فيلم اختطاف: موضوع انساني مهم بمعالجة ركيكة
جمال السامرائي
ليس سرا اذا ما قلنا بان هناك طفل يصير في عداد المفقودين كل 40 ثانية في امريكا وحدها ، والكثير منهم لا يعودون الى منازلهم ، وذلك يؤكده مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي ، بل وانه خصص برنامجا تطبيقيا لذلك على هواتف الآي فون ، كما ان ظاهرة التبني منتشرة بشكل كبير في ذلك البلد وبصيغ متنوعة ، قد تكون احيانا غريبة ومريبة مثلما حصل في قصة فيلمنا لهذا الاسبوع ( اختطاف ) للمخرج ( جون سينغلتون ) وكتابة ( شوان كريستنغن ) ) الذي يروي حكاية الشاب ( نايثن ) الذي يعيش حياة صاخبة مع اصدقائه المراهقين وزملائه في المدرسة الثانوية ، وبنفس الوقت هو معجب بجارته وزميلته في الدراسة ( كارين ) التي ترتبط بشاب آخر ، لكن نايثن ينفذ الى قلبها فيما بعد ، وخاصة عندما تكلف مع نايثن بعمل بحث يتعلق بالاطفال المفقودين والوضع الاجتماعي

، وتلك تكون نقطة التحول او الكبسة التي غيرت حياة نايثن تماما ، حينما يجرون بحثا عن الاطفال المفقودين ، فيكتشفان صورة له وهو طفل بنفس القميص الذي يحتفظ به وعلى موقع الاطفال المفقودين ، وبسبب غريزة الفضول يتوغل نايثن في البحث عن معلومات اكثر ، ويخرج بنتيجة مفادها انه ذات الطفل الذي رآه على الانترنت بنفس الوقت الذي ينتزع من امه اعترافا بانها وزوجها ليسا والديه الحقيقيين وفي نفس الوقت ، يتعرض بيتهم لاقتحام رجال تابعين لكوزولو العميل السابق للسي آي ايه والذي تمرد على تلك الوكالة وهو يقود مجموعة من الخطرين , يسعون لاختطاف نايثن لحيازته على معلومات مهمة وخطيرة ، واثناء مصارحة نايثن أمه بمعرفته بأنها ليست أمه الحقيقة، يدخل رجلان البيت، وتخوض أمه عراكا قويا مع الرجلين مما يضعنا في تساؤل مهمم كيف لام عادية ان تمتلك هذه الفنون القتالية ، في نفس الوقت ابوه منشغلا في مخزن البيت حيث يقوم بعمل يدوي لتعدين قطعة حديد ، الام المقاتلة تطلب من نايثن الهرب ومعه زميلته كارين ورغم قتال الام الشرس لكنها تموت بطلق ناري وحينها ينتبه ا

لاب لما يجري وينجح في ضرب احدهم ومقتله لكنه ايضا يتعرض من الرجل الاخر لاطلاق نار وبعد خروج نايثن وكارين الى الشارع نفاجأ كما هم بانفجار هائل يدمر المنزل ، يهرب الاثنان ويبدء فصل جديد من المطاردات والمتابعة ، وبنفس الوقت يدخل طرفا الصراع بين السي آي ايه وجماعة كوزولا ، تنجح العميلة السرية التي كانت تؤدي دور الطبيبة النفسية ، وهذا ايضا خيط آخر يضيفه المخرج لحبكة الدرامية الذي يشتبك ايضا مع بقية الخيوط المختلفة الالوان ، حيث نتعرف فيما بعد بالاضافة الى ان الابوين لنايثن بالتبني هما في الاصل عملاء للسي آي ايه ، وبنفس الوقت فان ابويه الاصليين قد ماتا قتلا حيث ان والده كان ايضا من العملاء السريين ، وكل ذلك يصدم نايثن ويضعه امام تساؤلات وحيرة كبيرة يشعر فيها بالضياع بل وعدم الانتساب الى هذا العالم المحيط به ، ولشدة الملاحقة ومحاولة قتله يلجأ الى احد اصدقائه وزميل الدراسة الذي يساعده في تزوير اوراق رسمية له ولرفيقته بغرض الانتقال من ولاية الى اخرى ، ومع ذلك تستمر رحلة العذابات من التنقل بين الاماكن وعبر القطارات وويتعرض لملاحقة ومحاولة قتل وينجح في قتل من يتتبعه ، وينجح بشكل خارق من التفوق على الرجال الخطرين وبعد ان يطمأن لطرف الاستخبارات الذين يحاولون حجزه لغرض حمايته ، يتفق للقاء بهم واثناء اللقاء تحدث مواجهة دموية مع جماعة كوزولا الذين نصبوا كمينا لهم ، ومع ذلك يفلت ايضا وتنتهي قصة الفيلم بانهزام كوزولا ومجموعته ، وازاء هذا التشابك المعقد بين خيوط العمل يتناسى وضعه امام والديه الحقيقييين والمتبنيين ، ليعود بحياة اخرى مغايرة مختلفة تماما عن الاستقرار والامان اللذان كان يعيش فيهما ، ان الفيلم بشكل عام حقق هدفه التجاري وموضوعيا ادخل المتفرج في متاهات الاختطاف والتبني وعملاء السي آي ايه والمتمردين عليهم ليقدم حبكة درامية مركبة من كل هذا المزيج باسلوب الحركة والاكشن الذي يجلب الشباب بشكل مباشر ، دون تقديم معالجة موضوعية لقصة قد تكون اكثر انسانية هي فكرة االاطفال المفقودين وعملية التبني وما تفرزه من ارهاصات اجتماعية سلبية ، عدا عن تأثيراتها على البنية السليمة للمجتمع الانساني ، خصوصا ان هذه الظاهرتين منتشرتين بشكل كبير في امريكا ، وانها اصبحت مهنة رائجة لاصحاب النفوس المريضة التي تستغل الاطفال في اعمال غير اخلاقية واعمال اجرامية ، حتى تحولت تلك الجماعات الى مافيا خطرة تهدد البنية التحتية للمجتمع الامريكي برمته ، ولعبة الفيلم الاساسية هي شبيهة بعشرات الافلام الهوليودية بل ربما المئات منها وهي الاكشن والحركة ، ففي هذا الفيلم لم ينجح المخرج ( جون سينغلتون ) في اثارة فكرة من الجانب الانساني بقدر نجاحه في اجتذاب الجمهور عبر مشاهد الحركة والاكشن والايقاع السريع الذي نجح فيه فنيا في تتابع الانتقال من موقف لآخر ومن مفاجأة الى اخرى دون الاسهاب والتوغل فجائت مشاهد الفيلم بتتابع وايقاع حركي عالي نقلنا عبر اماكن واحداث متعددة ، فكان المخرج كما الانتقال بين الظواهر التي ذكرناها متسرعا ، وكأنه يقدم قصة يتلوها آخر الليل لاطفال لا ينامون، فغرضه كان واضحا هو التشويق والاثارة ولا شيء بعدهما ، اما اختياره للممثل الشاب ( تايلر لوتنر ) الذي اراد به نسخة من النجم ( مات ديمون ) فيبدو ذلك بعيدا من حيث الاداء والاحساس حتى وان تشابه معه شكليا .