مهرجان تطوان: شباب المتوسط في معركة أثبات الوجود
حسونة المنصوري
يمثل مهرجان تطوان الدولي لقاءا مباشرا بين الثقافات المتوسطية حيث أنه من المناسبات القلائل التي يتنافس فيها أفلام من الضفتين الشمالية من جهة والجنوبية من جهة أخرى بشكل مباشر وحصري. فلايخفى على أحد أن الفروق عديدة بين هده وتلك لا من ناحية امكانات الانتاج المادية والهيكلية فقط ولكن أيضا من وجهة نظر تقاليدالكتابة وملائمة المكونات الثقافية والسنمائية. ولعل الدورة السادسة عشرة لهدا المهرجان, والتي تناسب عيد ميلاده الخامس والعشرون, تؤكد هدا الفارق ولكنها في الآن نفسه تبين أنه يمكن رفع التحدي خاصة ادا ما تعلق الامر بجيل المخرجين الواعدين.
لئن مازال يصعب على مخرجي الجنوب افتكاك مشعل الريادة ي ميدان الأفلام الروائية, فايطاليا واسبانيا حازتاعلى أهم الجوائز, ولئن ما زال الفلم الوثائقي حكراعلى رصد آلام الجنوب, فان الأمل قادم من ناحية الشريط القصير حيث يبدو ان المساواة ممكنة بين الأجيال الصاعدة. ولعله من العوامل المساهمة في هدا القرب في التكوين والمعرفة من جهة وتواضع الامكانات المتاحة للشبان سواءا كانوا من الشمال أو من الجنوب.
في الدورة 16 لمهرجان تطوان المتوسطي والتي التأمت من 27 مارس الى 03 أفريل شارك في المسابقة الرسمية ما لايقل عن 17عشرة فلما قصيرا من مختلف بلدان المتوسط : لبنان, فلسطين, تركيا, تونس , الجزائر, فرنسا, ايطاليا,اسبانيا, اليونان الخ. ويرافق تعدد الجنسيات الاختلاف في المواضيع والأساليب ولكن بعض التيمات كان لها تردد يفرض نفسه على المشاهد. فنجد أن الأفلام اللبنانية لم تتحرر من مسألة الحرب وآثارها كما يبدو دلك في فلمي فسحة لسابين الشماع وحداداللقلق المرح لأيلين حوفر. كما نجد أيضا حضورا مهما لقصص الأطفال في العديد من الأفلام ك من البحر للايطالية مارينا أماتي وبدور للتركية سيبيل سيكمان.
ومن التيمات المترددة أيضا نجد مسائل ذات بعد اجتماعي كقضية الهجرة التي يعالجها كل من المغربي عثمان الناصيري في فلمه دون كلمات والجزائري محمد الأطرش في فلمه اعانة من أجل العودة. الأول يعالج المسألة من زاوية الهجرة غير القانونية والثاني يتناول اجراءات ترغيب المهاجرين في العودة من حيث أتوا وعدم تسوية وضعيتهم.
![]() |
مدينة تطوان |
من ناحية أخرى تبقى القضايا النسائية الأكثر حضورا الى جانب الأطفال. فالمرأة هي الشخصية الرئيسية في أغلب الأفلام المبرمجة هده السنة. ولعل أهم هده الأفلام شريط بوبية للمخرجة المغربية سامية الشرقيوي الدي يصور لنا امراة تعيش أزمة وجودية تعود بها الى ماضي الطفولة وتجعلها لا تميز بين الواقع والخيال. ونفس الأزمة تعيشها حياة بطلة الفلم الفائز بالجائزةالكبرى للمهرجان وهو فلم أن تحيا للمخرج التونسي الشاب وليد الطايع. وهداالفلم دعوة للتساؤل عن معنى الحياة في اطار وسط اجتماعي متردي و ظروف صعبة تضرب بالأحاسيس عرض الحائط.
للأفلام القصيرة المتوجة عامل مشترك ألا وهو ذاك الذي يجعل الأشخاص يتصرفون بشكل لايمكن تبريره. فالفلم اليوناني الكلب لمخرجه نيكوس لابوت والحائز على جائزة التجديد يصور عمق الاحساس الدي يؤدي ادا مااختلط بسوء الفهم الى التراجيديا في حين أن الكل يتحرك بموجب احساس نبيل. أما الفلم الثاني وقد فاز بجائزة لجنة التحكيم وهو بعنوان ميتروبوليس فيري للاسباني جوان غوتييه فيصور أيضاوضعية عبثية يجد فيها المرء نفسه في مشكلة في حين أنه كان يريد التصرف بانسانية.
أما الفلم الفائز بالجائزة الأولى وهومن اخراج التونسي وليدالطايع فيركز على الحياة اليومية لامرأة في منتصف العمر تبدو كأنها قد تركت من الجميع. الكل وجد لحياته معنى الا هي. ابنها المهاجر وجد ظالته في بلادالغربة ولم يعد يأبه بالعودة اليها. جار لها يقضي كل يومه في غسل سيارة لاتحتاج لغسيل. الحديث الدي يدور بين أمها وجاراتها ليس له أي معنى في نظرها. العمل الدي تقوم به يستلبها ويحولهاالى آلة دون روح. في هدا الجو التعيس المليء بالاغتراب يحاول وليد الطايع أن يتساءل عن ما يمكن أن يعطي للحياة معنى.
هكدا نكون قد ركزنا على العوامل المشتركة التي تجمع بين شبان الضفة الشمالية وزملائهم من الضفة الجنوبية للمتوسط. ولعل أهم نقطة يلتقون فيها هي هاجس السؤال والبحث عن معنى للحياة. وبما ان الاجابة صعبة يبقى مركز الفلم هو السؤال داته.