نريد أن نفهم
بعيدا عن التناول اليومي السريع والخالي من التحليل والتقصي في اغلب الأحيان، قد حان وقت البدء في توثيق حقيقي وعميق قدر الإمكان لما حدث في العام 2003 عندما سقطت بغداد في ثلاثة أسابيع.
لاشك أن لكل منا رأيه الخاص تجاه ما حدث، ولكل منا مشاعره وخسائره أو أرباحه عندما يجرد حسابه الخاص بعد ذلك العام، لكن التوثيق مسألة تتعدى هذا وذاك، أنه عملية تذهب بعيدا في العمق، ماضي وحاضرا، أشخاص وبرامج، أماكن ومعاني، تتقصى وتحقق وتسأل وتنقد، قبل أن تخرج من هذه العملية المعقدة ببعض الإجابات عما حصل يوم 9/4/2003.
أنه حدثا فارقا في الزمن العربي، ومهما بدت الأحداث الأخرى كبيرة وتراجيدية وفارقة لما قبلها وبعدها في أحيان كثيرة، يبقى حدث التاسع من ابريل شيئا مختلفا بدلالات مختلفة، يجب البحث في أسبابه من اجل فهم أفضل لنتائجه المستقبلية التي نعيش اليوم مقدماتها فقط.
هذا الحدث هو تحدي كبير لصناع الفيلم العربي، ولكن هذا التحدي هو أيضا فرصة نادرة لاختبار قدراتهم الفنية والثقافية، فهو عملة بوجهين كلاهما عربي، مما يدفعنا للحث مجددا من أجل أن تتناول الكاميرا العربية هذا الحدث من كل جوانبه ولا تتركه نهبا للأخبار السريعة، أو مسرحا يتفرد به صناع الفيلم الأجنبي الذين وان كنا نحترم ونقدر جهودهم في الغالب الأعم، إلا أننا نريد من عدستنا العربية أن تتقدم للغوص في جرحنا والعمل على تقديم تصوراتها المدعمة بالمعلومات والوثائق، وان تحيط بهذا الحدث من جهاته المختلفة كي تتيح الفرصة أمامنا للتفكير فيه والتوصل لاستنتاجاتنا الخاصة، ومن ثم مشاركتنا بعضنا بعض في حوار حول ماحدث تكون العدسة العربية هي رائدته.
لقد حان الوقت للبدء في هذا العمل الواجب، وعلى صناع الفيلم أن يختبروا أنفسهم في الميدان من جديد، في تحدي صعب وفرصة قد تكون كبيرة ونادرة.
نريد أن نفهم، ونريد من الفيلم الوثائقي أن يلعب الدور الأساسي في لتحقيق هذا المطلب والحق.
مجاهد البوسيفي