محفوظ: في رمضان غايتنا ليست منافسة بقية القنوات
* أستاذ أحمد جرت العادة أن نجري معك حوارا في بداية شهر رمضان لنتعرف على جديد القناة. وما أعددتم في هذا الشهر الكريم الذي تستعد له كل القنوات العربية.؟
أولا رمضان كريم للجميع وكل عام والأمة الإسلامية بألف خير.
بدءا أقول نحن في الوثائقية ليس في ذهننا منافسة القنوات الفضائية الأخرى في رمضان التي تبث المسلسلات والبرامج الخفيفة أو ما يسمى بالبرامج الرمضانية .. نحن قناة متخصصة في الفيلم الوثائقي. ولرمضان خصوصيته لدينا لذلك نهدف إلى تحقيق مشاهدة ممتعة وتكتسب بعدا لا يفقد الشهر الفضيل هيبته ورونقه الروحي. وقد بدأنا التحضير منذ سنة تقريبا لهذه المناسبة حيث انطلقنا منذ رمضان الماضي في استقبال أفكار المنتجين الذين نتعامل معهم. وقد أسفرت الاختيارات التي قام بها قسم الإنتاج في القناة إلى الخروج بحوالي 30 ساعة بث منتقاة من إنتاجنا الخاص. هذا إضافة إلى عدد ضخم من الساعات التي تم اقتناؤها والتي تميزت بالتنوع الكبير في شتى المجالات والاهتمامات التي تحاول أن تلبي شتى الأذواق فمنها ما له علاقة بثقافات الشعوب وأديانهم ومعتقداتهم ومنها ما يرتبط بالعادات والتقاليد أو بالحياة اليومية..الخ
![]() |
أحمد محفوظ مدير الجزيرة الوثائقية
* تحدثتم عن الاستعداد لهذه المناسبة فما هي خصوصية برامج رمضان على القناة لهذه السنة ؟؟
نعم لبرامج رمضان 2010 خصوصية لدينا تتمثل في التركيز على الأبعاد الاجتماعية والثقافية للمواضيع المطروقة وإن كان غلافها ديني. فجديدتا المميز مثلا لهذا العام هي سلسلة ضخمة بعنوان أصوات من السماء تتناول أشهر مقرئي القرآن في العالم العربي والإسلامي من المغرب إلى مصر إلى السعودية والعراق وتركيا وغيرها..
وهي سلسلة وإن كانت ذات موضوع ديني إلا أنها تقدم جرعات ثقافية هامة حيث سنكتشف وراء تنوع القراءات تنوعا في المقامات موسيقية التي لها علاقة بتنوع طرق ترتيل القرآن. ذلك أن المغربي يقرأ بطريقته وكذا السوداني والمصري والعراقي فلكل منطقة شكل خاص بالقراءة مرتبط بفنون الأداء وبالمقامات الموسيقية التي يستعملها. كما ستمدنا السلسلة بمعلومات مستفيضة حول فنون التجويد وعلوم القرآن.
أعود فأقول إن الخصوصية التي يتميز بها إنتاجنا لرمضان هذا العام هو هذه المسحة الثقافية التي تجعل من البرامج غير مرتبطة فقط برمضان فيمكن إعادة مشاهدتها خارج الشهر الكريم لما تحتويه من بعد تثقيفي ممتع يظل مفيدا في رمضان وخارج رمضان.
* هذا الحديث يجرنا إلى مناقشة علاقة الفيلم الوثائقي بمفهوم الهوية العربية الإسلامية وكيف تنظرون في القناة إلى هذه العلاقة ؟
نحن في الجزيرة الوثائقية نعتبر أن المحافظة على الهوية العربية الإسلامية أولوية مطلقة خاصة فيما يخص إنتاجنا. وبشكل أخص في برامج شهر رمضان. ويتمثل هذا الاهتمام بموضوع الهوية في تسليطنا الضوء على العادات والتقاليد وتفاصيل الحياة ذات الخصوصية العربية والإسلامية والتي تبدو في المأكل والملبس والعادات الاجتماعية والدينية.
