الوثائقي الليبي ….. إلى أين ؟

 
منذ بداياته البكر شهد الشريط التسجيلي / الوثائقي الليبي انتقالات  قادتها المتغيرات التي طرأت على المجتمع ، فمع مستهل القرن الماضي  وثقت  الكاميرات  “الإيطالية”  دخول أسطولها  بحراً إلى طرابلس عام 1911 م  ليمتد بعد ذلك  إلى  رصد  مظاهر الحياة  والأماكن السياحية والأثرية  التي  عبر عنها  شريط “مشاهد من ليبيا” ، هذا النشاط التوثيقي قاد عديد شركات الإنتاج “إنجليزية، أمريكية، فرنسية، إيطالية”  إلى  ليبيا لتصوير عديد الأعمال الروائية كما قاد عديد المبدعين لتوثيق المناظر الحية والبكر للطبيعة الليبية ” صحراء ، جبال ، آثار ” كما وثق تفاصيل الحياة اليومية للمجتمع وتقاليده.
  أثناء الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء والمحور تهافتت وكالات أنباء العالم و “جرائد الحرب المصورة ”  على موقع الحدث ” ليبيا ” لتصوير الأحداث الحربية، بل قاد البعض منها إلى تصوير عديد مشاهد الحرب الحية ليضمنها  أفلام  الحرب الروائية ، في ذات الوقت استعان الفيلم الروائي الحربي بعديد المشاهد التسجيلية التي أنتجت في ليبيا .
 
بعد أن استتب الأمر للحلفاء ودخول قواتها إلى ليبيا التي ستشهد موجة جديدة للشريط التسجيلي تتمثل في وحدات العرض  المتنقل ، فقد أنشأت  النقطة الرابعة الأمريكية مركزين في ” بنغازي وطرابلس ”  لعرض وإنتاج أشرطة وثائقية تعليمية ودعائية ، ليدعمها  المركز الثقافي الأمريكي من خلال جريدته المصورة  ” ليبيا اليوم ”   بعرض أشرطته في الساحات العامة ودور العرض ومدن الدواخل.

 

بعد ذلك تنافس مكتب الاستعلامات البريطانية على لعب هذا الدور  مع  مراكز ثقافية  فرنسية وإيطالية إضافة إلى بعض الشركات النفطية، كل هذا الثراء الذي شهدته صناعة الشريط التسجيلي  كانت فيه  ليبيا مجرد موقع للتصوير وكانت الخبرات الوافدة  أشبه بالمستشرقين، كما خلت مرحلة الاستعمار وما بعده أي الخمسينات وبداية الستينات من الخبرات  الليبية الفاعلة باستثناء محاولات فردية تقودها النوايا الطيبة وشغفها  لمواكبة الركب الحضاري الجديد  أمثال ” فؤاد الكعبازي، العربي عبد السلام ، نور الدين الفقيه، الهادي الغول، محمد الفرجاني ، الهادي راشد ” أغلبهم كانوا نواة لقسم الإنتاج بوزارة الإعلام والإرشاد.
وفي مطلع الستينيات أنتج قسم الإنتاج في وزارة الإعلام  أكثر من ثمانين شريطاً تسجيليا من خلا ل  ” جريدة ليبيا الناطقة ” المنافس الجديد لجريدة ” ليبيا اليوم ” الأمريكية التي أوقفت نشاطها عام 1969   مع إنشاء المؤسسة العامة للخيالة ” السينما ” عام 1973 انتعش الشريط التسجيلي بتوثيق الأحداث ” السياسية ، الاقتصادية ، والصناعية ”  إضافة إلى المعالم السياحية،  خلال هذه الفترة خرجت من جديد  ” مجلة الخيالة الناطقة ” التي أصدرت 14 عدداً ملوناً قبل توقفها وبعد اعتمادها  عضواً في الاتحاد الدولي للأنباء المصورة .

 كان مجمل ما أنجزته المؤسسة العامة للخيالة والشركة العامة للخيالة فيما  بعد أكثر من 400 شريط وثائقي مهمل يفتقد إلى أدنى شروط التخزين، بعدما حُلّت الشركة العامة للخيالة لتلقي بمبدعيها وصنّاع حركتها  إلى أفق آخر غير واضح المعالم .  
  بعد مائة عام من مسيرته  شهد الوثائقي في العقدين الأخيرين عودة قوية بثوب جديد تميزه  حالة انتعاش أوجدت تراكماً إنتاجيا تقوده تقنيات معاصرة بطلها “الفيديو”.

قوس أور يوليوس في طرابلس

كامل الملف


إعلان