رمسيس مرزوق : تمنيت ان اكون عالم ذرة

السينما المعاصرة تعتمد على الصورة كلغة سينمائية تحتل مرتبة هامة جدا فى العمل الفنى،ونحن بصدد شخصية فنية متميزة ،أعماله جعلت الصورة هى الرسالة التى لايمكن للكلمات أن تقولها أو تصفها ،الوثائقية التقته بمناسبة تكريمه في مهرجان القاهرة في دورته الحالية وكان هذا الحوار:

حوار: سميرة المزاحى

ماذا يمثل لك التكريم ؟
التكريم الحقيقى للفنان ليس مجرد درع واحتفالية وضجة مؤقتة ،ولكن يكفينى أن التكريم جاء من بلدى مصر ومن مهرجان دولى كبير مثل مهرجان القاهرة الدولى  ،وهذا سر سعادتى التى أعيشها هذه الأيام.

خلال 40 عاما تم تكريمك فى عدة مهرجانات دولية ،ماذا تتذكر منها؟
بالفعل فقد حصلت على مايقرب من 26 جائزة دولية ومحلية ،وأكثر تكريم أسعدنى هو ذكر أعمالى فى الكتاب الفرنسى المشهور “قاموس السينما العربية” ،الذى أعده الناقد السينمائى الفرنسى “كلود ميشيل كلونى”، وكذلك تم تكريمى فى كتاب خاص أصدرته أكاديمية الفنون البريطانية فى لندن بالإشتراك مع أكاديمية الفنون بأمريكا بمناسبة المئوية السينمائية فى العالم تحت إسم “100 سنة سينما فى العالم”،وأفردت صفحتين من هذا الكتاب عن أعمالى كمدير تصوير من ضمن مجموعة من أهم السينمائيين فى العالم.

هل إنتابتك لحظات خوف من تصوير عمل ما؟
الخوف دائما بداخلى عند كل عمل أقوم به ،فالوصول للقمة سهل ولكن الحفاظ عليها هو الأمر الصعب ،فالقمة ليس لها نهاية ،وبمجرد الوصول إليها يبدأ السباق.

هل ترى فى جيل اليوم عشق للإبداع فى التصوير أم تغلب عليهم السطحية؟
جيل اليوم على وعى تام بما يدور من حولهم ،وقد عمل معى عدد من خريجى قسم التصوير السينمائى كمصورين وآخرين كمساعدى مصورين،وبالفعل وجدت لديهم الإستعداد للتعلم والاستفادة بخبرات كل من سبقوهم.

من هو أكثر المخرجين وجدت صعوبة فى التعامل معه؟
يوسف شاهين ،فمن عادتى قبل تصوير أى عمل أن أقوم بقراءة السيناريو عدة مرات ،فاالإضاءة هى التى تؤكد وحدة القصة والسيناريو والحوار وكذلك وحدة المكان ،وكانت تحدث بيننا مناقشات كثيرة ويحتد كل منا منحازا لرأيه ولكن فى النهاية كان يقتنع بوجهة نظرى ويسمع الكلام (رحمه الله) .

مع الزميلة سميرة المزاحي

كانت لك تجارب إخراجية قليلة، فلماذا لم تحترف العمل الإخراجى ؟
تجاربى فى الإخراج لم تكن بهدف الإحتراف ،ولكن لكى أقوم بالسيطرة على المادة الفيلمية بإعتبارها بحث علمى ،وأذكر أول فيلم قمت بإخراجه هو الفيلم التسجيلى القصير (الرهبنة فى مصر)،وقمت بتصويره فى الصحراء ،وبالمناسبة كانت أمنيتى وأنا طفل أن أصبح مطرانا فقد كنت أراه دائما يلقى الحب والإحترام من جميع الناس.

وماذا عن ظهورك فى لقطات من أفلامك ؟
ظهورى فى بعض اللقطات للأفلام التى أقوم بتصويرها يعطينى نوعا من الراحة النفسية ويحقق رغبة بداخلى وهى أن أقف تحت الضوء وأن تنتقل صورتى من خلال هذا الضوء إلى الشاشة.

