معرض الدوحة للكتاب: صورة الكتب وكتب الصورة
اختتمت فعاليات معرض الدوحة الكتاب والتي تواصلت من تاريخ 30/12/2009 واستمرت حتى 9/1/2010 وقد تميز بحسن تنظيمه وترتيبه حيث تتوزع الأجنحة توزيعا متقنا وتقاسمت دور النشر الدولية والمحلية والأجنبية ومؤسسات والهيئات من قطر وخارجها مساحة المعرض بأكملها. حيث بلغ عدد دور النشر (420) موزعة على أجنحة المعرض التي تبلغ (780) جناح، كما تميز المعرض بفعالياته وأمسياته الثقافية المفيدة للجمهور. وقد خصصت الندوة العلمية لهذه الدورة لتناول موضوع الترجمة في الوطن العربي. أما الدولة ضيفة المهرجان لهذه السنة فهي فرنسا.
![]() |
أحد أروقة المعرض
وبهذه المناسبة أرادت أسرة الموقع الإلكتروني للجزيرة الوثائقية أن تغطي هذه الفعالية بطريقتها الخاصة وذلك بمعرفة ما يحتوي هذا المعرض من كتب و المواد التي تتعلق بمجالنا الإعلامي والتلفزيوني ومجال الإخراج السينمائي والصورة عموما. و بالأخص مجالنا الوثائقي ومدى إقبال الجمهور على مثل هذه النوعية من الكتب .
من اللحظة الأولى لدخول يلفت نظرك الازدحام وإقبال الناس من جميع الأعمار من أطفال وشباب وكبار السن والسيدات ليس على المكتبات المقروءة بل حتى على تزاحمهم على المكتبات الرقمية. فبدأت أتجول في المعرض بين الأجنحة ودور النشر أبحث بين الأرفف وبين أغلفة الكتب فاستوقفتني بعض الكتب الإعلامية وبدأت أتصفحها لعلي أجد فيها جديدا. إلا أنني وجدت أن مواضيع وعناوين هذه الكتب قديمة وقد سبق وان قرأت عددا منها ورأيتها في معارض الكتب السابقة.
استأذنت من صاحب إحدى دور النشر المشاركة وهي دار أسامه للنشر والتوزيع مقرها الرئيسي في الأردن – عمان وصاحب الدار ومديرها العام الدكتور نبيل أبو حنتم هذه الدار بدأت في عام 1996 وعمرها 13 سنه . وقد وقع اختيارنا على هذه الدار لأنها الأكثر تخصصا في الكتب المتعلقة بالإعلام إضافة إلى مجال الإدارة والتربية والاقتصاد والإعلام …
ولمزيد من الاطلاع على حركة النشر في هذا المجال الثقافي طرحنا عدة أسئلة على الدكتور نبيل..
* دكتور نبيل يبدو أنكم اخترتم التخصص ومن النادر أن نجد دار نشر متخصصة في نوعية معينة من الكتب فلو تحدثنا عن الكتب الإعلامية ؟
بالنسبة للكتب الإعلامية هو تخصص جديد وخاصة قسم الإعلام في الجامعات الخليجية وتفرد هذا القسم بسبب الإقبال العام على الفضائيات فزادت التخصصات في فروعه وأصبح لدينا متخصصون في هذا المجال ولهذا السبب زاد الإقبال على شراء ما هو جديد في المجال الإعلامي . ونحن كدار للنشر نعتبر الدار المنفردة في تخصص الإعلام حيث عندنا حوالي أكثر من 120 عنوان في هذا المجال ونحاول أن نساير نسق الحقل الإعلامي السريع جدا .
*ما مدى إقبال الجمهور على الكتب الإعلامية ؟
للأسف المثقف العربي عموما مشغول هذه الأيام بموضوعات غير الكتب الإعلامية لكن مثلا ألاحظ أن إقبال الجمهور في قطر أصبح مميزا وتطو عن السابق قبل عشر سنوات مثلا. فهناك نقله كبيرة في انتقاء الكتب والمواضيع ومحتوياتها.
نحن كنا نتأمل من الجامعات القطرية وخاصة جامعه قطر أن تزور هذا المعرض وتطّلع على الجديد وتنتقي ما هو مفيد لطلابها ولكي وتضيف هذه الكتب في مكتباتها. فنحن نصدر شهريا كتب جديدة يحتل فيها الإعلام حيزا مهما. فلا ننس أن العلم في تطور ويذهب نحو التخصص. ونحن نحاول أن نواكب ذلك . ففي موضوعات الإعلام أصدرنا هذا العام أكثر من 40 كتابا مختلفا متخصصا في الصورة بشتى استعمالاتها.
* تحدثت دكتور عن التخصص فما مجالات الكتب الإعلامية التي تنشرونها؟
أولا لدينا كتب في مجال الإخراج والتحرير الصحفي والإذاعي والتلفزيوني والرأي العام وكتب كثيرة متنوعة في هذا المجال. وهي تخصصات مفيدة لكل المشتغلين في مجال إنتاج الصورة وتسويقها. ونحن ماضون في هذا التخصص الذي يسيطر على مجال الثقافة العربية والعالمية…
![]() |
أمام إقبال الجمهور على مكتبته خيرت أن انهي الحوار واشكر الدكتور نبيل وأودعه وقد عاد لي قليل من الاطمئنان لأنني ضفرت بشيء من ضالتي ووجدت من هو متخصص في الإعلام.
