ملتقى هرقلة السينمائي يكرم عطيات الأبنودي
حسونة المنصوري
خص ملتقى هرقلة السينمائي في دورته السادسة التي انعقدت في اغسطس الجاري السينما النسائية بتكريم استثنائي حيث كانت كل من كاهنة عطية وعطيات الأبنودي ضيفتا شرف هده الدورة. وتعتبر هاتين السيدتين من الأسماء اللامعة في السينما العربية والإفريقية. فقد عملت كاهنة عطية مع العديد من المخرجين التونسيين والأفارقة والأوروبيين. واقترن اسمها بأفلام أشهر المخرجين كنوري بوزيد وسمبان عوصمان وشيخ عمر سيسوكو وآخرون مما يجعلها مثالا للتعاون الثقافي والفني بين مهنيي الجنوب. أما عطيات الابنودي فهي مثال للكفاح من أجل أهمية الفيلم الوثائقي الأنثروبولوجي في مصر ومن أجل الدفاع عن الطبقات المستضعفة. وقد اتخذت من أفلامها منذ الستينات منبرا للدفاع عن عالم الفلاحين وخدمة القضايا الاجتماعية النسائية بالخصوص فكان موضوع أفلامها بالخصوص الطبقات الكادحة .
ولئن كانت الأولى بنت البلد ومن الطبيعي أن تكرم فإن للأخرى علاقة وطيدة مع تونس. حيث كانت انطلاقتها الأولى كمخرجة، مثل العديد من المخرجين المصريين المهمين من قليبية أو من قرطاج. وفي عودة هذه المخرجة إلى تونس تذكير بالدور الذي لعبه هذا البلد في التعريف بالتجارب السينمائية العربية الرائدة. وفي هذه العودة قبل كل شيء عرفان بقيمة العمل الذي قامت به هذه الفنانة وتجربتها الثرية في ميدان الفيلم الوثائقي.
فعطيات الأبنودي مخرجة سينمائيه تسجيلية وكاتبة مصرية تعد من أهم الأسماء السينمائية في العالم العربي. درست الحقوق ثم السينما بالقاهرة قبل أن تنتقل إلى مدرسة الفيلم والتليفزيون الدولية في بريطانيا. اختصت عطيات في الفلم التسجيلي حيث تحاول من خلاله تحليل واقع المجتمع المصري منتقلة من زاوية إلى أخرى ولكن أكثر أفلامها اعتنت بالقضايا النسوية كما يبدو ذلك في بطلات مصريات سنة 1997 وأحلام البنات سنة1995 و نساء مسئولات سنة 1994.
![]() |
عطيات الابنودي كاهنة عطية |
لاقت عطيات نجاحا كبيرا منذ عملها الأول حصان الطين سنة 1971 حيث حصلت على العديد من الجوائز(أكثر من 30 جائزة) اهمها الميدالية الذهبية لمهرجان مانهايم/ ألمانيا 1973 والجائزة الكبرى بالإضافة إلى جائزة اتحاد النقاد السينمائيين الدوليين فى مهرجان جرينوبل/ فرنسا 1973 والجائزة الكبرى لمهرجان الشباب بدمشق 1972 ولمهرجان قليبية للسينمائيين الهواة بتونس1971.يصورالفيلم مصانع إنتاج طوب البناء فى قرية محلة أبو على مركز دسوق محافظة كفر الشيخ تستخدم الخيول لعمل عجينة الطوب وتعمل الفتيات والصبية والرجال والنساء فى هذه المصانع جنبا إلى جنب مقابل قروش قليلة لمواجهة الحياة.
فيما بعد حازت عطيات على العديد من الجوائز خاصة من قبل النقاد. وكان ذلك على المستوى المحلي فى مهرجان الإسماعيلية الدولي للفيلم التسجيلي والقصير سنة 1992 حيث نالت جائزة جمعية نقاد السينما المصريين عن فلم (اللى باع واللى اشترى 1992 ) عن منطقة قناة السويس وشواطئ البحيرات التى تحولت إلى فيلات فاخرة من الأسمنت بنيت على الأراضي الزراعية المنتجة بعد أن نجحت الرأسمالية الطفيلية فى شراء الأرض من الفلاحين باسم تنمية المنطقة وتحويلها إلى قرى سياحية.
أما على الصعيد الدولي فقد عرفت عطيات في مهرجانات مهمة كمهرجان مانهايم/ألمانيا 1983 أين حصلت على جائزة أحسن فيلم تعليمى عن الأحلام الممكنة وفالينسيا / أسبانيا 1990 أين نالت جائزة أحسن إنتاج : مشترك عن إيقاع الحياة الذي كان قد حصل أيضا على الجائزة الكبرى للمهرجان القومى للفيلم التسجيلى رقم 12 ( الإسماعيلية) 1989.
وكانت سنة 1985 سنة التألق لعطيات بفلم بحار العطش الحائز على الجائزة الكبرى لمسابقة ACCT “وكالة التعاون الثقافى والتقنى الفرنسية” وسلمت الجائزة للمخرجة فى مهرجان واجادوجو/ بوركينا فاسو. وهو فيلم عن الحياة اليومية فى قرية الصيادين “برج البرلس” والتى تقع فى الشمال الغربى لدلتا النيل على ضفاف بحيرة البرلس والبحر الأبيض المتوسط ، المياه المالحة من كل جانب و القرية تعانى من عدم وجود أي مصدر للمياه العذبة ويتناول الفلم كفاح هؤلاء المستضعفين فى سبيل الحصول على هذه المياه.
في هذا التكريم لعطيات الأبنودي تقدير لمسيرة نضالية لا فقط لأن المخرجة اعتنت أساسا بكفاح الطبقات المستضعفة والمهمشة ولا لأنها امرأة تعاملت مع السينما دون عقد ولكن أيضا لأن هذه المخرجة تمسكت دون أيما تردد بالفلم الوثائقي كأداة تعبير فني وفكري لا يقل قيمة عن الفيلم الروائي. بل حتى أنه يجلب الكثير من الاحترام لمن يعطيه حق قدره. فبعد أن كانت لعطيات الأبنودي بداية سعيدة مع أعرق المهرجانات في العالم العربي وفي إفريقيا مهرجان قليبية الدولي للسينمائيين الهواة حيث حازت على النسر الذهبي سنة 1971 ها أن تونس تكرمها مرة أخرى من خلال برمجة خاصة لأشهر أعمالها في أحد أحدث المهرجانات ملتقى هرقلة السينمائي.