بعض رُمُوز السّينما الوثائقيّة الفلسطينية

لا بدّ لنا أن نتذكّر كلّ المخرجين الفلسطينيّين الوثائقيّين الذين استشهدوا وهم يصوّرون أهمّ الأحداث المأساويّة التي مرّ بها شعبهم. ما زلنا نتذكّر اليوم المخرج هاني جوهريّة الذي توفّي في بداية الحرب الأهليّة بلبنان أثناء الهجمة الشّرسة على مخيّم “تلّ الزّعتر” الفلسطيني. نتذكّره أساسا ليس من خلال أعماله التي كان من المفروض عرضها ومناقشتها في تظاهرات تسند قضيّة الشّعب الفلسطيني، ولكن من خلال قاعة سينما “هاني جوهريّة” بقلب مدينة تونس العاصمة التي استُبْدِلَ اسمهَا القديم  “المونديال” باسم هذا المناضل الفلسطيني.

هاني جوهرية

مؤخرا رحل عنا، أهمّ مخرج وثائقي فلسطيني ألا وهو مصطفى أبو علي العلامة الفارقة في الحقل السّينمائي الفلسطيني ظل يُصوّرُ من داخل فلسطين حياة شعبه وكلّ المحن والمجازر التي يتعرّض إليها. مصطفى أبو علي من ركائز معهد السّينما الفلسطينيّة الذي تخرّجت بفضله أجيال من المخرجين الوثائقيّين الذين آمنوا أنّ السّينما لها دور فعّال في التّعريف بقضيّة وطنهم وفي التّنديد بالاحتلال الصّهيوني الغاشم. اليوم، يحمل مشعل السّينما الفلسطينيّة الوثائقيّة المقاومة المخرج رشيد مشهراوي الذي أبهرنا بفيلم “جينين” عن المجازر الفظيعة التي اقترفها الجيش الإسرائيلي عند اقتحامه لبلدة “جينين” الواقعة في الضفّة الغربية.

مصطفى أبو علي

 لكن هنالك مخرجان اثنان يبدو أنه لفّهما النّسيان، رغم قيمتهما ودورهما الحيوي في تنشيط الحركة السّينمائيّة الوثائقيّة في فلسطين وهما إبراهيم مصطفى ناصر وعبد الحافظ الأسمر اللّذان قُتِلا بجنوب لبنان يوم 15 مارس 1978 وهما بصدد تصوير الاعتداء الإسرائيلي العسكري على هذه المنطقة. درسا فنّ التّصوير والإخراج في معهد السّينما الفلسطينيّة وشاركا في إنجاز أغلب الأفلام التي أنتجها معهد السّينما الفلسطينيّة. انطلقا في الإخراج سنة 1968 بالنّسبة إلى إبراهيم مصطفى ناصر وسنة 1970 بالنّسبة إلى عبد الحافظ الأسمر. ولقد ساهما في تصوير فيلم “تلّ الزّعتر” الذي أنتجه المعهد والذي شارك فيه المخرج اللّبناني جون شمعون.

من فيلم تل الزعتر

 إنّ اسمي هذين المخرجين يضاف إلى القائمة الطّويلة للمثقّفين والفنّانين الفلسطينيّين الذين قُتِلُوا منذ اندلاع الثّورة الفلسطينيّة. كلّ النّاس الذين تعرّفوا على إبراهيم مصطفى ناصر وعبد الحافظ الأسمر، من مخرجين وصحافيّين ومراسلي حرب وعملوا معهما، يتذكّرون جيّدا لطفَ هذين المناضلين وتفانيهما في خدمة وطنهما.


إعلان