحتفالية وهو الـمتعلق بالفعاليات والـمشاريع الثقافية يحتاج إلى (10 ملايين دولار) فيما يحتاج القسم الثاني الـمتعلق بالبنية التحتية إلى(40 مليون دولار).
لكن لدى مديرة الـمكتب التنفيذي الدكتورة فارسين أغابكيان أرقاما أخرى، حيث تقول “إن 8 ملايين دولار” هي الـمبلغ الذي تم رصده للفعاليات والـمشاريع الثقافية طوال عام الاحتفالية، وهو مبلغ كاف لتنفيذ 175 مشروعا ثقافيا من أصل 500 مشروع جرى تقديمها للاحتفالية”.
ويبدو مبلغ 8 ملايين دولار متواضعاً لاحتفالية ضخمة مثل التي نتحدث عنها، سيما إذا علـمنا أن ما أنفقته مؤسسة منفردة مثل عبد الـمحسن القطان العام الـماضي على برامجها الثقافية بلغ حوالي ثلاثة ملايين دولار، ورغم هذا فإن أغابكيان تؤكد “حتى لو لـم نمتلك الـمال الكافي، سننجز الاحتفالية لأنها واجب وطني”.
وبالنسبة للبنية التحتية للـمرافق الثقافية في جميع الأراضي الفلسطينية أوضحت أغابكيان “الـموازنة الـمرصودة هي 38 مليون دولار، وأي جزء من هذا الـمبلغ سيتم توفيره سيكون إيجابياً وسيستخدم لدعم البنية التحتية للقدس الشرقية للسنوات القادمة وليس فقط هذا العام”.
وكانت لجنة الـمشاريع في الاحتفالية وافقت على دعم “175 مشروع من أصل 500 مشروع قُدمت للاحتفالية وستدعم هذه الـمشاريع تباعاً وفقاً لتوفر الـمال”.

قدس واحدة … وأكثر من موعد
الأسوأ لكنه غير الـمفاجئ طبعاً أن الجمهور الفلسطيني والعربي سيكون على ثلاثة مواعيد لإطلاق احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، السلطة الوطنية الفلسطينية أعلنت عن انطلاق الاحتفالية في 21 آذار مارس، فيما ستنطلق في غزة في 7 أذار، أما الحملة الأهلية لاحتفالية القدس فأعلنت أن انطلاقتها ستكون في 30 آذار.
وتعلق وزيرة الثقافة “وزراء الثقافة العرب يحترمون الشرعية الفلسطينية وملتزمون بالـموعد الذي أقره الـمجلس الإداري في 21/ آذار”.

وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة

الـمدير التنفيذي للاحتفالية في القدس عز الدين الـمصري في قطاع غزة يقول “إنهم على استعداد لتوحيد الجهود لعمل احتفالية واحدة وانطلاقة واحدة بتنسيق موحد ومشترك، لكن القائمين على الـمشروع في رام الله يرفضون”.
ويوضح:” من البداية رفعنا شعار “ما فرقته السياسة فلتوحده الثقافة” وقمنا بتوسيط العديد من الشخصيات مثل الدكتور محمد الـمدهون وعبد الله الحوراني وأحمد دحبور، وجرى رفع كتاب إلى رام الله في شهر أكتوبر 2008، وبعد شهر جاء الرد من رام الله أنه بالإمكان إضافة بعض الشخصيات للجنة الوطنية العليا الـموجودة في رام الله، كان هدفنا من التلفونات والوساطات سواء عبر شخصيات وطنية معروفة أو عبر الفصائل هو توحيد الجهود باتجاه الخروج بلجنة وطنية مشتركة، وبالتالي احتفالية مشتركة لكنهم لـم يستجيبوا لنا”.
وترد وزيرة الثقافة على ما سبق “لا يجوز أن تتصل وزارة عاملة بوزارة مستقيلة، نحن لن نكّرس الانقلاب”.

