شادي مطر: مواضيعه واقعية وإنسانية وعالمية

نقولا طعمة – بيروت

شادي مطر، منتج أفلام لبناني، ومؤسس لشركة عالمية لإنتاج الأفلام، وهو من مواليد لبنان 1982، درس في جامعة اللويزة قسم الإعلان وراديو وتلفزيون، ثم اشتغل في محطة “ال بي سي” اللبنانية. أحب الأفلام لكن فهم الناس لصناعة السينما لم يشجعه فالكل يدفع باتجاه الطب والهندسة والأعمال.

بدأ مطر رحلته من المحطة التلفزيونية حيث ساعد أحد الأصدقاء في صناعة عرض عن السيارات، نظرا لما أحبه من التصميم في مجال اهتمامه بتصاميم السيارات. أنتج لأول مرة من خلال هذا العرض، مما شجعه على خوض عالم جديد متوافر في كل أنحاء الأرض.

يحاول تكريس اتجاه معين في صناعة الفيلم تعتمد على الواقعية، من جهة، وذات طابع انساني شمولي مريح ومفرح، من جهة ثانية.

وفي لقاء معه، يتحدث عن تجربته ل”الجزيرة الوثائقية”، حيث تخرج من جامعة الألبا سنة 2004 في برنامج للسمعيات والبصريات سنة 2004، و 2005 سافر إلى أميركا والتحقت بجامعة  “أيرتون” لدراسة الفيلم، وصناعته.

وقال أن “هذه المؤسسة تقبل 28 طالب سنويا من كل أنحاء العالم. وكان عمري 23 سنة بينما كانوا يعتبرون أن متوسط عمر الطالب في هذا المجال هو 33 سنة. وكنت الطالب الأول من الشرق الأوسط منذ افتتاح الفرع في الستينات. وكان أساتذتنا أمثال توم هانكس و شون بان، وهم أهم الناس الذين يصنعون السينما في أميركا. و تابعت البرنامج في “أيرتون”، وفي هذا الوقت اشتغلت لسنتين ونصف مع “ورنر بروذرز” لكن مجانا، واشتغلت على أفلام مثل “300”، وسبايدر كرونيكلز (ٍSpiderwick Chronicles)، وأفلام كبيرة أخرى. وتعلمت الكثير من خلال احتكاكي مع العالم وكان من الصعب جدا الدخول على مجال السينما، فهناك 200 ألف شخص في هوليود يعملون في السينما، وكانت التجربة صعبة وتحتاج لإصرار وصبر، نظرا لكمية العمل المطلوبة، من دون دفع”.

مطر ( الثاني يمين) مع شريكه سكوت سيلفرواليوت غيلفر

وتابع: “بعد ذلك دبرت عملا في والت ديزني، في شركة اسمها “سكوت رودن بروداكشنز”، وعملناأفلام منها (For All Brands، وThere Will  Be Blood).

أدرك شادي أن الانسان إذا أراد أن يتطور فعليه أن يكون حرا، وينفذ المشاريع الخاصة به. فالتطور في عمل مع شركة داخل استوديوهاتها لا يتيح التطور إلا ببطء، وسيصبح الإنسان في الخامسة والخمسين حتى يترأس استوديو. كما لا يسمح بإعطاء قروض للعاملين داخل الاستوديوهات. ولكي يتمكن الإنسان من الخروج من عمل يأسره، ويحد من قدراته، عليه أن يؤسس شركة إنتاج له. وبذلك عمل على تأسيس شركة أنتاج خاصة.

تأسيس شركته
يعرض مطر ظروف تأسيسه للشركة بقوله: “تعرفت على أحد الأشخاص وكان يعمل في التحرير Editing بينما كنت أعمل في الإنتاج، وكان متخصصا في مجال الأعمال، واتفقنا على صناعة أفلام Box Office وأفلام تسلية ، ثم اتفقنا على تأسيس شركة، ووسعنا العمل. أخبرته أن الدول العربية فيها الكثير من المهارات، لكن ينقصها الفرص، وفي نفس الوقت تفتقد لمن يشجع على انتاج الأفلام. افتكرنا أن ننتج أفلاما أميركية للمنطقة، ونأتي بالمال من المنطقة لعمل لها. فأسسنا الشركة وأسميناها سيلفاتار ميديا (Silvatar Media)”.

