الدورة السادسة لمهرجان مدريد للأفلام الوثائيقية
بعد النجاح الذي لاقته الدورات الخمس السابقة، إنطلقت يوم الجمعة فعاليات الدورة السادسة لمهرجان مدريد الدولي للفيلم الوثائيقي المعروف ب “دوكومنط مدريد “، وذلك بعد ترقب و تساؤلات بعد الإشعات التي راجت حول مصير المهرجان بسب الأزمة المالية التي تمر منها إسبانيا. و لعل ما يزيد من قيمة دورة مهرجان مدريد هذا العام هو تخصيص جائزة خاصة بالأفلام من إنتاج إسباني ، ولعل هذا هو السبب في مشاركة عدد قياسي من الأفلام الإسبانية إذ يشارك ثمانية و ثلاثون فيلما من إنتاج إسباني . ويمتد عمر المهرجان من 1 إلى 10 من شهر مايو /آيار.
ويعتبر مهرجان مدريد إلى جانب مهرجان برشلونة للأفلام الوثائقية أكبر تظاهرتين في إسبانيا تهتم بأفلام الواقع، و يعد أيضا أكبر مهرجان لسينما الواقع من حيث عدد المشاهدين في إسبانيا إذ وصل عدد الحضور في دورته السابقة 12.700، ويسعى منظموا المهرجان إلى تقريب الفيلم الوثايقي لجمهور أصبح أكثر إهتماما بهذا الجنس السينمائي، كما يسعى أيضا إلى تمكين الجمهور من مشاهدة آخر الإنتاجات العالمية، وقد كشفت أنطونيو دلغادو مديرالمهرجان أن شعار هذه الدورة هو” واقع واحد بعداسات متعددة”.
وإفتتح الموسيقار وعازف البيانو البريطاني تيمن ميشل المهرجان بحفل موسيقي بمسرح فرنندو غونزالس ، وتل ذلك عرض فيلم”سقطوا من السماء” هو فيلم يحكي قصة مشردين أتحت لهم فرصة تمثيل مسرحية مع ممثلين محترفين. كما سيتم عرض فيلم “أموال الفحم ” هو فيلم يسرد معاناة عمال المناجم الفحم في منطقة تنجين بالصين وعن معاناتهم اليومية في سعيهم وراء البحث عن لقمة العيش وهذا الفيلم من إخراج ونغ بينغ.
![]() |
الموسيقار تيمن ميشيل في حفل الافتتاح
وقد شهدت هذه الدورة رقما قياسيا من حيث عدد الأفلام المشاركة، فقد شارك أكثر من 1078 فيلم من ستة و ثمانين دولة تم ترشيح 107 فيلما من أربعين دولة لظفر بجوائز المهرجان التي بلغت مجموع قيمتها المالية 73.000 يورو ، وقد قسم منظموا المهرجان الجوائز لأربعة أصناف. جائزة أفضل فيلم وثائيقي طويل، جائزة أفضل فيلم وثائيقي قصير، وأفضل ربوطاج تلفزيوني طويل ، أفضل فيلم وثائيقي من إنتاج إسباني .
لقد كانت المشاركة العربية خجولة في المهرجان فقد إقتصرت على صنف الأفلام الوثائيقية الطويلة على فلمين هما “الصين لا زالت بعيدة” للمخرج الجزائري بسيم مالك و فيلم ” شعب لرجل واحد ” للمخرج لبناني سيمون . أم في صنف الربورطاج التلفزيوني “الفوضى الإبداعية : التدخل الأول ” للمخرج لبناني حسن زبيب و ” مدينتين بسجنن واحد” للمخرجة السورية سودد .
كانت لهذه الدورة ميزة خاصة بنسبة للجمهور العربي، تجلت في تخصيص حصة خاصة للأفلام الوثائيقية العربية ، ويسعى منظموا المهرجان من خلال هذه الخطوة ت��ريف الجمهور الإسباني بصناعة الفيلم الوثائيقي في العالم العربي و مواضيع إهتمامه و فرصة لتعريف الإسبان بقضايا العربية، وسيتم عرض فيلم “أطفال جبل النار”، “ملوك وكومبراس” لعزيز حسن و “أماكن الممنوعة” لليلى الكيلاني “لفت مات” لنادية بوفرقاس ” أن التي أحمل الزهور إلى قبري” و ” دردشة النساء” هلا غلال، كل الأفلام العربية المختارة للعرض في هذه الدورة طغى عليها البعد السياسي إذ تتطرق مواضيع هذه الأفلام إلى الذاكرة السياسية الجماعية، ومعاناة المواطن العربي في وطنه.
