سمراءٌ/شقراءٌ :شعر المرأة في الفنّ، والسينما

 

كما حال الرسم، النحت، والتصوير الفوتوغرافي، كيف وظفت السينما شَعر المرأة ؟
معرض (سمراءٌ/شقراءٌ) الذي بدأ في 6 أكتوبر 2010، وانتهى في 16 يناير 2011 حكى لنا قصة هذه الملحمة الرائعة.
هنا، حوارٌ أجرته الصحفية “ماري – إليزابيت روشي” مع “آلان برغالا” مُنظم المعرض، و”ماتيو أورليان” المُتعاون الفنيّ في “السينماتيك الفرنسية”، ونُشر في مُلحق (TéléObs).

صلاح سرميني ـ باريس

 من أين جاءت فكرة المعرض ؟
آلان برغالا : من ذوقٍ خاصٍّ، ودهشة، كان دافع تجسيد شَعر المرأة مركزياً في الرسم، والنحت، وأصبح أكثر أهميةً مع السينما، ومع ذلك، لا يوجد كتابٌ حول هذا الموضوع، لا في الرسم، حيث يشكلُ تجسيد الشَعر تحدياً حقيقياً، ولا في السينما.

سمراءٌ/شقراءٌ، هذا النقاش أثار البشرية منذ قديم الزمان، ويجعلنا حالياً نبتسمُ أيضاً…
آلان برغالا : وهذا الأمر بالتحديد ما يُثيرٌ الاهتمام، الانطلاق من سؤالٍ يبدو للوهلة الأولى سطحياً، وجذاباً، ولكن، عقيماً، وبنبشه، ندركُ بأنه المفتاح لأشياء أكثر جديةً مما نعتقد، الحديث عن الشَعر هو احتضانٌ لتاريخ الفنّ، وتاريخ مجتمعاتنا، أسمرٌ، أشقرٌ، أو أحمرٌ، قصيرٌ، أو طويلٌ، مرفوعٌ، أو منسدلٌ، لقد حافظ شَعر النساء دائماً على علاقةٍ وثيقة مع تاريخ المُجتمعات، والأساطير، ونستشرفُ فيها علاقات الرجال، والنساء، سواءً من جهة الإغواء، أو مقاومته.

في المعرض تهتمٌ بالحركة المُرتبطة بالشَعر.
آلان برغالا : لقد قدم الرسم قائمةً تتعلقُ بالحركة المُرتبطة بالشَعر، ولم تفعل السينما، في الجوهر إلاّ الاستحواذ عليها، ولكنّ حركات النساء مع شَعرهن في السينما أكثر إنجازاً، حيث تمتدُّ في الزمن، والحركة، ما يُغيّر كلّ شيء.

آلان برغالا منظم المعرض

هل بإمكان الشَعر أن يكون أداة قياسٍ سوسيولوجية ؟
آلان برغالا : بالتأكيد، لو تفحصنا اللون الأشقر في القرن العشرين، نجد بأنه يشترك في تاريخ كبير جداً، وفي بعض الحالات، الأسوأ، انظري إلى ملصقات مستحضرات التجميل اليوم، إنها تتبع بالضبط التحوّلات الاقتصادية، والجيوسياسية، فكرة (سمراء/شقراء) تستقبلُ الزائر في العالم المُبهج، والمُتلألئ للأسطورة، ومن ثمّ تقوده تدريجياً نحو دوائر أخرى للفهم .

في المعرض، يتضحُ بأنك تنهج فصلاً طموحاً، تاريخ، وجغرافية الشعر..
آلان برغالا : كيف نُفسر إمبريالية اللون الأشقر التي عمّت خلال القرن العشرين من الدول الإسكندنافية إلى ألمانيا، ومن الولايات المتحدة إلى روسيا، لقد حاولنا الإجابة على هذا التساؤل، ولم يتمحور التركيز حول الغرب فقط، حيث تواجدت في المعرض آسيا، أفريقيا، والبلاد العربية، وكمثال، يمتلكُ الشَعر في الهند أهميةً قصوى، لا يوجد مشهد حبٍّ بدون مروحةٍ بالقرب من الممثلين، يجب أن يجعل الشَعر المشاعر العاطفية واضحةً، وجلية.

من هم برأيكَ أكثر السينمائييّن الكبار الذين اهتموا بشَعر المرأة ؟
آلان برغالا : كلّ السينمائيين صوروا شَعر النساء، ولكنّ المُعلمين الكبار في هذا الجانب قلائل جداً، هيتشكوك، ميزوغوشي، بونويل، أنطونيوني، برغمان، غودار، لينش، فاسبندر، وبعض آخرين، اجتازت أفلامهم المشاعر الفريدة التي يُثيرها عندهم شَعر النساء، وكأنّ رغباتهم السينمائية تركزت حول الشَعر.

