لقاء مع مخرج (رمضان بعيون اجنبية) العربي ألتيت
لقد قمنا بتصوير ما رأيناه أمامنا
يقدم المخرج المغربي العربي ألتيت في رمضان هذا العام فيلما بعنوان ( رمضان بعيون اجنبية) على شاشة الجزيرة الوثائقية التي التقته في هذا الحوار للحديث حول هذا العمل وظروفه وحول مشاريع المخرج القادمة.
سأله: مجاهد البوسيفي
ينقسم المشاركون في الشريط – رمضان بعيون أجنبية – لقسمين ..المستقرون بالبلد والقادمون إليه خلال الشهر..ما ضرورات التقسيم فنيا وموضوعيا برأيك؟.
صحيح أننا قسمنا المشاركين في الشريط إلى قادمين جدد ومستقرون بالمغرب لسبب رئيسي يتمثل في كون فكرة الشريط مبنية على محاولة الاقتراب من رؤية الأجانب لشهر الصيام وكيف يستطيعون التأقلم مع ما تفرضه خصوصية الشهر من محددات هامة تصب في احترام واحدة من أهم الشعائر الدينية لأهل البلد. فكان مطلوبا منا التعرف على الطريقة التي يتم بها التوفيق بين هذه المحددات والعيش بطريقة عادية بالنسبة للمقيمين والتمتع بالعطلة بالنسبة للسائحين القادمين من الخارج خصوصا وأن الشهر الفضيل يصادف ذروة موسم السياحة مثلا في شهر أغسطس.
لقد اخترنا التقرب من الأجانب المقيمين لتقييم الفوارق التي قد يلحظونها على مناحي الحياة بالمغرب خلال شهر رمضان مقارنة ببقية الشهور باعتبارهم الأقرب إلى السكان الذين يعاشرونهم طوال السنة. وكان لزاما علينا أيضا أخذ وجهة نظر السياح المستجدين للتعرف على مدى تطابق انتظاراتهم وهم قادمون إلى البلد مع ما يجدونه على أرض الواقع وكيف يجدون الأجواء التي غالبا ما تكون غريبة عليهم.
تلك كانت الأسباب التي دفعتنا للتنويع في نماذج الشخصيات التي اعتمدناها أبطالا للشريط علما أننا ركزنا بشكل أكبر على المقيمين لما تحمله وجهات نظرهم من طابع الواقعية والعمق أكثر من الزوار العابرين.
الشريط يتضمن مشاركات من عيون مختلفة..منها المسلم ومنها غير المسلم ..هل كان هذا الأمر متقصدا خدمة لغرض العمل أم جاء محض صدفة؟
كما هدفنا إلى التنويع فيما تعلق بالإقامة بالبلد والزيارة المؤقتة، فقد ارتأينا التنويع في مجال ديانة المشاركين مع منح غير المسلمين نسبة أكبر. فالمهم عندنا كان نظرة الآخر بمختلف تجلياته لمعرفة كيف ينظر إلينا كأفراد يعتنقون ديانة الإسلام والى الدين الإسلامي ذاته اعتمادا على الأفكار المسبقة التي قد يكون مشبعا بها لكن أساسا بالاعتماد على ما لمسه من خلال معاشرته لنظرائنا المسلمين ببلد مسلم.
وقد ارتأينا منح أجنبي مسلم مقيم بالبلد فرصة إعطانا وجهة نظره التي تختلف في كثير من أسسها على رؤى أبناء البلد الأم. فاعتناقه نفس الديانة يعطيه نوعا من الشرعية في ” الحكم ” على الممارسة الدينية لأبناء البلد وكذا الأجواء الرمضانية كما تعلمها دينيا وكما هي ممارسة فعليا على أرض الواقع.
تنوعت خلفيات المشاركين من فنان إلى مستثمر على صحفي ….هل منح ذلك ثراء أكبر للعمل من وجهة نظرك؟
لم تتنوع الخلفيات على مستوى العمل فقط بل أيضا على مستوى البلد الأصلي فكان لدينا إفريقية وأوربيين أحدها فرنكفوني والثاني انجلوساكسوني بما يمثله ذلك من اختلاف في وجهات النظر والسلوك.
لقد اخترنا الصحافية لما تمنحه لها مهنة الصحافة من فرص لاقتراب من الواقع الحياتي للبلد والمواطنين ولما يتملكه الممارس لمهنة الصحافة من حس الملاحظة والتحليل والنقد. فارتأينا أن الصحافية المشاركة معنا ستكون أقرب ما يكون من تلمس عمق الأشياء والنفاذ إلى التفاصيل الدقيقة خصوصا وأنها عاشت لفترة كبيرة بدولة السنغال مما جعلها تحتك كثيرا بالمسلمين وبأجواء رمضان بالرغم من ديانتها الكاتوليكية.