المواضيع العامة المطروح في هذا المهرجان تتراوح بين ماهو ثقافي وسياسي وإقتصادي وفني، و قد كان حضور قويا في هذه الدورة للأفلام التي جعلت مشكل البيئة محورا لها، أمام تزايد إهتمام الجمهور بمشكلة الإنحباس الحراري. أفلام عكست الواقع بإيجابيته وسلبياته وتقديم واقع مشترك بين الإنسانية أجمع و لكن بعدسات متعددة.
![]() |
أحد عروض الافتتاح
خصص منظموا المهرجان أربع لجن تحكيم، لجنة تحكيم لكل صنف ففي صنف الربورطاج التلفزيوني. ترأس لجنة تحكيم كارلوس مص رائيس السابق لبوليفيا، و إكون ميدون و المخرج خفير مرتين من إسبانيا. و في صنف الجائزة الخاصة بالإنتاج الإسباني، ترأس لجنة التحكيم السينيمائي الإسباني خفير ميرند و مدير الفني لمهرجان مكسيكو للفيلم التسجيلي منط غود، والمديرة الفنية لمهرجان روما للأفلام التسيجيلية جيوفني طفين. وترأس لجنة التحكيم في صنف الفيلم الوثائيقي الطويل، شتون كلي من أمريكا و المخرجة المكسيكية لوردس بورطيجوو ، المخرج و المنتج الإسباني ألبرطو خونو. وكانت المفاجأة الجمهور العربي تتمثل في مشاركة المخرجة ميا مصري، إلى جانب كسيل كطو من رومانيا و الكاتبة الإسبانية لولا سلفادور في لجنة تحكيم المخصصة لتقيم الفيلم الفائز بجائزة أفضل فيلم الوثائيقي القصير.
نسخة هذا العام من مهرجان مدريد تـأتي في فترة تمر إسبانيا بأزمة مالية خانقة . بحديثنا إلى الناس أثناء تجولنا في أروقة المهرجان بدت علامة الفرح على محياهم، بعد تأكد من إفتتاح المهرجان بعد أن راجت شائعات بإلغائه بسب التكلفة الباهظة التي يكلفها المهرجان بلدية مدريد. ويعتبر الجمهور المهرجان فرصة لمشاهدة آخر الإنتاجات العالمية في سينيما الواقع و نافذة لتعرف على الثقافات الآخرين، فالمهرجان يمثل بالنسبة إليهم فرصة لنسيان مشا كلهم المالية لكي يعشوا مشاكل الآخرين من خلال المعاناة التي تعالجها الأفلام المعروضة.
وقد سهر منظموا المهرجان على تنظيم ندوات حول دورالفيلم الوثائيقي في وقتنا الراهن، إختلفت آراء المشاركين في هذه الندوات بين من يعتبر الفيلم الوثائيقي أداة لتوثيق الحاضر و نبش في الماضي و إستشراف للمستقبل، و رأي يرى أن الفيلم الوثائيقي يختزل وجهة نظر المخرج حول موضع ما. كما يرتقب أن تلقي المخرجة ميا مصري عرضا حول صناعة الفيلم الوثائيقي في العالم العربي و الوصعوبات التي يواجهها المخرجون العرب. كما فتحت دورات تكونية للمخرجين الشباب من أجل تلقينهم الأساليب الحديثة في إخراج وإنتاج الفيلم الوثائيقي.
![]() |
مهرجان مدريد الدولي للفيلم الوثائيقي في سطور:
مهرجان مدريد الدولي للفيلم الوثائيقي هو مهرجان دولي سنوي مختص في الفيلم الوثائيقي، منظم من طرف قسم الفنون ببلدية مدريد يعد أول مهرجان من حيت عدد المشاهدين في إسبانيا إذ بلغ عدد الحضور ي آخر نسخة له 12.700 وقد كانت أول دورة للمهرجان في سنة 2004 .