(سمراءٌ/شقراءٌ) ليس مجرد معرض حول السينما، إنه يمنحُ نظرةً واسعةً حول الفنّ بشكلٍ عام.
آلان برغالا : لقد تركز اهتمامنا حول إنشاء فروع، وأنساب، فقد أظهرنا بأنّ السينما في بداية اكتشافها، تشرّبت التقاليد الفنية، تماماً عندما أصبحت اليوم، على العكس، مصدر إلهامٍ للفنانين.
ما أريد قوله، بأنّ تيمة الشَعر في تاريخ الرسم يُشكل نصف المعرض، بينما يُظهر النصف الآخر كيف تبنّت السينما، وأطالت هذا الدافع .
كيف نُضيء شَعر المرأة، كيف نُصففه، أيّ حركاتٍ نمنحه، أيّ مادة، أيّ علاقةٍ مع الحكاية التي نريد أن نحكيها، في هذا المجال، أو ذاك، لم يتوقف الفنانون عن طرح هذه التساؤلات على أنفسهم .
 
في المعرض قدمت فنانين من الطراز الأول، أوغوست رودان، دانتي غابرييل روسيني، أرنولد بوكلاين، فرانسيس بيكابيا، فرناند ليجيه، بول ديلفو، أندي وارول،…
ماتيو أورليان : يعبرُ المعرض قرناً من تاريخ السينما، والفنّ، لقد تخيّرنا عرض أعمالٍ تنتمي إلى حقبة معاصرة، وبالآن ذاته، نهاية القرن التاسع عشر، عندما كانت السينما ما تزال في مراحلها الأولى، وأيضاً لوحات ما قبل “الرافائيلية” إلى جانب أعمال فيديوية لفنانين مثل “مارينا أبراموفيتش”، وهكذا تشكلت بينها، والسينما لعبة من الاستيحاءات، الصدف، والتقاطعات.
(سمراءٌ، شقراءٌ) ليس معرضاً بترتيب زمنيّ، ولكن، إيجاد حوار بطريقةٍ غير متوقعة، بين الأعمال الفنية، ومقاطع من الأفلام، وخلق معنى بمعرفة تحريض فضول الزوار.

لقد رغبتَ بأن تجعل الزائر يحلق في سيناريو حقيقيّ.
آلان برغالا : انطلاقاً من ذوقي الخاصّ، أحبّ المعارض التي تتخذ لها مساراً خطياً، إنها أفضل طريقة لقصّ حكاية.

هل لكَ أن تُحدثنا عن الوثائق الأرشيفية النادرة التي وجدتها من أجل هذا المعرض ؟
ماتيو أورليان : نعم، بما في ذلك فيلماً تسجيلياً أنجزه التلفزيون الأمريكي في الأربعينيّات، زمن الحرب العالمية الثانية، في تلك الفترة الحاسمة، طلبت الحكومة الأمريكية من مواطنيها، النساء بشكلٍ خاصّ، حشد طاقاتهم، بينما كان الكثير منهنّ يصففن شعرهن على طريقة “فيرونيكا لايك” ويتركن خصلةً تغطي إحدى العينيّن، وهو أمرٌ لا يتفق أبداً مع جهود الحرب، والعمل في المصانع، وبطلبٍ من الحكومة، عمدت الممثلة إلى تمثيل فيلم دعائيّ قصير، شرحت فيه لماذا قررت، ولأسبابٍ وطنية، تغييّر تسريحة شعرها، ويظهر الفيلم بعدها كيف تبنّت العاملات تلك التسريحة الجديدة، تعتبر تلك الوثيقة مثالاً رائعاً للتفاعلات بين السينما، والتغييّرات الاجتماعية.

في (سمراء، شقراء) هناك أيضاً مقدمة افتتاحية، لقد كانت واجهة مبنى الـ “سينماتيك” مُغطاة بشَعرٍ اصطناعيّ هائل الحجم، أحمر اللون، عملٌ تشكيليّ نحتيّ للفنانة “أليس أندرسون”.. 
آلان برغالا : أحب فكرة أن يكون المعرض مكان إنتاج، ومنها انطلقت مبادرة منح هذا الـ “برج” الضخم لـ”أليس أندرسون”، بالمقابل، منحنا الحرية الكاملة لستةٍ من السينمائييّن بتصوير أفلام قصيرة تتمحور موضوعاتها حول شَعر المرأة، وأيضاً مهمة تصفيف سينوغرافيا المعرض لـ “ناتالي كرينيير” التي قدمت عملاً مبتكراً للغاية مبدعةً عالماً خاصاُ بكلّ تيمة من تيمات المعرض باقتراح تفاعلية حقيقية مع الزائر.

بالنسبة لكَ، منظم المعرض، من هي السمراء، ومن هي الشقراء ؟
ألان برغالا : لويز بروكس، مارلين مونرو، في الحقيقة، عندما نتحدث عن أسطورتين مثلهما، فإننا لا نكتشف جديداً في هذا الموضوع.


إعلان