أحمد محفوظ: 2010 هي مرحلة جديدة في مسار الوثائقية
بمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاقة قناة الجزيرة الوثائقية والنجاح المبهر الذي أنجزته وحققته في المجال الوثائقي والقاعدة الجماهيرية الكبيرة التي أسستها في الفترة القصيرة السابقة وبمناسبة بداية عامها الرابع الجديد كان لنا لقاء مع مدير قناة الجزيرة الوثائقية المخرج الأستاذ أحمد محفوظ
* سؤالنا الأول يتناول حصاد السنة المنقضية وما أنجزته القناة خلال 2009 ؟
عندما نريد أن نتكلم عن القناة الجزيرة الوثائقية في عيدها الثالث وبداية سنتها الرابعة لعلنا نقول وكما قلنا في العام الماضي هي بمثابة المؤشر لنا حتى نقيس بها أعمال عام مضى ونقيس بها رؤيتنا الواضحة بالشكل الذي يؤهلنا لدخول عام جديد عام يحمل في طياته الكثير من المعاني والعلاقة بيننا وبين المشاهدين.. عام جديد من إثراء الشاشة العربية بموضوعات جديدة تهم وتهتم بالمشاهد العربي.. عام جديد يؤهلنا ويجعلنا ننظر إلى أنفسنا نظرة موضوعيه نقيم فيها أعمالنا في السنوات الثلاث الماضية. نقيم فيها مدى اهتمامنا بإثراء الثقافة العربية فمن خلال الأفلام التي نعرضها على الشاشة.. إنه عام جديد من دفع عجلة صناعة الأفلام الوثائقية في العالم العربي إلى الأمام.
نقول وبشكل موضوعي إن للجزيرة الوثائقية مازالت هي حصن صناعة الأفلام الوثائقية في الوطن العربي وهي أكبر ممول للأفلام الوثائقية وكما يعلمه الجميع إننا نعرض الوثائقيات على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع وبواقع أربع ساعات من البرامج الجدية يوميا وهذا الفضل يرجع إلى الجهد الكبير الذي يبذل من قبل موظفي القناة الوثائقية والخبرة التي اكتسبوها على مر الثلاث سنوات التي مضت في كيفية اقتناء أفضل ما تقع أعينهم عليه للمشاهد العربي.
* أستاذ أحمد لو تحدثنا قليلا بلغة الأرقام ماذا حققت القناة بالضبط ؟
في عام 2009 كانت هناك ملاحظات جيدة عن السنة التي قبلها حيث تم وضع خطة تتفق مع الخطة الثلاثية للجزيرة الوثائقية والتي نطمح فيها إلى رفع عدد ساعات الإنتاج إلى 40% مما يعرض على الشاشة والتي كانت نسبتها 8% في عام 2008
وكان الهدف في 2009 إنتاج 360 ساعة ولكن مع الأزمة الاقتصادية العالمية والتي كان لها تأثير قوي على جميع المؤسسات الإعلامية وشركات الإنتاج رأينا من الحكمة أن لا نقوم بالإنتاج على مثل هذه الشاكلة وأن نقوم فقط بإنتاج 180 ساعة بزيادة قدرها 40 ساعة عن العام السابق وبالتالي قمنا بوضع الخطة والميزانية على هذا الأمر وبدأنا في العمل في بداية عام 2009 ووصلت تعاقداتنا إلى ما يزيد عن 190 ساعة وليست 180 ساعة كما توقعنا وهذا إنجاز كان طيبا للقناة في مثل هذه الظروف.
وفيما يتعلق بالإنتاج والمشتريات في القناة لدينا شريك هام جدا في القناة وهو شركات الإنتاج التي نتعامل معها وقد تستغرب لتسميتي لهم بالشركاء لأننا بدون هؤلاء لا نستطيع أن نقدم الكميه والجرعات الهائلة المطلوبة للجمهور العربي على الشاشة ففي عام 2008 كان عدد الشركات المتعامل معها حوالي 22 شركة إنتاج أما في الوقت الحالي فقد تضاعفت ثلاثة أضعاف عما كانت عليه حيث وصلت إلى 66 شركة إنتاج ومعظمهم من العالم العربي ومنهم من يصور داخل الوطن العربي وخارجه وما زلنا في مرحلة بحث وجهد كبير للتعاون مع منتجين ومخرجين أكثر فنحن نعتبر أكبر مؤسسة تقوم بالصرف على إنتاج الأفلام الوثائقية في العالم العربي .