الشاعر أحمد دحبور

ويؤكد الـمصري “لن ننازعهم على الـمستوى الرسمي العربي لكن ستتركز جهودنا بالعمل على الساحة الشعبية عربياً ومحلياً”.
لكن الأمور لن تقف عند هذا الحد عند مسؤولي الاحتفالية في القطاع، بل أكد الـمصري “إن وزارة الثقافة بالقطاع غير مسؤولة عن حماية أي نشاط أو فعالية لا تتم تحت مظلتها” وقال “لن نعطي الغطاء لأي فعالية لا تتم بالتنسيق معنا، ولن نسهل مهمتهم أو نحميهم!!!”.
وفي حديث مع مسؤول آخر عن الاحتفالية في غزة رفض ذكر اسمه قال “أي شيء ممول من رام الله سيمنع في غزة”.
ويتولى وزير الثقافة الأسبق عطا الله أبو السبح رئاسة اللجنة الوطنية العليا للاحتفالية في غزة. وهناك مفارقة في اللجنتين هو أن بعض الشخصيات الدينية تملك عضوية مزدوجة في اللجنتين أي الضفة والقطاع.
وحول ميزانية الاحتفالية في القطاع يقول المصري:”حكومة إسماعيل هنية وفرت لنا مبلغ مليون دولار وسنوائم فعالياتنا على قدر هذا الـمبلغ”.
وفي سؤال حول تقديم اللجنة الأهلية الأموال لاحتفالية القطاع، أجاب الـمصري: “مؤسسة القدس الدولية راع أساسي لفعاليات الاحتفالية، وطلبنا منهم تمويل بعض الفعاليات، وحتى اللحظة لـم يردوا علينا، مؤكداً “ألاّ دخل لنا بالأموال التي جمعتها الحملة الأهلية ونحن لسنا جزءاً منها”، رغم أن أسامة الأشقر، الـمدير التنفيذي لاحتفالية الحملة الأهلية كان قد صرح للـموقع الالكتروني (الـمركز الفلسطيني للإعلام) بـ”أنهم دعموا مراكز ثقافية ومكتبات الجامعات التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي، والعمل جار لجلب تمويل ودعم لصالح إخواننا في غزة”.

الحملة الأهلية
لكن هل سمع أحد بالحملة الأهلية لاحتفالية القدس؟ يجب التذكير بأن الحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية انطلقت في تموز 2008 من دمشق، برئاسة إسحق الفرحان وهو أردني من أصول فلسطينية وكان يشغل منصب الأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي، ورئيس اللجنة التحضيرية محمد أكرم العدلوني، الأمين العام لـمؤسسة القدس الدولية “مدير فضائية القدس”، والـمدير التنفيذي أسامة الأشقر مدير عام مؤسسة فلسطين للثقافة في سورية ــ وهو بالـمناسبة عضو اللجنة الوطنية العليا لاحتفالية القدس في غزة ـــ وكلتا الـمؤسستين السابقتين إضافة إلى قناة القدس الفضائية، ومركز الزيتون للدراسات والاستشارات في بيروت، وملتقى القدس الثقافي في عمان هم مؤسسو الحملة.

ومنذ انطلاق هذه الحملة قامت بعدة مؤتمرات وتنظيم حملات للتبرع لأنشطتها في عدة دول عربية، ولا تملك أية جهة رقماً معيناً للأموال التي وصلت الحملة، ففي حين تؤكد مصادر من احتفالية القدس في غزة أن مقدار ما جمعته الحملة الأهلية يتجاوز “15 مليون دولار”، يقول رئيس الـمجلس الإداري رفيق الحسيني: “إنه بناء على معلومات من إسحق الفرحان فإن الـمبلغ لا يتجاوز 8 ملايين دولار”.

