” ابن بابل” يعرض للمرة الأولى في بغداد

بغداد – على هاشم

في كل يوم يحاول  السينمائيون العراقيون الارتقاء بانجازاتهم الفنية والثقافية رغم كل الظروف الصعبة داخل العراق, فبعد فوزهم البارز في مهرجان الخليج السينمائي الثالث في دبي,بقطفهم ثمانية جوائز من أصل أثنتا عشرة جائزة منحها المهرجان لمجمل الأفلام التي فازت .
تلى ذلك قفزة سينمائية جديدة في تاريخ السينما العراقية  مثلت إضافة نوعية جديدة على مستوى أثراء اللغة السينمائية والاحتراف واستيعاب صنعة السينما,ومشاركة الأفلام العراقية في معظم المهرجانات السينمائية العالمية والعربية,وكانت تلك الانجازات قد تحققت بفضل جهود ذاتية وفردية لهؤلاء الأبطال بدأت بفيلم””غير صالح للعرض””للمخرج الشاب عدي رشيد الذي تم انتاجه أثناء الحرب الأخيرة عام 2003,وفيلم “”احلام””للمخرج محمد الدراجي وأخيرا,الفيلم الروائي الطويل””أبن بابل”” والذي عرض في بغداد عصر الخميس 652010,وعلى صالة سينما سميرأميس ببغداد وسط حشد كبير من عشاق السينما ,والجمهور العراقي المتعطش للعودة إلى مشاهدة الأفلام السينمائية عموما والأفلام العراقية خصوصا..ووسط إجراءات أمنية مشددة حول دار العرض الواقعة في شارع السعدون, وقد شاهدت وأحسست وشعرت بحجم الفرح والبهجة التي حملتها وجوه الحاضرين من فنانين ومثقفين وإعلاميين ومسئولين وأناس عاديين,أطفالا,شيوخا,ورجالا.

الدراجي وراء الكاميرا

في بداية التظاهرة السينمائية, أعتلى المخرج السينمائي عدي رشيد(صاحب فيلمي- غير صالح للعرض وكرنتينة الذي من المؤمل عرضه في المسرح الوطني) المنصة ليقدم كلمة احتفائية حزينة حول السينما العراقية وإغلاق صالات العرض,ثم تحدث عن صديقه المخرج المحتفى به وبفيلمه محمد الدراجي,,قائلا  )تحية للفنان العراقي أولا وأخيرا ),وقدم تحية إلى الفنان  الدراجي وفريق عمله, وأشار إلى حضوره مهرجان برلين السينمائي الذي امتلأت صالاته بالمتخصصين في الفن السينمائي وقد جاءوا من كل أنحاء العالم,,وقد نال “أبن بابل”جائزتين في حقوق الإنسان والسلام,,وشدّد المخرج عدي رشيد قائلا في ثنايا كلمته ((عراق بلا سينما يعني هناك مشكلة ؟!.بعدها توجه المخرج الدراجي بكلمة قصيرة حول تشكل حلمه السينمائي من فكرة حتى تحوله الى شريط سينمائي,وقد استغرق تحققه سبعة سنوات من عام 2003 لغاية 2010,مشيرا إلى محولاته المستمرة للحصول على التمويل من الحكومة العراقية وكيف طلبوا منه تغيير شخصية بطلة الفيلم من كردية إلى امرأة عربية ورفضه لهذا الأمر لأنه يعتقد وينظر لكل العراقيين ذات النظرة على حد قوله ,وأخيرا طلب المخرج الدراجي من كل العاملين في الفيلم الصعود إلى المنصة وقدمهم للجمهور الذي واصل التصفيق بلا توقف وسط هتافاتهم بحب العراق وأهله جميعا..ثم بدأ عرض الفيلم الذي استغرق 90دقيقة,وحكايته تبدأ مع الأم الباحثة عن ابنها إبراهيم الجندي الذي لم يعد إلى منزله منذ حرب الخليج الثانية1991, يرافقها حفيدها الطفل أحمد, حيث نعيش مع رحلتها المضنية التي تبدأ من جبال كردستان العراق حتى تصل إلى رمال بابل في الجنوب , ونراها وهي تفتش مع حفيدها في ما تبقى  بالمقابر الجماعية التي عثر عليها بعد 2003..

الجمهور العراقي ينتظر الدخول لصالة العرض

كان فيلما مخيفا وهو يعرض لنا صرخات الثكالى من النسوة والرجال والأطفال الذين وجدوا أعزاءهم وقد دفنوا في مقابر جماعية, وبذات الوقت يقدم “أبن بابل” رسالة تسامح لمن ارتكبوا هذه الجرائم البشعة.
 كنت أسمع بكاء الجمهور ونشيجه وارتجافه طيلة الوقت,,أبن بابل يجسد لنا رعب الموت والجريمة لكنه وهو ينقل لنا حقيقة ما حدث يدعونا في نفس الوقت إلى التسامح ,وأن نتذكر الماضي لكي لا نسمح بتكرار المأساة.


إعلان