” راديو مؤذن ” مسرحية واقعية تجتذب جمهور اليونان

اجتذب عرض راديو مؤذن الذي يتحدث عن حياة أربعة مؤذنين مصريين اهتمام وانتباه الجمهور اليوناني على مدى يومين حيث تابعه المئات فيما تراوحت تعليقات المتابعين بين الإعجاب والانبهار وطلب المزيد من المعلومات.
ويتكلم المؤذنون الأربعة ببساطة شديدة عن حياتهم الخاصة ومهنة المؤذن منذ أن بدؤوا بمزاولتها إلى جانب الأشغال الأخرى التي يعملون بها وهواياتهم التي يمارسونها، كما يتعرضون إلى مراحل حياتهم المختلفة التي أدت بهم في النهاية إلى العمل كمؤذنين عاملين أو متطوعين.
ووفق العرض يعمل الشيخ المؤذن حسين جودة حسين مؤذنا ومقيما للشعائر في أحد مساجد القاهرة الذي يبعد ساعتين عن مكان إقامته، وهو يضطر لقضاء وقت طويل في وسائل النقل العامة للوصول الى المسجد، ويستغل الشيخ حسين هذه الفترة للاستماع الى القرآن وإسماعه للناس حيث يقول إنه لا يجد أي تعليق سلبي على الراديو الذي يحمله وينطلق منه صوت القرآن الكريم.
وفي المسجد يؤم الشيخ حسين، وهو الضرير الوحيد من بين المؤذنين،  المصلين في الصلوات اليومية ويدرس القرآن الكريم للمبتدئين والراغبين في الاستزادة من علوم القرآن حيث إن من متقني أحكام التلاوة، وله صوت عذب بالقرآن والإنشاد.
المؤذن عبد المعطي عبد السلام  روى قصته للمشاهدين فهو ابن أحد أحياء القاهرة الشعبية ويعمل في مجال الكهرباء، وقد عمل في أكثر من بلد وخدم في صفوف الجيش المصري حيث سخر معارفه التقنية لتطوير بعض الأجهزة الكهربائية العسكرية، كما أنه يعيش وحيدا بعد وفاة زوجته وزواج أبنائه وبناته.
بدأت قصة حسين جودة، أكبر المؤذنين سنا، مع نصيحة قدمت له وهي أن يقضي وقته في المسجد ويتعلم قراءة القرآن بدلا من تضييع الوقت في الجلوس في المقاهي والشوارع، وكما يضيف نفسه فقد استفاد كثيرا من هذه النصيحة وتعلم الكثير من أحكام التلاوة وحفظ العديد من سور القرآن الكريم.
وإضافة إلى رفع الأذان فالمؤذن حسين يصلح كل ما يتعلق بالكهرباء في المسجد الذي يتولى الأذان فيه، وقد روى للمشاهدين عدة مشاهد من حياته تعرض فيها لأخطار كثيرة بسبب التيار الكهربائي كادت تودي بحياته.
وجاء المؤذن الثالث منصور عبد السلام منصور من إحدى قرى صعيد مصر حيث عمل فترة في أحد أفران القاهرة وهناك سمع عن وظيفة مؤذن للمسجد المجاور للفرن، واستطاع منصور النجاح في الحصول على الوظيفة وهو اليوم يعمل في المسجد ويتولى شؤون النظافة فيه، وأجرى منصور عرضا حيا للتنظيف أمام المشاهدين.


المؤذن محمد على

أما محمد علي محمود فرج ابن القارئ المصري الراحل و المعروف فقد روى للمتابعين قصته مع القرآن الكريم واشتراكه في مسابقات دولية للحفاظ والقراء في دول عديدة، وكيفية استقراره على قراءة القرآن والعلم الشرعي بعد تركه لمجالات الاحتراف في رياضة كرة القدم و رفع الأثقال رغم قدرته على الإبداع فيهما.
وظهر محمد علي وهو أصغر المؤذنين عمرا،  وهو يجلس منهمكا في القراءة من جهاز حاسوب محمول ثم قرأ آيات من القرآن عن حكاية نبي الله عيسى عليه السلام، وبعد ذلك عرض صورا من حياته المهنية والأسرية.

