وليام كلاين: الفنان المختلف يختزل جيلا بأكمله
فضولي ملتزم وعصبي يراقب كل شيء لا يمكن أن تقترب منه دون أن تفهم نفسيته و تركيبته الشخصية.
انه الولد المزعج الذي أثار جدلا كبيرا بعد أن صور نيويورك أجمل عاصمة في العالم و أغلقها في شكل غيتوهات و عندما سألته هل هي بالفعل غيتو رد قائلا/نعم هي كذلك رغم كل ما يلمع هناك في الظاهر.
ابن مهاجر يهودي ولد في نيويورك في 19 أبريل1928 .
رسام مصور ومخرج أفلام مجادل كان من ضمن 25 جنديا الذين أرسلوا إلى فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية في إطار الصداقة الفرانكو-أمريكية و يروي كلاين بأنه في تلك الفترة انتسب إلى السربون حيث درس المسرح والتقى الفتاة التي أحبها و ارتبط بها مدة 40 عاما ليستقر في باريس منذ العام 48.
بعد مرحلة قضاها في أوروبا اندمج كلاين بعفوية أم بإرادته في الثقافة الأوروبية و تأثر كثيرا بالحركة الثقافية الفرنسية المشبعة بحرية خارج إطار نظام العالم لذلك عندما عاد كلاين إلى نيويورك صورها برؤية أوروبية فتميز تصويره بتركيبة جديدة وأسلوب تصوير مليء بالتجريب ما جعله يكتشف وجوه أخرى للبشر.
وأسرار غيتوهات المدينة العالمية أزعج المصورين التقليدين ورفض الأمريكيون نشر هذا الكتاب البيوغرافي لكلاين لسبب بسيط كان هناك إجماع بان نيويورك ليست غيتو.
لأمريكا وجه آخر يفضحه كلاين
بعد عودته إلى باريس تبنى كريس ماركي مشروع كلاين و نشر السيرة الذاتية لكلاين عبر صور نيويورك الجدلية التي اكتشفتها عدسة كلاين المعارضة للتقليد.
يقول كلاين “الكتب عن الصور تعتبر أكاديمية وأنا أفضّل نماذج الصور التي تبدو وكأنها مرسومة.. الصور غامضة كالحياة.. كنت مقتنعا بتغيير الصور ذات الإطار الأسود. كان علي إظهار الجانب المزعج في نيويورك حيث الإشاعة فيها تنتشر بصورة فظيعة أردت إنتاج صور لها معاني مختلفة”.
ويورد كلاين : “نيويورك عرفتها وأنا في سن الشباب حيث كانت عودتي صادمة لأنني عارضت القيم البورجوازية”.
هذه النزعة الليبرالية تبناها كلاين لاحقا في سينماه.
سنة 1957 وجه له فيليني دعوة ليلتحق به كمساعد له لكن كلاين يعود بألبوم صور عن روما. ثم في الستينات صور كلاين عارضات أزياء بعيدا عن كلاسيكيات التصوير.. لمسة فاضحة أعلنت ثورة على الموضة .
لقد تميز مساره السينمائي بالتزامه بحكايا وقضايا السود حيث ساند طريقهم نحو الحرية عبر أفلام أنتجها
عن محمد على كلاي (ليتل ريتشارد ) و الريدج كليفر العضو في حزب النمور السود.
![]() |
لقطة من فيلم محمد علي كلاي الذي ينتصر للسود في أمريكا
أما فيلمه عن المهرجان الأفريقي الثقافي الأول في الجزائر في العام 1969 فيعتبر وثيقة تؤرخ لأفريقيا المتمردة على الاستعمار الساعية لإسماع صوتها وفرض هويتها .
عن فكرة تصوير الفيلم يقول كلاين:” كان من المفروض أن يصور الفيلم مجموعة من المخرجين لكن كنت محظوظا لأني أخرجت بمفردي هذا العمل و تحت إدارتي 10 مصورين حيث صورت ثلثي العمل”.
فيلم كلاين اعتمد فيه على الأرشيف بالإضافة إلى صور الحدث نفسه.
أحداث المهرجان تعتبر”أوبرا افريقية” مونتاج متتالي تكتشف الفن في أفريقيا الرقص الذي يروي أساطير و طقوس و فلكلور يعكس الثقافة الشعبية كلاين لم يصور أحداثا بل رسم بكاميراه خلفية هذه الثقافة ووجودها.
كما أخذت حركات التحرر مساحة واسعة للتعريف بقضاياها و الإصرار على تحرير الإنسان الأفريقي أنغولا /اميلكار كابرال زعيم جزر الرأس الأخضر/ والاينس من جنوب أفريقيا كلهم اتفقوا على تحرير أفريقيا.
أجمل صوت في الفيلم كان صوت أيقونة أفريقيا مريم ماكيبا حيث صورها تتمرن على أوتار الغيتار صوت ألهب مشاعر الأفارقة ووحدت ذوقهم فلم يحتمل كلاين سحرها فوقع أسيرا في غرام اللؤلؤة السوداء فصورها على المسرح و كأنها تغزو عالمااخر بفنها تغازل به الدنيا و هي تغني لأفريقيا متحدية العالم و تلامس مشاعر الإنسانية و يتعرف كلاين بان هذه السيدة أذهلته .
أما تصوير الفانتازيا والخيالة الجزائرية فكان إدراكا لتاريخ الفرسان منذ الأمير عبد القادر والأرض تروي العروبة و الإسلام و شجاعة الفارس.
كاميرا كلاين لا تصور بل ترسم وتخترق تفاصيل في التاريخ و الإنسان تدعم و هي تروي حكاية بشرية مطحونة تسعى لحفظ كرامتها.سينما وليام كلاين خاصة ومتحررة لا حدود لها تؤمن تعدد الثقافات وتعايشها.
![]() |
وليام كلاين