مباراة في النقد السينمائي بالمغرب

حميد العيدوني، رئيس “مجموعة البحث في السينما والسمعي البصري”، يتحدث لـ”موقع الجزيرة الوثائقية” عن السينما ومسابقة النقد في الجامعة المغربية.

 المغرب- أحمد بوغابة

تنظم “مجموعة البحث في السينما والسمعي البصري” التابعة لجامعة عبد المالك السعدي مسابقة خاصة بالشباب في حقل النقد السينمائي وهي مباراة مفتوحة أمام جميع الطلبة الجامعيين أو الذين يتابعون دراستهم بالمعاهد العليا في المغرب.
فهذه أول مبادرة في هذا الشأن بالمغرب تتضمن بعدا تربويا يؤسس لجمهور واع بفنون السينما، وحتى يتسنى لهم أيضا خوض تجارب النقد من منظور أكاديمي حيث سيتم تأطيرهم ضمن ورشات لمناقشة منتوجهم النقدي.
إن للراغبين الحق في المشاركة بأكثر من نص نقدي حول أفلام من اختيارهم لا يتجاوز عدد كلماتها 3000 كلمة بكتابة سليمة لغويا سواء بالعربية أو الفرنسية.
وستتوزع الجوائز على أحسن نقد مكتوب بالعربية وجائزة أحسن نقد مكتوب بالفرنسية وجائزة خاصة لأفضل نقد تناول الفيلم المغربي كما يمكن للجهة المنظمة الإعلان عن جوائز أخرى. أما حفل توزيع الجوائز فسيتم في شهر مايو 2009 بمدينة تطوان (شمال المغرب).

مجموعة البحث والدراسات السينمائية

وبهذه المناسبة، أجرينا حوارا مع الأستاذ الجامعي والباحث والناقد السينمائي حميد العيدوني، رئيس “مجموعة البحث في السينما والسمعي البصري” لكي يبسط أمامنا هذه التجربة الاستثنائية في الفضاء الأكاديمي المغربي والتي تسعى لتوسيعها على امتداد الخريطة العربية.

عرفنا بـ”مجموعة البحث والدراسات السينمائية والسمعية البصرية”؟ اهتمامها وانشغالاتها وما حققته منذ تأسيسها؟ وما هي برامجها المستقبلية؟

 تأسست “مجموعة البحث في السينما والسمعي البصري” سنة 1987 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة عبد المالك السعدي. وقد اشتغلت المجموعة منذ البداية على واجهتين، الأولى تبتغي تحسيس الطلبة بأهمية ودور الصورة وذلك من خلال تنظيم عروض لمشاهدة روائع السينما العالمية والمغربية وكذلك تنظيم تكوينات في مجالي التحليل والقراءة الفيلمية وتكوينات تقنية.
أما الواجهة الثانية فتعنى بالبحث العلمي من خلال تنظيم ندوات وأيام دراسية همّت مجالات السينما في علاقتها مع الهجرة، التلفزة، الأدب والمدرسة. وتوجت هذه الندوات بإصدارات من أهمها كتاب “السينما والهجرة” الصادر عن منشورات كلية الآداب سنة 1999. واعتقد أن مجموعة البحث في السينما والسمعي البصري قد نجحت في مسألة التحسيس وذلك من خلال العدد المتزايد من الطلبة الذين يطمحون إلى إنجاز أولى تجاربهم السينمائية أو التخصص في الميدان السينمائي. و”المجموعة” وهي تحتفي بذكرى 22 سنة على تأسيسها تفتح آفاقا جديدة من خلال إصدار قرص مدمج 10 أفلام 10 مواهب يضم أفلاما أولى لشباب عاشق للسينما من شمال المغرب. شباب يمكن أن يذهب بعيدا إن توفرت له الإمكانات. ونولي أهمية خاصة لمشروع بناء مركز للدراسات والإبداع السينمائي والسمعي البصري بكلية الآداب، وسوف يكون لهذا المشروع انعكاس إيجابي ليس فقط على الجامعة بل على منطقة الشمال وشبابها.

المخرج المغربي جيلالي فرحاتي أثناء إلقائه درسا

 كيف نشأت فكرة مباراة خاصة بالنقد السينمائي بينما اعتمدتم سابقا على التقنيات أكثر في مجال أكاديمي؟
 لقد نشأت فكرة مباراة خاصة بالنقد السينمائي انطلاقا من اعتبارين أساسيين، أولهما ضرورة مساعدة الشباب على المرور من مرحلة الانبهار بالصورة، أي المشاهدة الحالمة إلى مشاهدة عالمة، تعتمد على أدوات ومرجعيات سينمائية وهو ما يعني تجاوز مستوى القراءة إلى مستوى التأويل. أما الاعتبار الثاني فيكمن في ضرورة البحث عن دماء جديدة وضخها في جسم النقد السينمائي المغربي من أجل ضمان استمراريته وتطوير خطابه وتجديد مقاصده. كما أننا نعتقد، جازمين، بتلازم النقد السينمائي وعشق السينما.
 