من وجهة نظرك..ماهى الأسباب الحقيقية لأزمة السينما فى مصر؟
أزمة السينما هى أزمة مركبة فهناك عدة عوامل ساعدت على تضخمها أهمها الأجور الباهظة المبالغ فيها للفنانين ، كذلك دور العرض فقد جاء وقت أغلقت فيه دور العرض التى كانت قد وصلت لحالة سيئة نتيجة إهمالها ،وقتها كان هناك 50 مليون مصرى فى مقابل 200 دور عرض ولكن الآن وبعد ظهور الشركات الجديدة التى قامت بتقسيم دور العرض إلى صالات صغيرة تحوى 5 أو 6 شاشات عرض ،كان من المفترض أن تحل الأزمة.. ولكن .. حل محل ذلك حرية الفيلم الأمريكى ،فأصبحت تلك الصالات تعرض الفيلم الأميركى ولاتعرض المصرى ، كذلك عامل التوزيع فقد أثرت العلاقات السياسية بين البلاد العربية على نسبة التوزيع حتى أن بعض البلاد العربية لم تسمح بدخول الفيلم المصرى لأراضيها .
ويضيف د/مرزوق متأسفا:”ومما زاد من أزمة السينما ظهور القناصة وسرقة الفيلم قبل عرضه وقبل توزيعه “.

وماهى اقتراحاتك لحل أزمة السينما فى مصر؟
لحل هذه الأزمة علينا الاستفادة من تجارب الآخرين مثل التجربة الفرنسية والتجربة الإيطالية،فقد مرت السينما الأوروبية بأزمة نتيجة هجوم الفيلم الأميركي على الجمهور الأوروبى ،فأدى ذلك لإنكماش الفيلم الأوروبى ،فقامت فرنسا بإتخاذ قرار الإعفاء من جميع أنواع الضرائب على الأفلام التى تحمل معانى الفن والتجربة وكذلك سمحت بالإعفاء الضريبى لصالات العرض التى ستقوم بعرض تلك الأفلام ،وبذلك حدثت الزيادة فى إيرادات الأفلام.
إضافة لذلك أقامت فرنسا “مركز قومى للسينما”فى كل بلدة ليقوم هذا المركز بالمساهمة مع المنتجين فى إنتاج أفلامهم وإعطائهم منح ليقوموا بإنتاج أفلام على مستوى جيد ،وساهم أيضا التليفزيون الفرنسى بإنتاج مشترك ، وبذلك أصبح المنتج لايخاف الخسارة.

في احد معارضه التشكيلية

ومارأيك فى سيطرة أفلام الكوميديا اليوم على سوق السينما؟
أفلام الكوميديا فى هذه الأيام جعلت “السنيد”بطلا يربح الملايين ، إضافة إلى أن تلك الأفلام لاتوجد بها صورة أو حركة أو ديكور ،عكس الأفلام القديمة لم نكن نرى فيها فكرة البطل الأوحد وكانت تحمل مضمون ثرى،وأنا أرى أنه لابد من عمل محاولات جدية للسيطرة على سوق السينما فى مصر .

فى الفترة الأخيرة إتجه معظم السينمائيين للدراما التليفزيزنية،لماذا لانرى لك أعمالا فى الدراما التليفزيونية؟
تجربتى الأولى فى التليفزيون كانت من أجل الفنانة القديرة فاتن حمامة التى لم أرى فى حياتى فنانة فى مثل إلتزامها وطاعتها التى لانهاية لها،فالممثل هو مركز الاهتمام الرئيسي فى المنظر السينمائي لذلك أقوم بتوزيع وضبط الإضاءة بالنسبة للممثل بما يتماشى مع الجو العام للعمل ،ومهما أستغرق ذلك من وقت تظل هى واقفة وترفض الاستعانة بدوبليرة لضبط الإضاءة كما يفعل الكثيرين.

إذا لم يكن دكتور رمسيس مدير تصوير فماذا كان يحب أن يكون؟

كان حلمى الدائم قبل الدخول للجامعة أن أكون “عالم ذرة” وأن يكون لى معملى الخاص بالصحراء ولكن الثانوية العامة تسببت فى تحطيم هذا الحلم لرسوبى فى اللغات ،ويعود الفضل فى صمودى وإثباتى لذاتى للدكتور عثمان أمين أستاذ الفلسفة الذى قال لى :”النجاح ليس بالدراسة ولكن النجاح بإتقان العمل الذى تقوم به”.
وعندما كبرت علمت أن تلك الأحلام تنحصر فى رغبتى الدائمة أن أكون مشهورا.


إعلان