الدورة العشرون للوثائقي بمرسيليا
لبنان يتحدث باسم العالم العربي
مرسيليا: أحمد بوغابة
![]() |
ملصق المهرجان |
يحتفل المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمرسيليا بدورته العشرين (20) ومعه المدينة بأسرها، بسكانها من أعمار وأجيال متقاربة ومتباعدة في آن واحد، بإعلامها المحلي والجهوي، بفضاءاتها الموزعة في أهم المواقع الثقافية، من قاعات ومسارح ومكتبات عمومية وأروقة فنية. رغم أن هذه السنة مسته هو أيضا الأزمة الاقتصادية العالمية إلا أنها لم تمس جوهره الفني إذ مازال متشبثا بخطه التحريري الذي يرتكز على المكانة المتميزة التي ينبغي أن يحتلها الفيلم الوثائقي، فهو روحه وجسده الذي يقف عليه نجاحه واستمرار تألقه. فيجد الدعم المادي من المؤسسات العمومية والهياكل المُنتخبة، والمعنوي من لدن جمهور ملتزم بموعده السنوي معه الذي يؤدي أثمنة التذاكر كشكل من أشكال الدعم. يصادف معد انعقاده العطل السنوية لفئات كثيرة فيتيح لها فرصة السفر لمواكبته خاصة وأن مدينة مرسيليا توفر جوا سياحيا بامتياز دون أن يتخلى الجمهور عن المهرجان.
كل شيء عن الفيلم الوثائقي
المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمرسيليا، المعروف اختصارا عند المهنيين وسكان المدينة ونواحيها ب ” فيد ” (FID )، هو من أكبر وأهم المهرجانات السينمائية المتخصصة في الفيلم الوثائقي على الصعيد العالمي وأقدمها حيث يمتد الاحتفال ستة أيام (من 8 إلى 13 يوليوز 2009) وطيلة اليوم (من التاسعة صبحا إلى ما بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي طبعا) من خلال العروض السينمائية ومناقشتها إلى جانب الندوات والموائد المستديرة والمحاضرات تكب كلها في اتجاه البحث في الفيلم الوثائقي لذا يحج إليه جل العاملين فيه من القارات الخمس. تتنوع الآراء والقراءات بتنوع الأفلام واللغات والثقافات وتعددها. كما يحتوي، المهرجان، على معرض للكتب والمجلات التي تتناول الفيلم الوثائقي إلى جانب أفلام وثائقية مختلفة (دي في دي DVD) مطروحة للبيع للجمهور العاشق لهذا الإبداع السينمائي.
![]() |
السيدة ماير رئيسة تحكيم الاافلام الفرنسية |
يعرض المهرجان، خلال المدة المذكورة، أكثر من 230 فيلما – القصيرة والطويلة – أكثريتها تُعرض لأول مرة في العالم وبعضها عُرضت في بعض المهرجانات الدولية دون أن تخرج إلى القاعات السينمائية بعد، ومنها من تنتظر حظها في القنوات التلفزيونية بعد اختتام المهرجان أو شرائها من لدن موزع محترف.
ذكرت لنا عضوة من المجلس الإداري للمهرجان بأنهم توصلوا بأزيد من ثلاثة آلاف (3000) فيلم يطالب أصحابها المشاركة في مسابقاته الرسمية لكن اللجن المكلفة باختيار الأفلام مُلزمة بسقف محدد من الإدارة وأن تكون تتوفر على جديد فيها وتجديد في إبداعها ومواضيعها وضرورة الاعتناء بمختلف الاتجاهات القائمة في الإنتاج العالمي.
إن ارتفاع عدد الطلب للمشاركة دفعت بإدارة المهرجان لخلق فقرات مركزية للتباري وأخرى هامشية دون أن يعني ذلك أنها اقل قيمة أو دون اعتبار وإنما هي فرص تتيح لقياس موقع الفيلم الوثائقي في النظام السينمائي.
عشرون فيلما (20) في المسابقة الرسمية الدولية وهي مفتوحة لجميع الجنسيات بما فيها الفرنسية فضلا عن مسابقة خاصة بالفيلم الفرنسي وهي ما يطلق عليها المهرجان ” المسابقة الوطنية ” ستخضع لها ثلاثة عشر (13) فيلما. ولكل منهما لجنة رسمية خاصة منفصلة عن الأخرى ومستقلة عنها كليا إذ تتكون الأولى من “فيليب غراندريو” (رئيسا) وبعضوية كل من “جاكي راينال” و”مانون دو بووير” و”رووي روسن”. وهذه اللجنة ستنظر في جائزتين فقط وهما ” الجائزة الدولية الكبرى ” و ” الجائزة الدولية جورج بوروجار”. أما اللجنة الثانية فتترأسها “أورسولا مايير” بعضوية “جوديث روفيل” و”كونيك دوروجيبيس” و”ميشيل ليبكيس” و”كالوس ميغيرو” حيث ستسلم ثلاث جوائز وهي ” الجائزة الوطنية الكبرى ” و” جائزة جورج بوروجار الوطنية ” و” جائزة العمل الأول ” التي ستأخذ فيه اللجنة بعين الاعتبار جميع المشاركات الفرنسية في مختلف الفقرات (الدولية والوطنية والموازية).
