محاولة في تاريخ السينما الوثائقية في سورية
القطاع العام نموذجاً
بشار إبراهيم
تتفق المصادر على أن تاريخ السينما السورية الروائية يبدأ في العام 1928، وذلك مع إنجاز فيلم «المتهم البريء»، الروائي القصير، الذي تولَّى أيوب بدري مهمة إخراجه، وكان وراء تلك المحاولة الأولى مجموعة من الشباب المغامرين (أيوب بدري، أحمد تللو، محمد المرادي، رشيد جلال..)، الذين بادروا لتأسيس شركة «حرمون فيلم» للإنتاج السينمائي..
| ||
رشيد جلال في إحدى اللقاءات الصحفية
أما بالنسبة للسينما الوثائقية، فثمة روايتان، أولاهما يقدمها من يرى أنه في العام 1932، أُنجر أول فيلم وثائقي سوري، على يد الرائد نور الدين رمضان «الرفاعي»، الذي يُقال إنه كان يعمل أصلاً في التصوير الفوتوغرافي، ودفعته الهواية لشراء كاميرا سينمائية، من رجل ألماني، في بيروت، عام 1932، وبالتالي بدأ العمل على تصوير أفلام وثائقية، ذات طابع إخباري، إذ سجَّل فيها بعض الأحداث الوطنية المهمة.
![]() |
أول آلة عرض في سوريا عرضت فيلم “المتهم بريء”
فيُروى أنه صوَّر إولى جلسات البرلمان السوري (1932)، وتشييع المجاهد إبراهيم هنانو (توفي 21/11/1935)، وعودة الوفد السوري من باريس (1936)، والمظاهرات ضد الانتداب الفرنسي، واستقبال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر (11/5/1937)، وسلطان باشا الأطرش (18/5/1937)، وزيارة إلى ضريح يوسف العظمة، وانتخاب ملكة جمال!..
وفي هذا المجال ثمة من يورد أن نور الدين الرفاعي كان يضطر للتوجّه إلى بيروت، ليحصل على موافقة الرقابة الفرنسية، التي كانت تقصّ أكثر من نصف الفيلم أحياناً، وأن تلك الرقابة الشديدة لم تفتّ من عضده، فقد واصل إنتاج هذا النوع من الأفلام، حتى قيام الحرب العالمية الثانية (عام 1939)، وما نجم عنها من انقطاع توريد الأفلام الخام، الأمر الذي اضطره للذهاب إلى إيران للحصول على المواد الخام، وانتهت به الصعوبات إلى التوقف عن العمل السينمائي نهائياً، والعودة إلى مهنته الأصلية، التصوير الفوتوغرافي، وتصليح الكاميرات، التي يقال إنه أمضى أواخر أيامه بها.
![]() |
أما الرواية الثانية فتقول إن بهجت المصري، هو أول مصوّر سينمائي سوري، وأنه أول من حقق أشرطة سينمائية وثائقية سورية، حيث يُقال إنه صوّر جولات الرئيس تاج الدين الحسيني على المحافظات السورية. وفي حال صحّ هذا الخبر، أي تصوير جولات الرئيس الحسيني، فإن بهجت المصري سيكون هو الرائد الأسبق، وذلك لأن الشيخ تاج الدين الحسيني تولى رئاسة الحكومة السورية، خلال عهد الانتداب الفرنسي، على فترتين: أولها كانت فيما بين (15/2/1928 – 19/11/1931)، وثانيهما كانت فيما بين (16/9/ 1941 – 17/1/1943)، وبطبيعة الحال فإن الجولات المذكورة تمت خلال الفترة الأولى، أي ما قبل العام 1931، على أبعد تقدير، وهو تاريخ يسبق تماماً ما يُروى عن شراء نور الدين رمضان «الرفاعي» للكاميرا، ويسبق الأحداث التاريخية كافة، الذي يذكر أن رمضان قام بتصويرها.
![]() |