أما بالنسبة إلى مشتريات للبرامج الوثائقية كان هدفنا في سنة 2009 أن نوسع رقعة مصادرنا حيث كانت في عام 2008 عبارة عن برامج من BBC وأوروبا وأمريكا لكن في سنة 2009 بدأنا نتواصل ونفتح آفاقا ومحاور جديدة للتعاون مع آسيا وأفريقيا ومستوى أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الأمريكية وبذل مجهود أكبر في التعاون مع المنتجين والمخرجين .
![]() |
أحمد محفوظ مدير الجزيرة الوثائقية
* هذا فيما يتعلق بالمشتريات فما نصيب الإنتاجات الداخلية للقناة ؟
إننا ننتقي أفضل المواضيع لإنتاج البرامج الوثائقية والتي يكون فيها أكبر تنوع في جميع المجالات العلمية والتاريخية والثقافية والاجتماعية والصحية والفنية وغيرها، والتي نريد أن نسلط الضوء عليها لكي تفيد المشاهد العربي بقدر الإمكان وتنعكس إيجابيا.
فمثلا عندما نأخذ على سبيل المثال إنتاجنا لسلسلة بعنوان بصمات منوعه من شخصيات تمثلت في: أبو القاسم الشابي (شاعر) وأنيس الصايغ وتوفيق صالح وسيد درويش وطلعت حرب كنموذج اقتصادي حر متحرر من قيود الاستعمار وعنده أفق واسع في هذا الأمر… فهم أناس لهم بصمات إيجابية في تاريخ الوطن العربي والإسلامي
كما أنتجنا سلسلة أخرى تمثلت في بعض الزعماء والشخصيات التي لا يعرف عنها المشاهد العربي الكثير خاصة من أبناء هذا الجيل. مثل عبد الكريم الخطابي وعبد القادر الجزائري وسلطان باشه الأطرش والمناضل يوسف العظمة والبطل أحمد عبد العزيز والرئيس السابق لمصر محمد نجيب والنقابي العظيم فرحات حشاد المناضل تونسي المعروف. كل هؤلاء لم يتم تسليط الضوء عليهم من قبل بالشكل الكافي.
* بما أنك تطرقت إلى برنامج المناضل التونسي فرحات حشاد والذي يعتبر من ضمن البرامج التي تميزت الجزيرة الوثائقية في إنتاجها والتي حازت على إعجاب المشاهدين وأحدث ضجة إعلامية كبيرة فما تعليقك ؟
كما تطرقت سابقا نحن في القناة نبحث عن أهم المواضيع المهمة والشخصيات التي لها بصمه في تاريخ الوطن العربي والتاريخ الإسلامي وغيرها. وموضوع فرحات حشاد كان أحد المواضيع الذي سعينا جاهدا إلى إنتاج برنامج يعرف به وبنضاله. فتم التعاون مع منتج من منتجينا الموجودين في فرنسا وتم عمل الفيلم وعرضه على الشاشة. في الحقيقة نحن لم نكن نتوقع إنه سيكون بضخامة ردود الفعل من قبل الجمهور ومن السياسيين ومن كل الناس خاصة من المغرب العربي وفي فرنسا. فبعد عرض الفيلم فوجئنا إنه أثار ضجة كبيرة وأن أهل الزعيم الراحل فرحات حشاد سيقومون بالدفع لإعادة التحقيق في مقتله لأنهم كما ذكروا كانت جريمة سياسية متعمدا. ولم يكن قتلا جنائيا حيث إن منتج العمل ومخرجه استطاعا أن يحصلا على معلومات وعلى تصريحات مصورة من أحد عملاء الاستخبارات الفرنسية الذين اشتركوا في مقتل فرحات حشاد والذي كان من ضمن منظمه الأيدي الحمراء متطرفة التي تعمل لحساب الاستعمار الفرنسي.
![]() |
الشهيد فرحات حشاد
* أمام هذا النجاح هل هناك الآن منافسين لقناة الجزيرة الوثائقية يحاول استقطاب مشاهديكم في ظل ظهور قنوات وثائقية جديدة ؟ ثم هل من تعاون فيما بينكم ؟
التنافس شيء جيد وخاصة في الإعلام يجعلك تبحث دائما عن الأفضل والتميز.نحن في الجزيرة الوثائقية – وكما ذكرت لك- أول قناة متخصصة عربيه تعمل في عرض الوثائقيات وإنتاجها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وهذا إنجاز ضخم.
اليوم الجزيرة الوثائقية صنعت قاعدة كبيرة من الجمهور العربي يهتم بالوثائقيات في فتره وجيزة. وبناء على آخر دراسة عن عدد مشاهدينا في الوطن العربي فقد بلغوا 20 مليون مشاهد وهذا يمثل رقما ضخما للمشاهدين وإذا كان هناك قدر من التنافس فأهلا وسهلا ولكن بالرغم من وجود القنوات الجديدة التي قد يبدو أنها تنافس الجزيرة الوثائقية إلا أنني أقول مازالت الجزيرة الوثائقية لديها حالة من التفرد لأكثر من السبب :
أولا إننا نعرض البرامج 24 ساعة متواصلة وهذا أمر لا يحدث في القنوات الأخرى .
