اختتام مهرجان طريفة للسينما الإفرقية..
احتضنت مدينة طريفة التي تقع في أقصى جنوب إسبانيا على مدى العشرة الأيام الأخيرة من شهر مايو/آيار الدورة السادسة لمهرجان طريفة للسينما الإفريقية، فبعد أن كانت تستقبل جثث ضحايا قوارب الموت و الهجرة السرية على شواطئها القادمين من الضفة الأخرى أصبحت الآن مدينة طريفة مقصدا للمخرجين الأفارقة .
وقد سجلت هذه الدورة مشاركة 126 فيلما كلها تعرض لأول مرة في إسبانيا، فيما رشح ثمانون فيلما للظفر بجوائز المهرجان، وقد قسمت جوائز المهرجان إلى أربعة أصناف: الحلم الإفريقي ، في الضفة الأخرى للمضيق ، إفريقيا بإختصار، عبرة المرآة.
وجديد هذه الدورة هو إحداث جائزة جديدة “عبرة المرآة” التي تمنح لأفضل فيلم وثائقي من إنتاج إسباني يتطرق إلى قضايا إفريقية، وجاء إحداث هذه الجائزة نظرا للكم الهائل من المشاركات من إنتاج إسباني تختص في قضايا القارة السمراء، في محاولة لنقل واقع إفريقيا وتصحيح نظرة الأسبان لجيرانهم الجنوبيين. وقد صرحت مديرة المهرجان ماريا إلينا سينسيرو خلال حفل الاختتام بأن “هدف هذه المهرجانات هو تحطيم حدود التجاهل والحديث بلغة إيجابية عن قارة لطالما ارتبطت في أذهان الأوربيين بالتخلف والحروب الأهلية”.
![]() |
ماريا إلينا مديرة المهرجان
و يراهن منظمو مهرجان طريفة للسينما الإفريقية إلى دعم العمل السينمائي و زيادة الوعي والتقدير لإنتاجات القارة السمراء. كما تم على مدى تسعة أيام التي هي عمر المهرجان إقامة ندوات حول السينما الإفريقية و تحديات التمويل.كانت المشاركة العربية حاضرة بقوة في هذه الدورة من مهرجان طريفة للسينما الإفريقية لكن نصيبها من الجوائز كان ضعيفا، فقد كانت كل الدول العربية الواقعة جغرافيا في إفريقيا حاضرة: المغرب و الجزائر و تونس و مصر باستثناء موريتانيا . فقد تم ترشيح ثمانية وعشرين فيلما من المغرب وتونس والجزائر ومصر للفوز بإحدى جوائز المهرجان.
إسبانيا لم تنسى أيامها في إفريقيا خلال استعمارها لشمال المغرب. وتجسد حنينها لتلك الأيام في استضافة مدينتي طنجة وتطوان كضيفي شرف في المهرجان. نظرا للعلاقة التي تربط هذين المدينتين بإسبانيا. فتطوان كانت عاصمة للحماية الإسبانية في أواسط القرن الماضي. وتجلى ذلك من خلال عرض أفلام وثائقية قصيرة تسرد بعضا من تاريخ الوجود الإسباني في هذين المدينتين. كما احتفل المهرجان بمرور قرن على تأسيس السينما المصرية، فقد خصص منظمو المهرجان فقرة خاصة، خصصت للخطوات الأولى لسينينا المصرية من خلال عرض أعمال درامية مثل “غرام و انتقام” و “السلامة في الخير” … .
وقد أقيمت على هامش المهرجان ندوات حول السينما الإفريقية و التحديات التي تواجهها والتي لخصها الحضور في عامل التمويل و التسويق، فالسينما الإفريقية تعاني من مشاكل التمويل حيث أن جل الإنتاجان ممولة عن طريق منح ممنوحة من مؤسسات رسمية أو مؤسسات أجنبية، التي بدورها تقيد التمويل بشروط محددة قد تكون لها انعكاسات سلبية تمس مصداقية الفيلم أو تصب في خدمة أهداف معينة.