أما اختيارنا لمشارك مستثمر فكان بدافع رغبتنا في استعراض التغييرات التي قد تطرأ على أماكن العمل خلال الشهر، وكيف أن مستثمرا أجنبيا يأخذ بعين الاعتبار طبيعة الشهر الفضيل وما يستدعيه من طريقة اشتغال مختلفة تلاءم عادات الشهر من جهة ومتطلبات موظفيه من جهة أخرى. وكان اختيارنا لمجال السياحة مهما ما دام هذا القطاع واحدا من أهم الروافد الاقتصادية للمغرب وله طبيعة خاصة لا تتلاءم دوما مع الأجواء الروحانية الرمضانية.
![]() |
المخرج العربي ألتيت |
لمسنا تفهما كبيرا من قبل المستثمر الأجنبي للعامل والموظف المسلم خلال الشهر..هل كان الأمر عفويا حسب رأيك أم فقط مجاملة تخص الكاميرا؟.
لقد قمنا بتصوير ما رأيناه أمامنا ولم نطلب من أحد أن يغير من سلوكاته العادية أمام الكاميرا. أعتقد أن الأمر متعلق أيضا بالسنوات الطويلة التي قضاها المستثمر الأجنبي بالمغرب بل هو من مواليد المغرب وبالتالي فإنه يعتبر نفسه بشكل من الأشكال من أبناء البلد. وربما يكون أجنبيا بثقافة محلية يكتسبها المرء بمعاشرة المحليين. كما أن طبيعة العلاقة بين رب العمل والعامل تبنى من جانب العامل وطريقة تدبيره للعلاقة البينية تلك.
استعنت بالباحث في المدن الإسلامية جعفر الكنسوسي..الم تخشى خروج العمل على سياقه العفوي ودخوله لسياق بحثي أكاديمي يضر بإيقاعه العام؟
ربما سيلاحظ المتفرج أننا لم نفرد للأستاذ الباحث مجالا واسعا للحديث. لكننا احتجنا لتوطئة ضرورية للعمل قبل الدخول في عمق الموضوع. واعتقد أن تدخله لم يؤثر سلبا في طريقة المعالجة بل كان مؤطرا موازيا ليس إلا. واستطعنا الحفاظ على الطابع العفوي والمباشر لتدخلات مختلف الشخصيات التي شاركت في عملنا مما منحه نوعا من السلاسة والانسيابية والجو الروحاني المناسب لطبيعة الموضوع المطروق.
ماذا يعني لك التعاون مع الجزيرة الوثائقية، وكيف ترى الوثائقي اليوم؟
يعلم الجميع أن قناة الجزيرة الوثائقية هي حاضنة المشاريع الوثائقية في الوطن العربي. صحيح أننا اشتغلنا كثيرا في مجالي الدراما والبرامج التلفزيونية لكننا رأينا في الوثائقي إمكانية جديدة للتعبير عن مواضيع وانشغالات عديدة قد لا يسعفنا مجال التخييل في النبش فيها ومنحها المصداقية المطلوبة.
الفيلم الوثائقي أصبحت له مدارس متعددة في الوطن العربي بفضل احتضان الجزيرة الوثائقية للعاملين فيه بعد أن كانوا لسنوات طويلة على هامش الفعل الإبداعي. وأملنا أن يستمر هذا الدعم الإنتاجي الضروري للدفع بمجال الوثائقيات إلى ما هو أفضل.
| ||
من الفيلم |
ماهي مشاريعك القادمة؟.
نحن في المراحل الأخيرة للتحضير لتصوير شريط جديد خلال هذا الشهر المبارك حول موضوع ” المرشدات الدينيات بالمغرب ” وهو من إنتاج الجزيرة الوثائقية التي اقترحنا على الإخوة بقسم الإنتاج بها مجموعة من الأفكار التي نراها مناسبة لخطها التحريري آملين أن تلقى موافقته الكريمة.
وفي جانب آخر نضع آخر اللمسات على التعاقد على مشروع شريط متعلق بظاهرة القرصنة التكنولوجية بالمغرب مع قناة الجزيرة الإخبارية في إطار موضوعات سلسلة ” تحت المجهر ” وكلنا أمل في أن نقدم انتاجات في المستوى.