الحسيني أكد “أن الحملة الأهلية رديف وليست بديلاً عن اللجنة الوطنية العليا التي يرأسها الرئيس محمود عباس”.
مضيفاً: “نحن في هذا الإطار شعارنا (القدس توحد ولا تفرق) بهدف توحيد كافة الشعب تحت مظلة نصرة القدس وثقافتها العربية”.
وفي سؤال حول الخلافات مع الحملة الأهلية، أجاب الحسيني “الحملة الأهلية تعمل تحت إطار مؤسسة القدس، وشاعت بعض الخلافات بيننا وبينهم لكن جزءاً من هذه الخلافات لا صحة له، لأنهم لا يطرحون أنفسهم كبديل عنا بل يسعون للتنسيق معنا ورسالتهم للرئيس محمود عباس أكبر دليل على ذلك”.
وكان الفرحان قد أرسل كتاباً موقعاً باسمه إلى الرئيس محمود عباس بتاريخ (25 كانون الأول 2009) يطلب فيه “دعم وإسناد الرئيس عبر توجيه إرادته الكريمة للجميع لجاناً رسميةً وشعبيةً بالتعاون مع هذه الحملة وإسنادها ورفدها بالإمكانات لتتمكن من إنجاز مشروعها”.
ولاحقاً قام الرئيس محمود عباس بتحويل الكتاب ـــ مرفق صورة عن هذا الكتاب لدى التحرير ـــ إلى الـمجلس الإداري للبت فيه، والذي يُفهم منه أن الحملة تريد تغطية شرعية من الرئيس لتقوم بفعالياتها في عشرين دولة عربية وغربية.
ويعلق الحسيني: “اجتمعنا معهم في 11 شباط في عمان وكان على رأس الاجتماع إسحق الفرحان، وتمت تسوية الخلافات حيث أكدوا أنهم جزء لا يتجزأ من احتفالية القدس التي يرأسها الرئيس محمود عباس، وليسوا خارجين عن الإطار الرسمي للجنة الوطنية العليا بل وينظمون احتفاليتهم تحت شعار اللجنة الوطنية العليا”.
وأَضاف: “في اجتماعنا معهم طلبنا أن يزودونا بكل نشاطاتهم حتى نضعها على الأجندة الـمركزية وحتى لا يحدث أي تضارب بين فعالياتهم وفعاليات اللجنة الوطنية الرسمية للاحتفالية”.
لكن إذا كان التنسيق ممتازاً كما يبدو لـماذا تصر الحملة الأهلية على انطلاقة وميزانية خاصة بها؟ ويجيب الحسيني: “الحملة الأهلية تمثل القطاع الشعبي وليس الرسمي، إضافة إلى أنه ليس لهم أي ممثلين في الأراضي الفلسطينية، بل يعملون خارجها، ولن يكون تقاطع كبير بيننا وبينهم، فنحن نركز في احتفاليتنا على فلسطين التاريخية وبعض الدول التي يتواجد فيها الفلسطينيون مثل الأردن وسورية ولبنان”.

لكن ماذا عن عضوية بعض النافذين في الحملة في اللجنة الوطنية العليا للاحتفالية في غزة مثل أسامة الأشقر الـمدير التنفيذي للحملة؟ ويجيب الحسيني على ذلك “إنهم قاموا لاحقاً بسحب عضويتهم من احتفالية غزة”.
ما أكده الدكتور الحسيني حول الـموقف من الحملة الأهلية تناوله الـمجلس الإداري في اجتماعه بتاريخ 1 شباط، حسب قوله. لكن يبدو أن هناك اختلافاً في الاجتهاد والرؤية لدى وزيرة الثقافة أبو دقة حول الحملة الأهلية، حيث أكدت عبر اتصال هاتفي معها من واشنطن، مساء أمس: إنها لا تعلـم “عن أي تنسيق بين الحملة الأهلية والـمجلس الإداري”.
وعادت وأكدت تصريحاتها بهذا الشأن لـصحيفة “الأيام” وقالت: “حتى تُعطى للحملة الأهلية شرعية القيام بفعاليات في العواصم العربية يجب أن يأتوا إلينا ويكونوا جزءاً من الـمجلس الإداري ويضعوا الأموال التي جمعوها في صندوق الاحتفالية وبالتالي يصبحون شركاءنا في الاحتفالية، أما دون ذلك فلا”.
 
وأشارت: “عندما سألنا القائمين على الحملة الأهلية في سورية العام الـماضي أين ستذهب الأموال التي قمتم بجمعها؟ أجابنا إسحق الفرحان : “لقد تم تحويل الأموال للقيادة في بيروت”. وتتابع: “لا يوجد أي فلسطيني سمع أن هناك قيادة للقدس تعيش في بيروت!!!”.


إعلان