يوم الصحة العالمي : الاستثمار في البنية التحتية
فى السابع من إبريل من كل عام تحتفى منظمة الصحة العالمية بذكرى تأسيسها بإلقاء الضوء على إحدى القضايا الصحية العالمية وتوضيح خطورتها وأبعادها ،فتنظم تظاهرات عالمية وإقليمية ودولية بهدف إذكاء الوعى بها ،وقد إختارت المنظمة مشكلة (حماية المنشأت الصحية فى حالات الطوارئ) شعارا لإحتفالها هذا العام 2009 بوضع تقييم لمستوى المستشفيات والمراكز الصحية المخصصة لعلاج حالات الطوارئ ورصد حجم الخسائر التى تسجل فى حالات الطوارئ والكوارث وغيرها من الأزمات الطبيعية أو البيولوجية أو التكنولوجية أو الإجتماعية وكذلك الأزمات المرتبطة بالنزاعات وتشمل العاملين الصحيين القائمين عليها والمرافق والخدمات الصحية مما يؤدى إلى حرمان الفئات المتضررة من هذه الخدمات الكفيلة بإنقاذهم من الموت.
ويبرز شعار هذا العام أهمية ضمان ما يكفى من لوازم تؤهل هذه المرافق لمواجهة مثل هذه الأخطار وضمان إستعدادها للإستمرار فى تأدية وظائفها بعد نزول تلك الأخطار من أجل خدمة السكان المتضررين مباشرة وسكان المجتمعات المحلية ومستشفيات ومراكز الرعايا الصحية الأولية والعيادات المحلية ، وتركز حملة منظمة الصحة العالمية على زيادة الوعى بأهمية الإستثمار فى البنية التحتية للصحة بحيث يكون قادرا على خدمة وحماية الناس فى حال الحاجة الفورية ،وبالنسبة لعالمنا العربى فإن وضع هذه المنشأت يعكس بصورة جلية مستوى إهتمام الحكومات بصحة شعوبها وجديتها فى تشجيع الإستثمار فى مجال الصحة والتى يعتبرالعناية بوحدات الطوارئ ومستلزماتها من أبرز الجوانب الصحية التى تقيم هذا الإهتمام، ففى بيانها الصادر بمناسبة الإحتفال بيوم الصحة العالمى أوضحت السيدة مارغريت تشان رئيسة المنظمة أنه فى حالات الطوارئ الكبرى الناجمة عن الزلازل أو الفيضانات فقدت بعض البلدان 50%من قدرات المستشفيات فيها ليس بسبب حدوث كوارث بشكل مفاجئ فقط بل أيضا بسبب ضعف مستوى البناء وعدم الإلتزام بالمواصفات العلمية والطبية وهذا فى حد ذاته كارثة !وبرغم أن 11%فقط ممن يتعرضون للكوارث الطبيعية يعيشون فى البلدان النامية إلا أنهم يمثلون أكثر من 53%من الوفيات العالمية الناجمة عن الكوارث الطبيعية وهذا الفارق فى التأثير يشير بوضوح إلى أن العامل الرئيسى فى هذه المآسى هو التقاعس البشرى.
ففى أثناء حالات الطوارئ غالبا ما تكون المرافق الصحية ملاذا آمنا للشعب وهى تقدم خدمات لإنقاذ الأرواح وتخفيف معاناه السكان المتضررين ، ومن المهم أن تكون هذه المرافق والعاملين فى المجال الصحى آمنة وقادرة على توفير الرعايا ، إلا أن هذا ليس هو الحال فى كثير من البلدان خاصة إذا علمنا أن العديد من المرافق الصحية والموظفين والمرضى يكونون هم أنفسهم عرضة لحالات الطوارئ كما حدث فى العراق والصومال عندما تم ضربها ، وهو ما جعل د حسين الجزائرى المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية فى الشرق الأوسط يقول ” لا تدعوا المرافق الصحية تكون عرضة هى الأخرى لحالات الطوارئ ” وقد قامت منظمة الصحة العالمية بوضع إستراتيجية ذات أولوية رئيسية لجعل المرافق الصحية قادرة على مواجهة الكوارث من خلال تدابير الحد من المخاطر بما فيها التصميم والبناء لجميع المرافق الصحية الجديدة والحد من حالات الضعف فى المرافق الصحية القائمة بإستخدام معايير السلامة الدولية، فالعاملون فى مجال الصحة هم خط الدفاع الأول خلال الأزمات ولهذا السبب يجب أن تكون هذه المرافق مستعدة وجاهزة حتى لايصبحوا ضحايا أنفسهم على الرغم من أحكام القانون الإنسانى الدولى التى تهدف إلى حماية المهنيين العاملين فى مجال الصحة فى حالات الطوارئ.
فمنظمة الصحة العالمية ملتزمة بالعمل مع الحكومات وهيئات الأمم المتحدة والشركاء الآخرين لجعل المرافق الصحية أكثر أمنا وعلى إستعداد لتقديم الرعاية الصحية والمساعدة فى إنقاذ الأرواح فى حالات الطوارئ ، وقد حددت منظمة الصحة العالمية عدة رسائل فى يوم الصحة العالمى فى تبنيها لرعاية وتطوير المنشآت الصحية فى حالات الطوارئ ومنها أن العديد من المرافق الصحية والعاملون الصحيون والمرضى والضعفاء فى حالات الطوارئ وبعدها كذلك العديد من المرافق لا تستطيع أن توفر الرعايا الصحية خلال الأزمات أغلى المرافق الصحية هى التى فشلت فى إقامة مراكز صحية معنية بحالات الطوارئ وفق معايير علمية سليمة ويجب إصلاحها أو إعادة بنائها من الصفر بما فيها تدابير للحد من مخاطر الزلازل فى التصميم والبناء لجميع المرافق الصحية الجديدة والتى لا تتطلب سوى 4% زيادة على التكلفة الأولية.
لابد من إقامة شراكات بين جميع الجهات الفاعلة لضمان الإستثمار وتبادل المعلومات والوقوف على أفضل الممارسات لدعم المرافق الصحية لتكون آمنة وقادرة على العمل فى حالات الطوارئ .
وفى حين يعد التعاون أمرا ضروريا على مستويات كثيرة فإن من الواجب كما تقول سيدة مارجريت تشان رئيسة منظمة الصحة العالمية فإن على كل بلد أن يستثمر فى الصحة وأن يبنى قدراته بغية الوقاية من التهديدات الجديدة والقائمة عن طريق تعزيز نظامه الصحى العام والخاص وكثيرا ما يعنى ذلك توظيف إستثمارات كبرى فى ترصد الأمراض والوقاية منها وهذه الإستثمارات تكون أحيانا بسيطة ومعقولة التكلفة مثل توفير الناموسيات للحد من إنتشار الملاريا أو تامين مياه الشرب النقية فى حالات الطوارئ.