ثانيا نحن لدينا إنتاج خاص بنا يوضح هوية القناة .
ثالثا الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها الجزيرة الوثائقية وموظفيها عبر اقتناء واختيار الأفلام التي تهم المشاهد.
رابعا إننا نحافظ على اللغة العربية في القناة كأولوية قصوى فنحن نهتم أكثر بعمل الدبلجة أكثر من عمل ترجمة حرفية للصورة وبالتالي نحن نحافظ على طابع الثقافة واللغة العربيتين.
أما بالنسبة إلى التعاون بيننا وبين القنوات الأخرى نتعاون فيما نتفق عليه حيث قمنا باجتماعات مع الكثير من القنوات والتلفزيونات العالمية الضخمة والعريقة في الوثائقيات وأثمرت هذه الاجتماعات عن بعض التعاون بشرط إذا توافقت مع رؤيتنا.
وقد بدأنا بالفعل نقتني منهم بعض أعمالهم وهم بدؤوا أيضا في الترتيب لشراء بعض أعمالنا حيث طلبت منا إحدى القنوات الأوروبية برامج لعرضها في العالم الغربي لتعرفهم عن العالم العربي الإسلامي لهم مثل إسلاميون رمضان ومدينه وغيرها .
![]() |
التعاون الآخر الذي أسعى إليه بقوة وبشده هو التعاون في الإنتاج المشترك لأنه يخدم صناعة الوثائقي في العالم العربي ويضع الوثائقية في مصاف المؤسسات الإعلامية الضخمة المتخصصة في المجال. إضافة إلى أنه يفتح المجال لآفاق جديدة في طرح موضوعات وأفكار ذات اهتمام عالمي. فنفكر وبجدية في إنتاج أعمال ضخمة بالاشتراك مع مؤسسات أخرى متخصصة وعريقة يكون ذا قيمة عالمية وينجزه نخبة من المتخصصين والخبراء والعاملين في حقل السينما عموما والسينما الوثائقية بشكل خاص.
* سؤالنا الأخير هوعن جديد القناة الوثائقية في 2010 ؟
ستمثل 2010 مرحلة جديدة في مسيرة القناة عبر التركيز على مستويين الأول بتجديد الشكل حيث ستشهد الشاشة تحديثا في مستوى الجرافيك بجعلها أكثر رشاقة وحيوية وألوانها أكثر جاذبية لتنشيط أعين المشاهد .
أما المستوى الثاني فهو التطوير في المضمون. فقد حددنا خطة لشراء الأفلام وقد نصل فيها إلى 1500 ساعة والى إنتاج 250 ساعة بزيادة بحوالي 60 ساعة عن عام 2009 . وما سيلاحظه المشاهد تغيرا في جدولة البرامج التي ستحتوي 6 ساعات يوميا من الإنتاج الجديد وليست 4 ساعات كما في السنوات الثلاث الماضية. كما سيكون هناك تنويع في المضامين خلال فترات اليوم حيث ستخصص الفترة الصباحية للأفلام الوثائقية ذات الطابع الاجتماعي بينما سترتكز فترة الظهيرة على أفلام المغامرات والرياضة والاكتشافات في حين ستخصص أفلام المساء للتاريخ والفنون وغيرها.
هذا ونتمنى أن يكون هناك رد فعل جيد من الجمهور تجاه هذا الأمر وأن نخدم بهذا الشكل الجمهور أكثر ونستطيع التواصل معه بشكل أفضل .
أما المشروع الأخير فهو إننا سنقوم بنشر كتاب من خلال موقعنا الالكتروني في إحدى المستويات المهمة في الموقع وهو مستوى المجلة الوثائقية هذه المجلة هي عبارة عن مجلة فصلية كل ثلاثة أشهر يتم تجديدها ونقوم فيها بعمل عرض لأبحاث نظرية و تنظيريه عن صناعة الأفلام الوثائقية وعن الصورة وفلسفة الصورة وعن علم النفس السينمائي وهي إلى حد ما مرجع نظري يمكن أن يرجع إليه المهتمون والمتخصصون في هذا المجال. فنحن سنأخذ أهم هذه المقالات لأهم النقاد الذين اشتركوا في هذه المجلة وسيتم طبعها باسم الجزيرة الوثائقية ونشرها بالتعاون مع مركز الدراسات في شبكة الجزيرة .