الجمهور الأوروبي يشاهد “عين الحلوة “

بدأ منذ منتصف الشهر الجاري عرض فيلم “عين الحلوة” الوثائقي في مدينة موناكو الإيطالية وذلك بحضور متابعين للشأن الفلسطيني ونقاد ومخرجين سينمائيين وجمهور إيطالي واسع.

ومن المنتظر أن تتلو الافتتاحية جولة في دول أوروبية عديدة وذلك بهدف تعريف الجمهور الأوروبي بالظروف القاسية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان، وتوضيح حقيقة ما يجري فيها.

وفيلم ” عين الحلوة” الوثائقي الذي كان ثمرة 23 ساعة تصوير تم اختيار 26 دقيقة منها،  من إنتاج المؤرخ اليوناني نيكولاوس كليتسيكاس والمخرج السينمائي مانولليس ذيميلاس اللذان زارا مخيمات العاصمة والجنوب اللبنانيين خلال الفترة الماضية حيث صورا واقع اللجوء الفلسطيني من خلال ساعات عديدة من التصوير والعديد من المقابلات.
وقال كليتسيكاس في حديث مع الجزيرة الوثائقية إن المسألة الفلسطينية شغلته منذ السبعينات من القرن الماضي، حيث زار المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا والأردن مرات عديدة، كما زار لبنان مرات عديدة منها مرتان خلال هذا العام.

وأوضح كليتسيكاس أن المواطن الأوروبي العادي لا يفقه الفرق بين المخيمات الفلسطينية في الدول العربية، حيث إنها في لبنان تعيش ظروفا صعبة للغاية مقارنة بما هي عليه في بلاد أخرى مثل سوريا والأردن، ولا تقتصر الفروقات على الظروف المعيشية بل تتعداها لتشمل الحقوق وسائر نواحي الحياة.

وقال المؤرخ اليوناني إن منظمة “ثابت”  لحقوق اللاجئين في لبنان سهلت له ولزميله القيام بمهمة التصوير بين شوارع المخيمات الفلسطينية في بيروت وجنوب لبنان وذلك بعد التنسيق الذي قامت به جمعية الصداقة الفلسطينية اليونانية معها، ولولا تلك المساعدة لما تمكنا من تحقيق الهدف.

وأوضح أن تسمية الفيلم جاءت عندما فهم ترجمة “عين الحلوة” إلى اللغة الانكليزية حيث أوحت له بفكرة عنوان الفيلم الوثائقي، رغم أنه يتحدث عن أكثر من مخيم في وسط وجنوب لبنان وليس عن مخيم عين الحلوة وحده، وذلك في إشارة منه ومن زميله لفكرة المقاومة والتحدي التي أرادا أن يمرراها لمشاهدي الفيلم الوثائقي.

وحول ملامسة لتطلعات ومعاناة الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان، قال كليتسيكاس إن الغالبية العظمى منهم، على اختلاف انتماءاتها وثقافتها ومستواها المادي، ترغب في العودة إلى بلادها وتعتبر وجودها في لبنان مؤقتا إلى حين عودتهم إلى بلادهم، أما أهم ما يعانون فيه فهو حرمانهم من الحقوق الإنسانية البسيطة مثل التملك والبناء والمحاصرة المستمرة داخل المخيمات، والحرمان من العمل، كما أن الأطفال يضطرون للمشي مسافات طويلة جديدة للوصول إلى المدارس وبعضهم محروم منها، محملا المسؤولية الكبرى في هذا الموضوع للأمم المتحدة.
واعتبر كليتسيكاس أنه من الخطأ أن تعتبر جهات لبنانية أن تحسين أوضاع الفلسطينيين في مخيمات لبنان يعني تخليهم عن المطالبة بالعودة إلى بلادهم، مستشهدا بأحوال الجيل الأول والثاني من الفلسطينيين في أوروبا والذين يعيشون ظروفا أفضل بكثير من ظروف مخيمات لبنان وهم مع ذلك أشد مطالبة بحق العودة وأنشط في الدعوة إليه.

وشدد كليتسيكاس على أهمية توفير الدراسات المناسبة للشباب الفلسطينيين في مخيمات لبنان، وعلى توفير العمل الذي يساعدهم على العيش بكرامة، حيث إن الحالة الراهنة وتكدس الشباب في طوابير البطالة والضغط الدائم يجعلهم عرضة للتأثر بالدعوات والتيارات المختلفة.

حول الرسالة التي أراد الوثائقي إيصالها للمشاهد الأوروبي قال إن الوثائقي يريد أن يوصل لشعوب أوروبا الرسالة التالية : “على بعد ساعتين بالطائرة من قبرص التي تنتمي للاتحاد الأوروبي هناك محاولة دائمة لتدمير وتحطيم شعب بأكمله دون أن يهتم أحد بالموضوع، والمسؤولية الأولى تتحملها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها والتي تتغنى دائما بما تقدمه لأولئك اللاجئين المفترض أنهم محميّون منذ عام 1948، فيما هم يعيشون في ظروف بالغة القسوة”
 

معايشة للواقع

مانوليس ذيملاس مصور ومخرج الوثائقي أوضح في مقابلة مع الجزيرة الوثائقية أنه كان لا بد من معايشة الواقع الفلسطيني في مخيمات لبنان كما هو، ولهذا فقد بات مع زميله كليتسيكاس في تلك المخيمات أياما عديدة في البيوت المتواضعة الباردة، مضيفا أن الإقامة في الفنادق الفخمة المحيطة في المناطق المحيطة بالمخيمات لم تكن صعبة، لكنها كانت ستبعد منفذي العمل عن الجو الحقيقي للمخيمات وما يعانيه أهلها من مصاعب وظروف شاقة، معتبرا أنه لم يرد أن يمر وزميله من المنطقة ” كسائحين أجنبيين”.

عرض الفيلم في مدرسة إيطالية

وفي مقابلة مع الجزيرة الوثائقية قال نادر العبادلة رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية إن منظمي مهرجان الفيلم في نابولي لما علموا باعتزام مدارس إيطالية في المدينة القيام برحلات لطلابها إلى المعتقل النازي الشهير أوشفيتز، طلبوا من تلك المدارس الموافقة على عرض الفيلم الوثائقي أمام الطلاب لكي تكتمل لديهم الصورة حول ما يعانيه الفلسطينيون في مختلف الأنحاء بسبب الاحتلال الإسرائيلي الذي حرمهم من أرضهم وديارهم، وبالفعل وافقت بعض المدارس وتم عرض الفيلم على تلاميذها الذين أعربوا عن ذهولهم للصور والظروف التي رأوها، وكان ذلك، يضيف العبادلة، إسهاما في تعديل الصورة وتخفيفا من البروباغاندا التي تحاول إسرائيل من خلالها استغلال مأساة اليهود في سجون النازية لتبرير جرائمها بحق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.


إعلان