وثائقيان عربيان بالدورة القادمة من مهرجان فينيسيا
![]() |
أمير العمري |
قد تكون الدورة السادسة والسبعون من مهرجان فينيسيا السينمائي العريق، “دورة خاصة” أي متميزة عن كل السنوات الثماني الماضية، بسبب حرص وسعي المدير الفني للمهرجان ماركو موللر (في عامه السابع في موقعه) للحصول على أفضل الأفلام التي فات على مهرجان كان الحصول عليها، إما بسبب تأخرها خلال المراحل الأخيرة من الإنتاج، أو لأنها فضلت فينيسيا لأسباب مختلفة منها مثلا أن يفضل أصحاب الفيلم الاشتراك به داخل المسابقة الرسمية للتنافس على الجوائز، بكل ما يعنيه هذا من إحاطة الأفلام المتنافسة بالأضواء، مما يوفر دعاية مناسبة للفيلم.
والواضح أن موللر، تمكن من إعداد برنامج لدورة يرغب هو بشدة، في أن يجعلها تغسل سلبيات الدورة الماضية، وتحفل بالمفاجآت السينمائية الكبيرة، لكنه لم يتمكن في الوقت نفسه، من الحصول على كل ما كان يرغب في الحصول عليه من أفلام وأهمها، بلاشك، الفيلم الأمريكي المنتظر “شجرة المعرفة” للمخرج تيرنس ماليك، الذي لم ينته العمل فيه بعد، بل ولم تظهر حتى أي بادرة لمشاركته في مهرجان تورنتو الذي يعقب فينيسيا مباشرة.
المسابقة
مسابقة المهرجان تضم 23 فيلما، أعلن عن 22 فيلما منها، والفيلم الباقي (وهو المفاجأة) سيلعن عنه يوم عرضه في السادي من 6 سبتمبر، أي في اليوم السادس لبدء المهرجان الذي يستمر 11 يوما.
أفلام المسابقة تشمل ستة أفلام أمريكية هي “البجعة السوداء” The Black wane للمخرج دارين أرونوفسكي الذي حصل قبل عامين على جائزة الأسد الذهبي عن فيلمه البديع “المصارع”، وسيعرض الفيلم الجديد المنتظر في الافتتاح مساء الأول من سبتمبر. وتقوم بدور البطولة فيه الممثلة الصاعدة بقوة، ناتالي بورتمان، إلى جانب ويونا رايدر وفنست كاسل وباربره هيرشي. وكان مهرجان كان قد فشل في الحصول على هذا الفيلم في دورته الماضية.
ومن الأفلام التي فشل مهرجان كان في الحصول عليها وستعرض في مسابقة فينيسيا أيضا فيلم “ميرال” Miral للمخرج جوليان شنابل عن رواية الفلسطينية الإيطالية رولا جبريل، ويروي الفيلم قصة نضال هند الحسيني لتأسيس مركز لرعاية الأطفال اليتامي في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 مباشرة وفي ظل أجواء التشكك والتوتر التي كانت قائمة في تلك الفترة. ويشارك في أدوار البطولة بالفيلم، فانيسا ريدجريف وفريدا بنتو ووليم دافو وهيام عباس وعمر متولي وياسمين المصري، وقد دار تصوير جزء من الفيلم في إسرائيل.
في المسابقة أيضا، من الأفلام الأمريكية، فيلم “في مكان ما” Somewhere للمخرجة صوفيا كوبولا، ابنة المخرج المخضرم فرنسيس فورد كوبولا، ويروي الفيلم قصة ربما كانت تحمل إشارات ما إلى العلاقة بين صوفيا ووالدها، فهي عن العلاقة بين ممثل يشعر بالملل من العمل وابنته التي لا تستطيع أن تفهمه.
ويعرض الفيلم الأمريكي الرابع “الطريق إلى لامكان” للمخرج مونتي هيلمان، والخامس “قطع ميك” MEEK’S CUTOFF لكيلي ريتشارد، ثم الفيلم الأمريكي السادس “وعود مكتوبة على الماء” لفنسنت جاللو الذي يقوم بدور البطولة أيضا، وهو ممثل من أصل إيطالي كان قد لعب بطولة فيلم “تيترو” لكوبولا.
![]() |
من الوجوه المشاركة في دورة هذا العام |
فينوس السوداء
وفي المسابقة 3 أفلام فرنسية أهمها فيلم “فينوس السوداء” Venus Boire للمخرج التونسي- الفرنسي عبد اللطيف قشيش، صاحب الفيلم الشهير “كسكسي بالسمك”. وربما يكون من الجدير بالذكر الإشارة إلى أن هذا الفيلم لا يدور في أوساط المهاجرين من بلدان المغرب العربي في فرنسا على العكس من فيلم قشيش السابق، بل في أوروبا في أوائل القرن العشرين، وهو مأخوذ عن قصة حقيقية تعكس العنصرية الأوروبية في التعامل مع السود الأفارقة. وسيكون هذا الفيلم أطول أفلام المسابقة فمدة عرضه تبلغ 166 دقيقة.
ومن فرنسا أيضا سيعرض فيلم “إشراف” لفرنسوا أوزون، وهو من الأفلام التي تقاعست عن المشاركة في مهرجان كان، وتقوم بدور البطولة فيه كاترين دينيف أمام جيرار ديبارديو.
مشاركة إيطالية
إيطاليا الدولة المضيفة، تعرض في المسابقة كالعادة خلال السنوات القليلة الماضية، أربعة أفلام، منها فيلم “عزلة الرقم واحد” الذي تعود فيه إيزابيلا روسيلليني إلى السينما بعد انقطاع، وفيلم “العاطفة” لماريو مازاكوراتي.