الأفلام المتوجة
![]() |
ماما كيط صاحب فيلم “الغائب”
فقد توج فيلم “الغائب” للمخرج السنغالي ماما كيط بجائزة المهرجان عن أفضل فيلم سينمائي، و قد سبق للفيلم نفسه أن فاز بجائزة مهرجان ” فيصباكو” لسنة 2009 في بوركينافاسو. و الفيلم يحكي قصة شاب سنغالي وبعد غياب طويل دام خمسة عشر سنة قضها في الدراسة في فرنسا، يعود على عجل إلى بلده بعد توصله ببرقية تفيد أن الحالة الصحية لجدته سيئة، و يركز الفيلم على المشاكل التي واجهها الغائب العائد لوطنه. والفيلم الفائز هو من إنتاج فرنسي سنغالي .
فيما فاز فيلم “ أغنية الخطيبات” للمخرجة كرين ألبو بجائزة أفضل إخراج . الفيلم هو إنتاج مشترك بين فرنسا وتونس، و يسرد الفيلم العلاقة الطيبة بين المسلمين واليهود في تونس حتى بداية الحرب العالمية الثانية حينما تبدأ المشاكل في نشوب بين الطرفين.
![]() |
مدود نكيينا
وقد كان النصيب الأكبر من الجوائز لجنوب إفريقيا. فقد توج فيلم “السماء السرية” للمخرج مدود نكيينا من جنوب إفريقيا بجائزة الجمهور، كما عادت جائزة أفضل دور نسائي لطفلة صبحال مخبس لدورها في فيلم “السماء السرية”. فيما فاز الممثل لينيل نيوطن بجائزة أفضل دور رجالي عن دروه في فيلم ” التألق” من جنوب إفريقيا.
فيما عادت جائزة أفضل فيلم قصير”أحببت كثيرا” للمخرجة المغربية دليل إنداري. ويسرد الفيلم مأساة امرأة تبلغ من العمر 70 عاما تعيش في المغرب، ورحلتها القوات الفرنسية إلى الهند الصينية لكي تشتغل في إحدى الحانات لخدمة الجنود الفرنسي خلال الحرب، وهي تطالب الآن أن تعترف السلطات الفرنسية بها كواحدة من المحاربين القدامى .
في المسابقة الرسمية للفيلم الوثائقي كان الفوز من نصيب ” ملكة إفريقيا” من إنتاج إسباني حول إفريقيا للمخرج خوان لغونا، العمل يتطرق إلى مسيرة راقصتين واحدة من إسبانيا و أخرى من السنغال تسعيان للإقامة في بلدين مختلفين، فيما تسعى الأولى للعيش في إفريقيا والهروب من صخب الحياة الغربية، ترغب الثانية في الهجرة إلى أوربا لتحقيق حلمها في أن تصبح راقصة مشهورة .
![]() |
المخرج خوان لوغونا
وقد لقيت لجنة التحكيم الكثير من الانتقادات لاختيارها لهذا الفيلم كون موضوعه يتطرق إلي شيء كمالي وليس الهموم الإفريقية الحقيقية. فحسب رأي النقاد هناك أفلام مشاركة تطرقت إلى مواضيع أكثر جرأة وأهمية مثل الحروب الأهلية في إفريقيا والأمراض و تجارة البشر … .
للسينما الإفريقية ميزات خاصة فهناك مستويان للسينما الإفريقية، ثمة سينما المؤلف التي تسعى إلى الجمال الفني والثقافي والتي تتطلب من المشاهد أن يتوفر على رصيد معرين لكي يستوعب الرسائل التي يمررها المخرج في فيلمه، ثم هناك فيلم يقوم على الترفيه الشعبي في قالب يسهل استيعاب رسائله.
لم تبتعد مضامين الأفلام المشاركة في هذه الدورة عن المواضيع العامة التي تشغل بال سائر الناس ، فالمخرجون قد أعطوا لأعمالهم لمسة فنية واقعية من خلال جعل الواقع مرجعا لأحداث الفيلم، فجل الأفلام تحمل قصة حزينة تختزل حزن أهل إفريقيا على حال قارتهم .