ثم تكلم أحد  تقنيي الالكترونيات عن مسألة توحيد الأذان في القاهرة عبر النظام الموحد، وتناقش فيها المؤذنون دون أن يكونوا مع الفكرة أو ضدها، واكتفوا بتوضيح كيفية ما ستصير اليه الأحوال في القاهرة بعد تطبيق المقترح بتوحيد الأذان.
لكن المؤذنين أوضحوا أن لن يتم تسريح المؤذنين الموظفين في وزارة الأوقاف، فهم إما لهم وظائف أخرى مثل مقيمي الشعائر أو متطوعون لا يتقاضون راتبا على العمل الذي يقومون به، أو سيبقون في مجال عملهم كمجموعات احتياط لإقامة الأذان في حال حصول أي عطل في النظام الالكتروني العام.
 وترافق السيرة الشخصية لكل مؤذن مشاهد من القاهرة ومصر تعرضها شاشات خلفية ضخمة ملونة، حيث تعرض مناظر من بيوت المؤذنين وأفرادا من أسرهم ومناطق مصرية مختلفة يتحدث عنها المؤذنون أثناء العرض.
وقال الشيخ حسين  للجزيرة الوثائقية إن المسرحية تم عرضها مرات عديدة في القاهرة وألمانيا قبل أن يأتي إلى أثينا وهناك طلب لعروض عديدة في فرنسا ونواح أخرى وفي كل تلك الأماكن لقيت استحسانا وتشجيعا، عازيا الاهتمام الجماهيري الذي تلقاه المسرحية الى الحيادية في عرض قضية توحيد الأذان والبساطة في عرض المعلومات وعدم التكلف في التمثيل.
وحول تعليقات الأوروبيين على العرض قال عبد المعطي إن أكثر من شخص ألماني وفرنسي قال له بعد العرض إنه كان يعتقد أن المسلمين مجرد إرهابيين يميلون للعنف، لكن المسرحية البسيطة أوضحت له أن المسلمين هم مكافحون كغيرهم للعيش بسلام في بلادهم، إضافة الى المعلومات التفصيلية عن الأذان والوضوء الصلاة التي يؤديها المؤذنون أمام الجمهور. 
بدأت فكرة العرض من المخرج الألماني الشاب ستيفان كيغي الذي روى للجزيرة الوثائقية أنه زار القاهرة خلال السنوات الأخيرة، وهناك تولدت لديه فكرة العرض حيث كان يسمع يوميا أصوات المئات من المؤذنين مع كل صلاة، وعند سماعه نية وزارة الأوقاف المصرية توحيد الأذان باختيار حوالي ثلاثين مؤذنا من ذوي الأصوات الجيدة وتعميم أذانهم في أنحاء القاهرة عبر النظام الإذاعي، أراد تعريف العالم بحياة المؤذن في العالم الإسلامي مروية بألسنة المؤذنين أنفسهم، حيث اختار كيغي أربعة مؤذنين من شرائح اجتماعية وعمرية ومناطق جغرافية مختلفة لتقوم بهذا الدور.
وأضاف كيغي إن المعلومات التي يدلي بها المؤذنون للجمهور هي خليط من انتقاء فني وتعبير ذاتي من كل منهم عن كيفية رؤيته لحياته وأسرته وعمله، وهي عملية قريبة من تكوين ” بورتريه” عن شخص ما، وقد كان انتقاء أشخاص من مصر مقصودا على حد قوله حيث هم متدينون بطبعهم دون تكلف أو تعصب وذلك لنقل هذه الصورة الى الغرب حيث تعج الصور المنقولة عن الشرق الأوسط بصور ومعاني العنف والارهاب والقوالب الجاهزة.
وصفق الجمهور بحماسة بعد انتهاء العروض، رغم أن المؤذنين الأربعة ليسوا ممثلين محترفين وأن المعلومات التي أوردوها كانت معلومات يومية بسيطة، لكنها كما قال بعض المتابعين للجزيرة الوثائقية أوصلت قدرا كبيرا من المعلومات عن المؤذن وعمله وحياته وطبيعة الأفراد والمجتمع في البلاد الإسلامية الى المتابعين الأوروبيين.


إعلان