انطلقت أتجول بين أروقة المعرض لأبحث عن ما هو جديد في الإعلام وبعد بحث طويل ولندرة الكتب الإعلامية في المعرض وجدت أخيرا إحدى دور النشر التي تعرض عددا لا بأس به من الكتب الإعلامية وسألته في أسباب افتقار الكتب الإعلامية لديه في الجناح مقارنة بالكتب الأخرى بعد أن طلب مني عدم نشر اسم دار النشر أجاب..:
“أنا كصاحب دار نشر لا أفكر بكل صراحة بالكتاب وعنوانه ونوعه وإنما ما أفكر فيه هو ما نوع الكتب التي تباع و بكثرة وعليها إقبال كبير من الجمهور. انظر الكتب الإعلامية “ماليه الأرفف” و لا أحد يلتفت إليها لأن أغلبية الجمهور فئة شبابية تبحث عن كتب القصص والروايات و الكتب التي تحتوي على مواضيع غريبة، هذا الجيل تغير عن سابقه فهو يبحث عن كتب خفيفة ويبتعد عن الكتب الدسمة وكما تلاحظ هذه الكتب الإعلامية التي أحضرتها لم يبع منها شيء على خلاف الكتب الأخرى “..
وشكرت محاوري على صراحته ورجعت إلى أروقة المعرض أجول ببصري بين الأجنحة والأقسام وحاولت أن استرق النظر إلى الجمهور لأعرف نوعية الكتب فلاحظت أن الجمهور تتنوع اختياراتهم ما بين الديني والقانوني والاجتماعي والثقافي وكتب الأطفال التعليمية و الروايات والقصص.
إلا أنني لم أشاهد أي منهم أبدى اهتماما بالكتب والمواضيع الإعلامية ومن بين الزوار وجدت شابا قطريا يتصفح كتابا بعنوان (التحرير الإعلامي) فطرحت عليه سؤالي بعد التحية عن أسباب اختياره لهذا الكتاب أجاب أنه باعتباره طالب في الجامعة متخصص بالإعلام هذا الكتاب سيفيده في دراسته الإعلامية.
فسألته عما لاحظته علني أكون كونت فكرة خاطئة عن المعرض مفادها ضعف الاهتمام بالكتب الإعلامية نشرا وشراء، فأجابني “إنني منذ يومين أتجول في المعرض بحثا عن كتب إعلامية واندهشت فعلا لندرتها وقله المواضيع الجديدة ربما لقلة عدد المهتمين بها أو لأسباب أجهلها”.
بعدها قابلت أحد أصحاب دور النشر مستفسرا بعد أن رأيت الكم الهائل من الكتب و المواضيع التي لديه في جميع المجالات عن سبب عدم وجود الكتب والمواضيع الإعلامية لديه. أجاب: “إن اهتمام الناس بالكتب الإعلامية في هذا الزمن لا يتعدى 10% ثم إن كلفة هذا النوع من الكتب كبيرة بالنسبة لنا نحن أصحاب دور النشر فلا تسويق لها في المعارض حيث أن أغلب المهتمين بهذا النوع من الكتب هي الجامعات والمعاهد”.
فأردت أن استفسر هل السبب المادي وحده يعيق تداول هذه الكتب فأجابني” نحن تجار في سوق الكتب ونبحث عما يباع فنوفر المرغوب والمطلوب في السوق وهذه الكتب الإعلامية غير مطلوبة من جمهور السوق أصلا”
سألته عن رأيه في المعرض هذه السنة كصاحب دار نشر قال: “معظمنا يعاني من خسائر كبيرة حيث لم نتوقع قلة المبيعات هذه السنة إذ إننا لم نحصل حتى على قيمة ما دفعناه للمشاركة في هذا المعرض لا نعرف الأسباب حيث أن المعرض به عدد كبير جدا من الجمهور والقراء لكن المبيعات قليلة فتساءلنا هل أن عناوين الكتب غير جذابة أم إننا لم نوفر ما يريدونه من الكتب أو أن الجمهور أتى للتجول كفضول و مشاهدة فقط.”
| ||
بعد ذلك غادرت المعرض وتجول في رأسي كثير من الفكار حول وضع الكتاب والثقافة وافعلام في أوطاننا. ولم افاجأ بأن نسبة الكتب المتوفرة في المجال الإعلامي وبالأخص التلفزيوني -حسب تقديري الشخصي- لا تتعدى 2% وأنها كتب مكرره والجديد تكاد نسبته بسيطة جدا وأن أغلب الجمهور غير مهتم بالكتب الإعلامية أو المجال الإعلامي. بالتالي فإن كلا من القارئ والناشر والكاتب مسؤول على هذا الضعف رغم قناعة الجميع بسطوة الإعلام على الثقافة… فإلى متى سيبقى مفهومنا للثقافة مفهوما شموليا وعاما وقراءتنا للكتب محكومة بمقولة الثقافة العامة بعيدا عن التخصص ؟؟