رغم كل المجهودات التي تشتغل فيها المؤسسات لحث الشباب للعودة إلى القاعات السينمائية لم تعط نتائج إيجابية لأن الشباب أصبح يفضل أكثر الأقراص المدمجة لمشاهدة الأفلام؟ فهل تعتقد أن مباراتكم ستعيد الشباب إلى القاعات أم سيحلل أفلامه انطلاقا من DVD فقط؟
اعتقد أن ربط عزوف الشباب عن الذهاب إلى قاعات السينما بظاهرة قرصنة الأفلام لا يضع اليد على الإشكالات الحقيقية لهذا العزوف والتي يمكن أن ألخصها في النقط التالية:
أولا: المنافس الحقيقي للسينما ليس هو القرص المدمج بل التلفزة، بحيث يمكن أن تشاهد أفلاما سينمائية حديثة يوميا وتقريبا بدون مقابل.
ثانيا: عدم اعتماد أرباب القاعات والموزعين على روح المبادرة بحيث ظلوا لسنوات يشتكون من التناقص المهول في اعداد المتفرجين كأنه قدر محتوم.
ثالثا: اعتمدت الأندية السينمائية التي صمدت على نفس النمط الذي اعتمدته في سنوات السبعينيات والثمانينيات مع أن عقليات ونمط تفكير الشباب قد تغيرت بشكل جذري.
رابعا: تدهور حالة القاعات السينمائية المغربية بحيث أصبحت دور العرض مرادفا للانحراف وانعدمت ظروف مشاهدة لائقة.
خامسا: قدمت السينما عامة والسينما المغربية على الخصوص من بعض الأقلام على مستوى الصحافة المغربية على أنها تروج أفكارا هدامة وتسيء للمجتمع وهو ما انعكس سلبا على موقف الشباب والمجتمع من هذا الفن.
سادسا: لم تلعب المدرسة إلى اليوم دورها في التربية على الصورة والتربية على السينما، ونقصد الصورة كمكون أساسي اليوم للثقافة الإنسانية.
إن الإشكال الحقيقي الذي يواجهنا اليوم هو البحث عن أشكال جديدة لتأطير المشاهدة وحث الشباب على العودة إلى القاعات، فلا شيء يضاهي متعة وسحر مشاهدة جماعية داخل قاعة سينمائية حقيقية. وفي بحثنا عن هذه الحلول يجب أن لا نجد حرجاً في الانفتاح والاستلهام من تجارب البلدان الأخرى في هذا المجال وخاصة فرنسا.

هل بكليتكم بتطوان مواد لتعليم أبجديات النقد السينمائي أم ذلك يتوقف على اهتمام الطالب فقط، وبالتالي ليس هناك تأطير حقيقي لممارسة النقد بأدوات علمية أكاديمية كما هو الحال في كثير من المؤسسات التعليمية في أوروبا؟ 
إن الإصلاح الجامعي رغم علاته المتعددة سمح لنا بتدريس الصورة والسينما في إطار الدراسات اللغوية كدرس تكميلي. ونعمل في إطار الورشات أو العروض السينمائية التي يؤطرها الأساتذة والمخرجون المغاربة بكثير من التفاني على استكمال وتعزيز هذه التكوينات. لكن ما نطمح إليه هو التأسيس للدرس السينمائي بالجامعة المغربية من خلال خلق أول تخصص بمدن الشمال في مجال الدراسات السينمائية والسمعية البصرية وهو أمر على وشك التحقق بحول الله.

لماذا لم تخصصوا جائزة للفيلم الوثائقي وهل ترون ضرورة وجود الفيلم الوثائقي  ضمن المسابقة ؟
إن مباراة النقد السينمائي التي ننظمها لا تستثني الفيلم الوثائقي، وأدعو المشاركين في المباراة إلى الكتابة حول هذا الجنس. وأنا أتفق معك على ضرورة التنصيص مستقبلا على الفيلم الوثائقي لما يمكن أن يكون لذلك من انعكاس على تحسيس الشباب بهذا الجنس السينمائي المهم. وفي إطار اهتمامنا بهذا الجنس السينمائي فسوف نعرض في شهر مارس الحالي الفيلم الوثائقي “شومسكي ورفقاؤه” من إخراج أوليفيي عزام الذي يتطرق إلى العلاقات الملتبسة بين السلطة والإعلام. كما سننظم في شهر أبريل ورشة تكوينية حول إخراج الفيلم الوثائقي لفائدة الطلبة من تأطير مخرجين مغاربة.

هل ستقتصر المسابقة دائما على المغرب أم ستنفتح على باقي الأقطار العربية؟
إن نشر الإعلان عن مسابقة للسيناريو خاصة بالشباب في وسائل الإعلام الورقية والرقمية خلق اهتماما ليس فقط داخل المغرب بل في العديد من الدول العربية كمصر وسوريا والعراق. ونحن بصدد دراسة إمكانية فتح المسابقة في السنة المقبلة لشباب العالم العربي.

صورة من ورشات التدريب

ملاحظة : البريد الإلكتروني للاشتراكفي السابقةgreca.uae@gmail.com وقد حدد تاريخ 30 أبريل 2009 . 


إعلان