الشاهد: نافذة الخاص على العام

تتميز سلسلة أفلام “الشاهد witness” التي تبثها قناة الجزيرة الانجليزية بنضارة متجددة تأتي من كون الجزيرة الانجليزية اعتمدت أسلوب تعدد المخرجين والمنتجين لهذه السلسلة، بحيث أصبح كل فيلم مختلفاً بالضرورة عن السابق من حيث الموضوع والمكان واللمسة الإخراجية.
والبرنامج بهذا المعنى هو سجل حضور فني لصناع الفيلم المستقلين، وحيز للتنافس في انتقاء الموضوع والصورة في نفس الوقت، أي انه مكسب يعطي للفيلم المستقل وأصحابه مساحة للحضور وفي نفس الوقت البحث الجاد عن صيغ فنية منافسة ومواضيع طرح تذهب بعيدا في البحث. هذا يعطي فرصة لظهور مواضيع طالما ظلت في الهامش، وأماكن مخفية وسط تدافع الإعلام على المناطق الساخنة، وحيوات مهمشة في ظل تسليط الأضواء على الأسماء الكبيرة والنافذة إعلاميا، وهو بذلك يعد تجميعا لتفاصيل عادة ما تضيع وسط التدافع والسرعة التي تحكم العمل الإعلامي، ومساحة لالتقاط مواضيع فنية بصيغ ومشاهد جديدة تفرضها طبيعة المكان الذي يتم التصوير فيه، والذي عادة ما يكون أيضا مكاناً هامشياً له جماله الخاص حتى ولو كان يعيش البؤس والفاقة والتهميش.
يعتمد البرنامج أساساً على التقاط الحالات الخاصة والعبور بها ومعها ومنها نحو الحياة العريضة لواقعها، فمن خلال رواية هذه الحالة الخاصة لقصتها يتم تجميع مشهد عام يضم بالضرورة أناساً آخرين لهم مشترك مع الشخصية الرئيسية كما لهم تفاصيلهم الصغيرة المختلفة التي تثري الموضوع الرئيسي، البرنامج قصة شخص في مجتمع ومجتمع في شخص.
في رحلته التي استمرت منذ بداية “الانجليزية” في البث قدم البرنامج أفلاماً قصيرة لحالات إنسانية مهمة، واستطاع فريقه المقيم في لندن أن يوسع شبكة تنسيقه مع فرق سينمائية في مختلف أنحاء العالم، كما رشح وفاز بعدة جوائز في منافسات عالمية لها قيمتها، فقد فاز بجائزة دولية في بند تعليم الأطفال بفيلم عن “الغوريلا في الكاميرون” وأيضا بأخرى عن فيلم “الجامع الأحمر” الذي صادف وجود مقدمه رجا عمر داخله لإجراء مقابلة مع إمامه قبل مقتله في الأحداث بيوم واحد فقط، كما وصل لمراحل متقدمة في المنافسة على جائزة “Rory peck Awards” وذلك عن فيلم “The Gaza fixer” ، وتعتبر هذه الجائزة على أهمية كبيرة بالنسبة لصانعي الفيلم المستقل.
لبعض هذه الأسباب يحظى برنامج الشاهد بنسبة مشاهدة عالية، ويعد من البرامج التوثيقية الناجحة في السنوات الأخيرة، وهو في الواقع صفحة جديدة ومختلفة في كل مرة، باختلاف المكان والموضوع وذوق الصانع.


إعلان