من ناحية أخرى نحن واعون بضرورة مراعاة التنوع داخل الثقافة العربية والإسلامية فلا نغفل الخصوصيات المحلية التي نجدها أحيانا داخل المجتمع الواحد. ولكنه تنوع في نظرنا يزيد الثقافة العربية الإسلامية غنى وثراء ومهمة المبدع وصانع الفيلم الوثائقي إظهار ذلك الثراء بالغوص في الخصوصيات الثقافية والتعبير عنه بشكل إنساني راق.
والثابت لدينا أن هناك مشتركا قيميا خاصا بالمنطقة يتم عرضه في الفيلم الوثائقي وتتم المحافظة عليها في صلب الحديث عن الخصوصيات. وبهذا نحن لا ننظر للتراث على أنه أطلال نبكي عليها وإنما هو مخزن إنساني وجمالي وثقافي وقيمي يمكن الاستفادة منه باستمرار.
وفي رمضان يتضخم الشعور بالهوية بحكم المشترك الديني بين الأمة الإسلامية فالكل يصوم ويفطر ولكن لكل مجموعة أو شعب فطوره وسحوره وعاداته الغذائية والعائلية خلال الشهر بحسب خصوصيته الثقافية. فهناك تنوع ثقافي ووحدة عقدية وقيمية مشتركة.
![]() |
* تفضلت بالحديث عن المنافسة وقلتم أنكم لا تنافسون القنوات التلفزيونية المتنوعة وإنما تنافسون أنفسكم وإنتاجكم الوثائقي. ولكن منذ فترة بعثت قنوات وثائقية جديدة هي في الأصل نسخ عربية لقنوات وثائقية مشهورة عالميا.. كيف تقيّمون المنافسة بعد حوالي سنة من انبعاث تلك القنوات ؟
طبعا نحن نرحب بالمنافسة الشريفة التي تصب في مصلحة المشاهد. ولا أحد ينكر قوة القنوات العالمية المشهورة في الفيلم الوثائقي. ولكن فيما يخص العالم العربي نقول بكل موضوعية أنه إلى حد الآن مازلت لدينا نقاط قوة لم يجارينا فيها أحد وتتمثل أساسا في إنتاجاتنا الخاصة التي تظهر الرؤية العربية للأشياء وللمواضيع المطروحة. لأن الأفلام المدبلجة في النهاية تظهر وجهة نظر خارجية عن العالم العربي.
ونحن نحافظ على هذه الخصوصية المتمثلة في الإنتاج بعيون عربية من خلال منتجين عرب موزعين في كامل العالم العربي وخارجه. فلدينا قاعدة منتجين نتعامل معها تتجاوز 70 منتجا يلتزمون معنا بسياسة تحريرية تعطي – كما أسلفنا – لبعد الهوية العربية أولوية مطلقة دون أن يكون في ذلك قيد أو حضر للمواقف النقدية الجادة.
وما أريد قوله إن القناة لا يشغلها كثيرا موضوع المنافسة لأنها ليست قناة تجارية تسعى إلى تحصيل إيرادات ربحية من وراء إنتاجاتها. نحن قناة تحاول أن تقدم إعلاما ممتعا وهادفا وتطرح القضايا بعيون عربية كما تستمع للأصوات المختلفة من خارج الوطن العربي.
* يبدو أن هذا التوجه لإظهار العيون العربية في مقاربة المواضيع الوثائقية هو الذي أكسب القناة خصوصيتها وتجسد ذلك في الجوائز التي تحصدها من حوالي سنة.
