الغائبون : بعض ما حدث في حرب كوسوفا
– اسم الفيلم : الغائبون
– انتاج : الجزيرة الوثائقية
– اخراج : بهاء غزاوي
مجاهد البوسيفي
يتناول فيلم الغائبون ثلاثة حالات لغياب قسري نتج أثناء حرب صربيا وكوسوفا، حيث تروي ثلاثة نساء شجاعات من كوسوفا ما جرى في أثناء الحرب وكيف عشن تلك الأحداث وما فقدنه أثناءها.
تروي نقيبة “كلمندي” وهي قاضية قصة قمع مبكر تعرضت لها منذ أن أجبرت على الدراسة باللغة الصربية بدل لغتها الأم الألبانية وعينت فيما بعد كقاضية وهي في الرابعة والعشرين من عمرها قبل أن تتحول على المحاماة لتكون أول محامية البانية ولتجبر ثانية للعودة للقضاء بسبب قرار السلطات بعدم جواز اشتغالها وزوجها المحامي في نفس المهنة وضرورة أن يكون احدهما من المشتغلين في العمل العام.
يعالج الفيلم قصة اقتحام القوات الخاصة لبيت نقيبة واعتقال زوجها وابناها والذهاب بهم إلى مكان مجهول على خلفية نشاط زوجها في القضية الألبانية حيث كان أول من قام بالتخطيط للاتهام الجنائي ضد الرئيس مولسيفيتش وتعاون فيما بعد مع المحكمة الدولية في لاهاي التي شكلت بالخصوص، وتنتقل العدسة مع نقيبة وهي تتذكر عملية الاقتحام ومن ثمة عملية التصفية بقسوتها والمقبرة حيث ترقد أجساد عائلتها، وتتخلل الرواية تفاصيل وحشية كما حدث عندما طلب الجنود من الابن قتل أباه وعندما رفض تم قتل الولدين أمام الأب قبل أن يلقى نفس المصير بعد لحظات.
وتروي نقيبة أيضا كيف اكتشفت أن ابنتها لازالت على قيد الحياة من خلال رؤيتها لنشرة أخبار في التلفزيون لتكتشف أن البنت عالقة في الحدود مع ألبانيا، وفي جلسة لمن تبقى من العائلة تشير نقيبة إلى الرجل الوحيد الذي تبقى للعائلة وهو “سوكول” الذي كان عمره آنذاك عامين ونصف.
يتناول الفيلم أيضا قصة “شكيبة مهميتي” المجندة في جيش تحرير كوسوفا وكيف عاشت هذه التجربة مع والدها في نفس الجيش حيث قدما سويا من ألمانيا للمشاركة في الحرب، وتروي قصتها وسط أهوال الحرب ومشاقها كفتاة كان حضورها في البداية يثير الاستغراب والتعليقات ومن ثم تأقلمها مع الوضع الجديد وقبولها في محيط المقاتلين، كما تروي شكيبة نتف من تجربة ما بعد التحرير عندما نشأ الخلاف بين أركان جيش تحرير كوسوفا حول مستقبله وكيف سجن والدها كضحية لهذا الخلاف.
![]() |
زيارة قبور الضحايا |
أما الدكتورة “فلورا بروفينا” التي كتبت الشعر وعرفت بقصيدتها الشهيرة ( الوسطية) التي انتشرت أيضا في العالم العربي فقصتها بدأت مع تطوعها لخدمة اللاجئين الألبان وتوفير مركز خدمات لهم وعيادة طبية لمعالجة المصابين، مما عرضها لتجربة السجن والملاحقة والتهديد المتواصل.
وأثناء رواية النساء الثلاثة تبرز في الفيلم أحداث وأسماء لأشخاص ووقائع ولحظات عاطفية هيجتها ذكرى إعادة رواية الأحداث مما أضفى على الفيلم بعد إنساني شكل معادل لقسوة الحرب وهمجيتها.
يؤخذ على الفيلم الذي جاء على شكل رواية متبادلة بين شخصيات العمل أنه كان على شيء من البطء في تنقل العدسة، وعدم تنويع الأماكن بشكل يخدم السيناريو بطريقة أفضل رغم الجهد الذي بذل في هذا الاتجاه، ولكن ما ينقص الفيلم حقيقة هو الاستعانة بالأرشيف الخاص بأحداث حرب كوسوفا مما كان سيسهل من رواية الحدث وإيصاله للمشاهد.