نور الدين الصايل: مراكش مهرجان لسينما العالم
كانت الجزيرة الوثائقية حاضرة في مهرجان مراكش الأخير وتابعت أغلب أفلامه. وقبل انتهاء المهرجان أجرينا حوارا مع مديره السيد نور الدين الصايل. الذي استقبلنا في مكتبه بكل حفاوة.
ونور الدين الصايل يشغل إضافة إلى إدارةمهرجان مراكش الدولي للفيلم، منصب مدير المركز السينمائي المغربي. ويعتبر من جيل المؤسسين في السينما المغربية. وقد شغل عدة وظائف قبل ان يرأس المركز السينمائي ومن أهم تلك المناصب منصب مدير الانتاج في القناة الثانية المغربية وقبلها في بعض القنوات الفرنسية. وهو في الأصل خريج فلسفة وكاتب سيناريو.
************
* يُتّهم المهرجان في كثير من الصحف بأنّه ذو توجّه غربي ويبدو ذلك حتى في اللغة المستعملة بشكل يومي في المهرجان ، فهو لا يشرك السّينما العربيّة كثيرا
اتّهام خاطئ لا معنى له. المهرجان مفتوح لكلّ الطّاقات و نحن نختار الأفلام ذات المستوى الرّفيع و هذا يعود إلى حريّتنا في الاختيار كما أن إمكانيّاتنا الماديّة لا تسمح بدعوة الجميع و من يرغب في المشاركة عليه بذل مجهود فنحن لسنا ضدّ الغرب أو الشّرق ، نحن مع السّينما.
أما موضوع اللغة فلغة المغرب هي اللّغة العربيّة وقد يتحاور النّاس بالفرنسيّة أو الإنجليزيّة أو الإسبانية ..و لا عقدة في ذلك. وأعتقد أن هذه النقاشات التي تتناول المغرب و لمشرق أو العرب والغرب في موضوع السينما علينا أن نتجاوزها فنحن ننظّم مهرجانا و نريد له أن يكون رفيع المستوى و نرحّب بكلّ الطّاقات.
نور الدين الصايل
* أستاذ الصايل أردنا فقط أن ننقل لك بعض ما يقال عن مهرجانكم في بعض الصحف العربية وحتى المغربية. وغايتنا من الحوار أن نقترب أكثر من فلسفة المهرجان..
يسعى مهرجان مراكش إلى التعريف بكلّ سينما العالم. فيختار ما يُنتَج من أحسن الأفلام. كما ينتقي لجنة تحكيم عالية المستوى. ويترك للجمهور حرية استكشاف هذا الإنتاج.
من ناحية أخرى أراد المهرجان أن يكون هناك حوارات، ولقاءات بين المخرجين المغاربة والأجانب، وأن يتعرّف المنتج الأجنبي على المهرجان و على السّينما المغربيّة.
لقد أردنا أن يكون المهرجان في مستوى عال من الحرفيّة والمهنيّة وأظن أنّنا في طريق تحقيق هذا الطّموح ، وذلك بأن أصبح هذا المهرجان في مرّاكش يرقى إلى المستوى السّينمائي العالمي و يعدّ الآن من ضمن أحسن عشر مهرجانات في العالم.