الحمد لله.. دائما الجوائز بالنسبة مؤشر جيد على أنك أنجزت فيلما وثائقيا بلغة سينمائية راقية وتعجب الجميع مهما كانت ثقافتهم أو لغتهم ويثير جدلا فنيا وفكريا وإنسانيا. فأفلامنا التي أخذت جوائز في مهرجانات عالمية كفيلم “احذر الوقوف المتكرر” الذي تناول مسألة ألغام العلمين بين مصر وليبيا وأخذ جائزة في أمريكا وأخرى في الدوحة أو فيلم “درس في التاريخ ” الذي يتعرض إلى الطائفية في لبنان وتحصل على جائزة في هولندا وغيرها من الأفلام الفائزة خلال هذه السنة كلها تتناول قضايا عربية وأحيانا محلية ولكنها برؤية إنسانية شاملة، جعلت الآخرين يروننا ويعترفون بجودة إنتاجنا. والحمد لله أن جوائزنا تنوعت من الأفلام السياسية إلى الثقافية والاجتماعية وغيرها كما فزنا بجوائز على البروموهات Promos (التنويهات أو الوصلات الإعلانية) وهذا يحفزنا إلى مزيد الاعتناء بالجودة والتقدم إلى الأمام بخطى ثابتة. وتبقى الجائزة الأهم وهي الوصول بالرقي بالذوق العربي.
* في الحقيقة انفتاح القناة في الإنتاج نلاحظه أيضا في توسع أسواق مقتنياتها من الأفلام فهل أنتم مازلتم ماضون في هذا التوسع.؟
لقد استطاعت القناة أن تصل إلى كثير من التجارب العالمية الإنتاجية في الفيلم الوثائقي في أنحاء العالم من أمريكا اللاتينية إلى الصين فأمريكا فأوروبا وطبعا العالم العربي. وننوي الانفتاح أكثر على أفريقيا التي مازلنا نتقبلها من خلال إنتاجات خارجة عن القارة. نريد أن ننتج أفلاما عن القارة الأفريقية بنظرة من الداخل وبعيون عربية. وكانت لنا تجربة في هذا المجال مع المنتج أسعد طه الذي له خبرة في أفريقيا وأنتج لنا سلسلة “أفريقيات”. ونعتبر أن هذه التجربة مجرد بداية سنتوسع فيها مستقبلا.
* فيما يخص متابعة برامجكم الجديدة هل لديكم إحصائيات حول الجمهور ونسبة المتابعة للقناة ؟
الإحصائية الأخيرة التي وصلتنا من شركة إحصاء متخصصة تُعتبر نتائج مشجعة في ظل التوسع الهائل للمجال السمعي البصري وامتلاء السماء بالفضائيا. وتقول الإحصائيات أننا في وقت الذروة نشاهد بشكل جيد حيث تتراوح النسبة بين 15 و20 مليون مشاهد ويقل ويزيد بحسب الأحداث السياسية والرياضية.
ونحن لا نفكر في احتكار الجمهور ونعتبر أن إحدى طبائع الجمهور الراهن انه متمرد وإذا كنت مصرا على امتلاكه فسينفر منك ويهجرك. وبضاعتك هي التي تفرض نفسها على الجمهور. فعليك أن تكون متنوعا وجادا ومجيدا في عصر يتميز بالإعلام المفتوح. وللجمهور القدرة على التمييز بين ما ينفعه وما لا ينفعه ومفهوم الوصاية على الجمهور يعجل في فشل الرسالة الإعلامية..
* مادمنا نتحدث عن الجمهور فهل من الكلمة لجمهور الجزيرة الوثائقية العزيز ؟
بمناسبة رمضان الكريم أحيي جمهور الوثائقية وكل من يصل له بثنا والأمة قاطبة ونهنئهم بقدوم هذا الشهر ونسأل الله أن يكون شهر الصفاء الروحي والمحبة والأخوة ونتمنى أن نقدم للجمهور كل ما هو نافع ومفيد وأن نكون على مستوى تطلعاته. وكل عام وأنتم بخير.
![]() |