ولكن هناك قسم خاص يضم مختارات من أفلام الكوميديا الإيطالية، كما يشارك عدد كبير من الافلام الإيطالية خارج المسابقة في الأسقام الأخرى من المهرجان.
وفي المسابقة فيلمان من اليابان منهما فيلم “ثلاثة عشر قاتلا” للمخرج الشهير تاكيشي ميكي المعروف بأسلوبه الذي يغرق في تصوير العنف، وله في ذلك تجاوزاته ومبالغاته الخاصة التي تعجب قطاعا كبيرا من الجمهور حول العالم.
وهناك بعد ذلك فيلم واحد من كل من كندا وألمانيا واسبانيا وتشيلي واليونان وروسيا والصين.
في الختام سيعرض الفيلم الأمريكي”العاصفة” عن مسرحية شكسبير الشهيرة، من إخراج جولي تايمور، وتقوم ببطولته هيلين ميرين.
وقد ابتكر المهرجان هذا العام، افتتاحا ثانيا أطلق عليه “افتتاح منتصف الليل”، ويعرض فيه الفيلم الأمريكي (من الإنتاج الكبير) “ماشيت” لروبرت ردوريجيز، ويضم باقة من النجوم مثل ليندساي لوهان وروبرت دي نيرو.
يرأس المخرج الأمريكي المثير للجدل كوينتين تارانتينو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، وتضم اللجنة في عضويتها الكاتب المكسيكي جوليرمو أرياجا (كاتب سيناريو أفلام المخرج الشهير اليخاندرو ايناريتو جونزاليس)، والمخرج الفرنسي أرنو ديسبلاشين، والموسيقار الأمريكي داني إلفمان، والمخرج الإيطالي لوكا جوادانينو، والكاتبة والمخرجة الإيطالية جابرييل سلفاتوري، والممثلة الليتوانية انجيبورجا دابكوناتي.
![]() |
اثناء العمل على فيلم البجعة السوداء |
آفاق
برنامج “آفاق” هو البرنامج الأكثر تنوعا وإثارة بعد المسابقة الرئيسية للأفلام الطويلة، ويعرض هذا العام 21 فيلما منها ثمانية أفلام وثائقية طويلة، وهو ما يشير إلى زيادة الاهتمام بالسينما الوثائقية في المهرجانات الدولية الكبيرة.
ويفتتح هذا القسم بالفيلم الفرنسي “الجمال النائم” للمخرجة كاترين برييه.
وإذا كان السينمائيون العرب يغيبون عن المسابقة باستثناء قشيش التونسي الأصل الذي يعمل في نطاق السينما الفرنسية، ففي قسم “آفاق” يعرض الفيلم اللبناني الوثائقي “شيوعيون كنا” لماهر أبي سمرا الذي سبق أن عرضت نسخة منه غير مكتملة في مهرجان أبو ظبي السينمائي 2009. وجدير بالذكر أن هذا الفيلم يعرض في فينيسيا ممثلا للإمارات ولبنان، بسبب تمويله من مهرجان أبو ظبي في إطار الصندوق الخاص الذي أعلن عنه لدعم السينما العربية.
وضمن “آفاق” أيضا، يعرض الفيلم الوثائقي الطويل “ظلال” لماريان خوري ومصطفى حسناوي، وهو من الإنتاج المشترك بين مصر وفرنسا.
وربما يكون من أهم أفلام هذا القسم الفيلم الأمريكي “أخبار من لامكان” للمخرج بول موريسي، والفيلم البريطاني “روبنسون المحطم” وهو فيلم وثائقي للمخرج باتريك كيلر، والتعليق الصوتي فيه بصوت فانيسا ريدجريف.
خارج المسابقة
وخارج المسابقة تعرض عشرة أفلام منها خمسة أفلام إيطالية (منها اثنان من الأفلام الوثائقية)، أهمها على الإطلاق فيلم المخرج الكبير ماركو بيللوكيو “شمس مايو”، وهناك فيلمان من الهند والصين، والباقي خمسة أفلام أمريكية منها الفيلم الوثائقي “مازلت هنا” للمخرج الشاب كاسي أفليك ابن الممثل المخرج جون أفليك وله فيلم في المهرجان.
يستضيف مهرجان فينيسيا برنامج “أسبوع النقاد” الذي ينظمه الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية بالتعاون مع جمعية نقاد السينما الايطالية. ويعرض سبعة أفلام من فرنسا وايطاليا واليونان وسلوفينيا والسويد وإسرائيل والمكسيك. ويعرض فيلما ثامنا من الفلبين خارج المسابقة.
أيام فينيسيا
وعلى هامش المهرجان ينظم برنامج “أيام فينيسيا” في دورته السابعة هذا العام على غرار “نصف شهر المخرجين” في كان، ويعرض 12 فيلما من 12 دولة.
من أهم هذه الأفلام الفيلم الفرنسي “ضجيج الثلج” للمخرج الكبير برتران بلييه الذي سيفتتح به هذا القسم، وفيلم “المحيط الأسود” للبلجيكية مايون هانسل، و”سيرك كولومبيا” للمخرج البوسني دانيس دانوفيتش الحاصل على جائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي عن فيلمه “أرض لا أحد” (2001).
جوائز المهرجان عادة ما تثير ردود فعل متباينة، ولكنها في نهاية الأمر، تعكس محصلة التوازنات بين أعضاء لجنة التحكيم.