![]() |
لجنة التحكيم برئاسة عباس كيورستامي
*ما هي مقاييس اختيار الأفلام ؟
لدينا لجنة من ثلاثة أو أربعة أعضاء أنا أحدهم نشاهد مجموعة هائلة من الأفلام ونوزّع مجهوداتنا. فمنّا من يذهب إلى مهرجان “كان” ليتعرّف فيه على كلّ الأعمال في طور الإنجاز. ومنّا من يذهب إلى مهرجان “بوسان” في آسيا أو تورنتو وكذلك إلى برلين والبندقيّة باختصار نذهب إلى كل المهرجانات الكبرى شرقا وغربا…
نذهب لا لنشاهد الأفلام التي تمّ اختيارها فقط بل لنشاهد حتّى الأفلام التي تكون على هوامش هذه المهرجانات. ثم تصلنا كميّة هائلة من الأفلام نشاهدها ثم نجتمع لنحصر الاختيار في مجموعة تصل إلى مائة فِلْم. وهكذا نبدأ الاختيار حتى نبلغ أربعة عشر أو خمسة عشر فلما …
* كم فلْما تشاهدون في السّنة ؟
أنا شخصيا أشاهد سنويّا مائة وعشرين أو مائة وثلاثين فلما تقريبا والأعضاء الآخرون يشاهدون عددا أكثر من الأفلام فهم يتفرّغون للمهرجان وتنظيمه أما أنا فالتزاماتي لا تسمح لي بمشاهدة أفلام أكثر. في الجملة نشاهد أربعمائة فلْم إجمالا ونتبادلها فيما بيننا للمشاهدة .
* من الملاحظات المحورية على افلام المهرجان أن أفلامكم ليست أفلام تلفزيون..
هي أفلام موجَّهة للسينما فقط فنحن من جيل السّينما الحقيقيّة التي لا تساوم. أما كون السّينما تستخدم التلفزيون لتصل إلى الجمهور فهذا أمر محمود و أساسي ولكن على مستوى إنتاج الصّور السّينمائية ومخيّلة الرّواية السّينمائيّة فالسّينما لها خصوصيّتها والمهرجان يحترم تلك الخصوصية ويسعى على ترسيخها خاصة في أذهان جيل الشباب الذين تلقوا السينما من خلال التلفزيون وليس من خلال دور العرض.
* من الملاحظات أيضا في في هذا المهرجان أن الوثائقي مظلوم..
المهرجان مسابقة في الفلْم الروائي و هو مازال في بدايته، لكن هذا لا يمنع أن تكون لنا مسابقة لأنماط أخرى من الإنتاج السّينمائي بما في ذلك الفلْم الوثائقي الذي نكنّ له كلّ الاحترام. مبدأنا أن لا نحكم على أنفسنا بعدم التّطوّر ليبقى المستقبل مفتوحا إنشاء الله.
* ما نصيب الفيلم الوثائقي من فم السينما..
الوثائقي من الفن وإليه. فعندما نصوّر و نوضّب الصّور و الأصوات و نختار زوايا التصوير ندخل إلى عالم الإبداع الفنّي سواء كان العمل وثائقيا أو روائيَا أو غيره …. ثم إن الخيال عنصر ضروري في الفيلم الوثائقي على عكس ما يعتقد الكثيرون بأن الوثائقي هو نسخ للواقع. هو نقل للواقع ولكن بطريقة فنية وإبداعية. ومن وظائف الإبداع الفني أن يلفت النظر لزوايا في المجتمع لا يراها الإنسان العادي ويراها الفنان بعين الإبداع. وهذا ما يجب أن يتوفر في الفيلم الوثائقي.
![]() |
السينما في ساحة الفنا
* أخيرا المهرجان و المدينة .. أية إضافة ؟
المهرجان دولي ويعبّر عن دولة كالمغرب لكنّه في الآن نفسه منغمس في مدينة مرّاكش وسكّان مراكش يعتبرون المهرجان ملكا لهم فمرّاكش حاضرة في قاعات العرض و في الشوارع. نحن لا نصنع مهرجانا ليصوَّر بل نصنع مهرجانا للعالم بأسره و لسكّان هذه المدينة الذين يستمتعون بمرافقة صنّاع السّينما.
كما لدينا هوامش إنسانيّة يضطلع المهرجان بإظهارها والاهتمام بها مثل اهتمامنا بالمكفوفين ، فقد عرضنا أفلاما خاصّة بهذه الفئة من النّاس. هناك محاضرات أيضا في مدارس مرّاكش و جامعتها، كلّ هذا يبيّن أنّنا لسنا منفصلين عن عالم هذه المدينة بل نحن منفعلون و متفاعلون مع نبض الحياة وتطلعات المدينة.