ثم يتحدث عن طريقة اختياره للفيلم، وتحديده للنجاح، يقول: “إذا لم تكن القصة جميلة، وإذا كانت مزعجة، وغير مفهومة، فالإنسان لن يرتاح إليها، والنتيجة ستكون سيئة لفيلم من هذا النوع. وعندما ننتج فيلما يفرح ويريح الأعصاب ويؤمن الاكتفاء الذاتي فيكون قد نجح، وهناك القصص الكثيرة جدا التي يمكن أن تعمل فيلما بشكل يخلق اكتفاء وشعورا جميلا في نهاية رحلته. وبالنسبة لأجنبي -صيني أو هولندي- فحرب لبنان لن تهمه، أما إذا استخرجت له من هذه القصة عاملا يهمه كالحب أو علاقة أب مع ابنه، أو عامل إنساني واجتماعي، أي موضوع له طابع شمولي عالمي يصبح  عنصر الحرب جيدا كإطار لعرض موضوع إنساني”.

أولى أفلامه
ويذكر أول فيلم أنتجته الشركة، اسمه “بروتوتايب” وهو للمراهقين، موضوعه أن شخصا يعتقد أن الله أرسله لكي يقوم بعمل يخدم البشرية فيقوم بقتل الأشخاص الشريرين، وذلك باختراع كفوف تحرك الأشياء عن بعد، فيتحكم بالعالم. فإذا سكر والده، أو تحادثت صديقته مع سواه يقوم بقتلهما، والمغزى أنه مهما تكن العقيدة، فليس من حق المنتمي لها  محاكمة الناس.

طول الفيلم ساعة وعشرين دقيقة، ويذكر مطر أنه ” كلفنا 3 ملايين دولار وبعد انتاجه حتى وصوله إلى السينما وال”دي في دي” بلغت الكلفة نحو سبعة ملايين، وعرض ببعض الدول الخليجية وبالبرازيل وكندا وسينغابور وهونغ كونغ”.

كيلي بروك وبيريبيرك بطالي فيلم ريموفال

والثاني اسمه “ريمودل” (Remodel)، طابعه أشبه بطابع هيتشكوك، شخص عنده شخصيتين، وهو بطل من أبطال تويلايت (Twilight)، الذي يكسر الأرض، والفيلم تجاري، وفيه تمثيل لآليوت غولد وكالي بروك الانكليزية المعروفة ، وفيه إثارة دون تركيز على إعطاء عبرة أو درس. طوله ساعة ونصف، وهو لم يعرض بعد.

ويذكر مطر أنه “اشتغل على 6 افلام أخرى خارج الشركة، وكل واحد منها ميزانيته أكثر من 50 مليون دولار”.

ويعرض برنامج شركته للسنوات القادمة، فيقول أنه “لدينا مخطط لانتاج 11 فيلم من الآن وحتى سبع سنوات، وأكثر فيلم نتشوق لانتاجه هو كتاب أمين معلوف واسمه با��تازار أوديسي (Balthasar’s Odyssey)، وفي قصته شخص يفتش عن الاسم المائة لله، حتى ينقذ العالم من نهايته (Apocalypse). وفيه تشويق وصراع فكري وثقافي.

وفيلم آخر كتب قصته أميركي عن الإمارات وكيف تكاثر فيها الوافدون من الخارج (expatriots)، فاضطر سكانها الأصليين ترك المدينة والعودة للسكن في الصحراء كالسابق. وينتظرون شخصا ينقذهم من الورطة، ومن الحداثة الزائدة والفاحشة.

الفكرة فيها مغامرة والعالم الذي رسمه هو عالم كأنه يعيش سنة 2500 لكن الناس لا يزالون يستخدمون عادات تقليدية، لم نعد نحن اليوم نستخدمها. والموضوع للتسلية وليس توثيقيا.

أفلام أخرى منها “عاصفة كبيرة” (Big Storm)،  و”ياسمين”، و”راديو أكتيف” (Radio Active)، و”عندما تسقط الجاذبية” (When Gravity Falls).

يعتقد مطر  أن “من هذه الأفلام ما يجب أن يتم تصويرها في البلاد العربية، لأن فضاءاتها هو الشرق الأوسط. وربما مراكش نظرا للتنوع البشري فيها، وفي دول يأتينا تمويل منها يحب أصحابها أن يتم التصوير عندهم”.

أضاف: “لا مشكلة عندنا في مكان التصوير، ولبنان مكان مهم للتصوير حيث نوعية التصوير جيدة والتقنيات أيضا، والمشكلة عندنا ليس في التقنيات في لبنان بل في تأمين قصة بمضمون يتوافق مع توجهنا”.

وعن السبب لمجيئه إلى لبنان قال: “لكي نبني جسورا بين الشرق والغرب، وهنا تتوافر المهارة والقصص والثقافة والمال والأمكنة الجميلة، أي أن كل شيء متوافر. والمطلوب فقط من يريد أن يشتغل على خلفية اعتبار الفيلم هو نوع من أنواع العمل”.

وانتهى قائلا: “نفضل التوجه نحو الأفلام التي فيها فحوى عالمية ورسالة وتسلية في الوقت عينه”.


إعلان