كما للمهرجان ثلاث لجن أخرى موازية ذات أهمية بالنسبة للكثيرين: “جائزة المكتبات الوطنية” والتي ستُقدم لأحد الأفلام الفرنسية المشاركة في المسابقة الوطنية من لدن لجنة مكونة من ثلاث شخصيات تنتمي لمهنة الكتاب، “جائزة الأمل” والتي تتكون عضويتها من 11 شخصية ثقافية تمثل مختلف التعبيرات الدينية المُعترف بها في فرنسا من بينها الدين الإسلامي وستهم هذه الجائزة الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية الدولية، و”جائزة التجمع الوطني للقاعات والبحث السينمائي” الخاصة بالفيلم الفرنسي المشارك في المسابقة الوطنية والتي تتشكل من ثلاث مدراء القاعات وتتجسد الجائزة في مساعدة ��لفيلم الفائز بعرضه في القاعات السينمائية.
خلق لأول مرة ورشة لمشاريع أفلام وثائقية
وفي خضم هذا العرس السينمائي المتعدد العروض خص المهرجان، لأول مرة في تاريخه منذ تأسيسه، ورشة لمشاريع أفلام وثائقية طيلة يومي الخميس والجمعة (9 و10 يوليوز)، من الساعة العاشرة صباحا إلى السادسة مساء، سيعرضها أصحابها على لجنة مكونة من ثلاث محترفين (سيمون فييلد، منتج إنجليزي، وديكي بارلوفليط، مسؤولة بالمهرجان الدولي للفيلم بروتردام، وفيرجيني دوفوصا، موزعة من فرنسا) في دراسة المشاريع وبحضور المهنيين المحترفين ووسائل الإعلام المُمثلة في المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمرسيليا. فقد تقدم مجموعة من أصحاب المشاريع لإدارة المهرجان (260 مشروعا) التي اختارت منها 11 فقط لعرضها ومناقشتها والبحث لها عن ممولين ومنتجين الفرنسيين والقادمين من أقطار أخرى من العالم وهي مناسبة أيضا لمناقشة أشكال الكتابة للفيلم الوثائقي في ظل التغييرات الحاصلة في المنظومة الإنتاجية للفيلم السينمائي بسبب ظهور عناصر تقنية جديدة في الإنجاز والبث معا وهو ما خلق رؤية جديدة في الإنتاج أيضا. حضور هذه الورشة للكثيرين هو في حد ذاته إعادة التكوين لمواكبة ما سبق ذكره قبل قليل.
فبالإضافة للقاءات اليومية مع المخرجين المشاركين أو المتتبعين للمهرجان وكذا ممثلي وسائل الإعلام وورشة المشاريع السالفة الذكر، هناك ثلاث لقاءات أساسية كندوات أو موائد مستديرة لها مكانتها في مثل هذه التظاهرات الكبيرة والتي ستتمحور حول ” أسرار التاريخ ” أو كيف يمكن إعادة تصوير التاريخ والتعامل معه سينمائيا خاصة وان المهرجان يحتفل بعشرين سنة على ظهوره وهي المناسبة التي صادفت سقوط جدار برلين، وعليه فإن التاريخ يفرض نفسه بقوة لإعادة الاعتبار له والابتعاد عن ردود الأفعال العاطفية. وكذا لقاء استدعى له المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمرسيليا باقي المهرجانات الأخرى المُنظمة في أقطار حوض المتوسط لدراسة إمكانيات التعاون لكي يجد الفيلم الوثائقي أمكنة العرض في مختلف الأقطار بشكل طبيعي فضلا عن لقاء مع أحد أعمدة الفن السابع وهو السينمائي المخضرم ” جان – بيير غودان ” الذي ينتمي صحبة ” جان – لزك غودار ” للمجموعة السينمائية ” دزيغا فيرتوف “.
![]() |
الفيلم اللبناني يمثل العرب في المهرجان |
لبنان يمثل العرب في المسابقة الرسمية وورشة المشاريع
هذا الحدث السينمائي بكل ما يحمله من قوة سينمائية سواء في العرض أو البحث عن الإنتاج أو الحضور الملموس فيه لترويج المنتوج الفيلمي تبحث عن العرب فلا تجدهم وكان المر لا يعنيهم بينما ينبغي أن يكونوا في مثل هذه التظاهرات الأساسية التي تتيح لهم إمكانيات أكثر بكثير جدا من مهرجان ” كان ” على سبيل المثال لكنهم يفضلون حب الظهور في
” كان ” الذي لا يعيرهم اهتماما بينها يغيبون عن مهرجانات كمهرجان مرسيليا الذي نحن بصدد الكتابة عنه.
فالتمثيلية العربية شبه غائبة لولا لبنان الذي حفظت ماء وجه العرب بالمشاركة في المسابقة الرسمية بفيلمين وهما”1958″ لغسان صلحاب و”العائدون الأربعة من الحروب اللبنانية” لكل من مونيكا بورغمان ولقمان سليم. كما يحضر لبنان كذلك في ورشة المشاريع بفضل رانيا ستيفان بمشروعها “الاختفاءات الثلاث لسعاد حسني”. فهل الزعامة الوثائقية ما زالت تحتفظ بها لبنان الذي يؤرخ منذ سنين لمآسيه التاريخية؟.