دكاش وبونزو يحضران لعمل ثاني بسجن رومية اللبناني

نقولا طعمة – بيروت
بعد النجاح الكبير الذي حققته مسرحية “12 لبناني غاضب” الذي أخرجته زينة دكاش من خلال تقنية علاج السجناء بالمسرح، بدأت التحضيرات لعمل مسرحي جديد مع فريق قديم مطعم بعناصر جديدة، يبلغ الخمسين، لوضع مسرحية جديدة اقتباسا من كتاب الكندي روبير غوريك “المشنوق”.

وتأسيسا للمسرحية الجديدة، حضر شريك العمل أرماندو بونزو، المخرج الإيطالي الذي يتصدر تجربة المسرح مع السجناء، وأقام مع دكاش ورشة عمل مع السجناء لتحضيرهم للعمل الجديد.
يشغل بونزو العديد من المراكز الفنية، وهو حاليا مدير مجموعة فولتيرا في توسكانة بإيطاليا، على ما أحب أن يختار تسميته في حديث ل”الجزيرة دوك”، بادئا بالقول أن “نتائج “12 لبناني غاضب” كانت ناجحة جدا، فمن خلال هذا العمل، وتقنية الدراما-ثيرابي التي تقوم بها زينة دكاش، يمكن فتح آفاق جديدة لدى الممثلين، ومن خلال التمثيل يمكن إحداث ما يفتح العقل أمام احتمالات أخرى في الحياة. فالمسرح وتقنيته تعتبر مصدرا كبيرا بهذا الاتجاه”.

أضاف: “إن عمل المسرح هنا يسير على نفس الخط الجاري في إيطاليا، وبالأهداف عينها، وإن كان ذلك بتقنيات وأساليب مختلفة، لكن العمل يعطي النتائج عينها، وهذا ما أثبتته تجربة سجن رومية الأولى”.

 

 

                   زينة دكاش

وقال عن عمله: “أعمل في هذا المجال منذ 23 سنة، حيث أقمت تجارب في سجن فولتيرا، وكانت النتائج جيدة ومشجعة، وهذا ما يجري في تجربة لبنان، حيث يمكن إحداث تغيير كبير وفعلي لأن التجربة تقتضي أن يأتي واحد من خارج السجن للعمل في السجن، فيترك ذلك أثرا هاما لدى السجناء”.

وعن عمله في لبنان حاليا، قال: “أساعد بإتمام العمل الجديد، وأعتقد أنها بحاجة لمساعدة، مع العلم أنها تستطيع القيام بالعمل بصورة جيدة جدا، لكن عملها صعب وشاق، ومن المفضل أن يساعدها أحد”.

وأعرب عن قناعته أنه “بعد عشرين سنة من التجربة، أجد أن التقنية المسرحية في السجن هامة جدا، فهي أحدثت، وستظل تحدث نوعا من التغيير، والتطور في حياة الناس، فهي ليست لتضييع الوقت كبرامج النكت الجماعية، وعندما كنا نقدم العروض في الأماكن العامة والشوارع أمام عامة الناس، كانت الأمر يحدث ما يشبه الثورة لدى السجناء”.

دكاش
أما زينة دكاش، فعرضت المشروع الجديد وهو مسرحية يجري تحضيرها في سجن رومية، والعمل الجديد هو الثاني عن المسرح بعد العمل الأول الذي أعقبه العلاج بالدراما في جلسات مقفلة عن الجمهور، والآن نحن بصدد التحضير لهذا العمل الذي يتضمن كتابات لنصوص من السجناء، وهناك ارتجالات كثيرة ولا نلتزم بنص معين. والنص الذي أكثر ما نقتبس منه اسمه “المشنوق”، وهو لكاتب كندي اسمه روبير غوريك”.
وقالت أن “عنوان المسرحية قد لا يكون ذات عنوان الكتاب، وأحداثها تجري في قرية في بلد غير معروف، تجري فيها أحداث، ومع أرماندو بدأنا الارتجالات الأولى من الناس الذين يسكنون هذا المكان. ما هي مطالبهم؟ ماذا يغيرون؟ وماذا يفكر واحدهم؟ وما هي اهتماماتهم؟ وهل هناك نساء أم لا؟ كما بدأنا تركيب الشخصيات مع أرماندو..”
وأفادت أن “عددا من فريق العمل هم من الذين اشتغلوا في المسرحية السابقة -12 لبناني غاضب- وهناك عدد من الجدد، مع فارق وجود أعمار أصغر 19-20 سنة، ودخلوا السجن منذ عام، وكانوا يتابعون علاجا بالدراما، واليوم أصبحوا شركاء في المسرحية، وهناك من القدامى من انتهت احكامهم وخرجوا من السجن. أشعر بسعادة لخروجهم، وقد كانت تجربتي معهم جميلة وانسانية، والطريقة أثبتت فعاليتها، وبذلك نستطيع الاستمرار، والدلالة استمرار أرماندو بتجربته رغم مرور 23 سنة”.

دكاش وبونزو خلال التحضير للمسرحية الجديدة

ورأت أن “المساعدة التي نقدمها تهيء السجين لكي يفكر بماذا يجب أن يفعله، وأنه بإمكانه تحقيق شيء معين. وقد ثبت لدينا أنهم اكتسبوا قناعة أنهم ليسوا أناسا بلا حاجة لهم. فالسجين يشعر بالتهميش، وهناك ظروف دفعته لعمل معين، ومن هذه الأعمال ما يشعره بعدم الحاجة له. دورنا أن نتمم عمله وهو ليس سهلا”.
يذكر أن دكاش وضعت فيلما وثائقيا عن مسرحية ” 12 لبناني غاضب”، وكيف جرت التحضيرات والصعوبات والتقنيات، عرض في عدد من مهرجانات السينما المحلية والدولية، وقد أنزل للسوق على ديفيدي مدمج.  

من هو أرماندو بونزو
فنان واسع النشاط بحيث لا يستوعب عمله كتابة صفحة. بدأ نشاطه الفني المسرحي بعروض في الشارع في نابولي سنة 1978، ثم انتقل إلى فولتيرا سنة 1983 حيث قاد مجموعة عمل دولية. وأسس المؤسسة الثقافية “كارت بلانش” سنة 1978 التي لا يزال مديرها.
بدأ عمله مع سجناء سجن فولتيرا سنة 1989، وأسس “Compagnia della Fortezza“، ومنذ ذلك الحين أخرج ما لا يقل عن عشرين مسرحية، قسم من تأليفه وآخر اقتباسا لكتاب عالميين ليس شكسبير إلا واحدا منهم. وتجول أعماله مع فرقته، وتعرض أعمالها في مختلف مسارح إيطاليا، واحتفالاتها منذ 2004، دون أن يقتصر نشاطه على سجن فولتيرا.
نال بونزو العديد من الجوائز العالمية، ولطالما دعي لإقامة ورش عمل مسرحية، ومؤتمرات عن صناعة أفلام الفيديو، ومحاضرات عن تجربة فرقته، خصوصا مع السجناء، ومشروعه المسرحي “مسرح المستحيل ” I Teatri dell’Impossibile“ في ثلاث سنوات.


إعلان