“السينما إلهام للثورة أم رد فعل لها..؟؟”
سؤال يبحث عن إجابة في مهرجان الأسكندرية السينمائي الدولى
الأسكندرية: سميرة المزاحى
مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي حدث سنوي يعقد بمدينة الاسكندرية. ويهدف إلى نشر الثقافة السينمائية، والتعريف بمدى التقدم الذى أحرزته الفروع المختلفة للفن السينمائي، وتنظم المهرجان الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، وبالتعاون مع محافظة الاسكندرية في الفترة من 5 إلى 9 أكتوبر المقبل،وستشارك في المهرجان، الذي يستمر خمسة أيام، أفلام تمثل 16 دولة مطلة على البحر المتوسط هي تركيا وكرواتيا واليونان وألبانيا وقبرص والبوسنة وإيطاليا وإسبانيا والجزائر وسلوفينيا والجزائر وسوريا وتونس والمغرب ولبنان ومصر، وسيتم إهداء الدورة الجديدة لروح شهداء ثورة 25 يناير.
الوثائقية التقت برئيس المهرجان نادر عدلي وكان هذا الحوار:
يبدو أنّ الفرق بين مهرجان الأسكندرية ومهرجانات أخرى هو أنّ القائمين عليه نقّادٌ وليسوا سينمائيّين بمعنى الاحتراف؟
ه

ذا يعود إلى طبيعة التخصص الذى يحمله اسم جمعية كتاب ونقاد السينما وهى الجمعية التى تدير مهرجان الأسكندرية السينمائي منذ تكونت برئاسة الناقد المعروف كمال الملاخ ومعه عدد من اللامعين في ميدان الكتابة للسينما ومن نقادها في أكتوبر 1973. ومن بين أنشطة هذه الجمعية قيامها بتنظيم مهرجان الأسكندرية السينمائي الدولي كل عام بدءا من1979، إلى جانب تنظيمها لمهرجان القاهرة السينمائي قبل أن يقرر سعد الدين وهبة أن يضمه للدولة بقوته الوزارية حينما كان وزيرا، على الرغم من أن عددا ممن قاموا بإدارتها طوال العام لا يزبد عن ثلاثة أفراد هم: “سكرتيرة، وساعى، ومحاسب..”، فليس هناك تكوين إدارى قوى، ولهذا فإن الجمعية ليست بأفضل حالا عن وضع باقى الجمعيات الأهلية في مصر فالكل يحتاج إلى تغيير.
يعانى مهرجان الأسكندرية منذ عدة سنوات من قلة الدعم، إلا أنك أشرت إلى أنه تمت الموافقة على المهرجان سواء من وزارة المالية أو الثقافة، في حين أن مهرجان القاهرة ألغته وزارة الثقافة بسبب عدم وجود دعم في ظل ما تمر به البلاد من أزمات؟
ومازلنا نعانى في مهرجان الإسكندرية من قلة الدعم ولكننا كجمعية نقوم بعدة محاولات لزيادة الموارد، ولكن لم يصرح بإقامة مهرجان القاهرة هذا العام لأسباب عديدة أهمها يكمن في عدم وجود تكوين إدارى لمثل هذا الحدث الكبير، ولم يتح الرد على سؤال الوزير عمن الذي يدير مهرجان القاهرة..؟، فلم يقدم أحد أى تصور أو خطة أو هيكل تنظيمى واضح للمهرجان، واتضح أن القائمين على المهرجان كانوا تابعين للدولة يبدأ عملهم وينتهى دون وجود أسس محاسبة، فليست هناك شركة ولا هيئة ولا جمعية، ولهذا تم اتخاذ قرار بإلغاء المهرجان إلى أن يتم تنظيم هذا الشكل، وهى ليست بدعة في مصر فالعديد من المهرجانات في الدول العربية تكون الدولة شريكا رئيسيا في دعمها من الألف للياء على سبيل المثال : مهرجان دمشق، ومهرجان أبو ظبي، ومهرجان المغرب، أما دبي فهو يعتمد أكثر على الرعاة…..
يجب أن أشيد بالتجربة التى يقوم بها الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة ويريد أن يرسخها وهى أن تخرج المهرجانات من فك الدولة، ويأتى الهدف من استقلال المهرجانات الفنية عن سلطة الدولة وإدارتها من جانب مؤسسات أهلية هو تحقيق الاستقلالية الفنية وابتعاد الدولة عن فرض سطوتها علي المهرجانات سواء من ناحية اختيار رؤساء المهرجانات أو إدارة المهرجان، وأنا أؤيد ذلك، فإن كانت الدولة هى اللاعب الرئيسى ستجعل السينما تخضع لرغباتها والممثلين يعملون لحسابها، قد لا يظهر ذلك من وراء الستار، ولكنه يؤثر بشكل رئيسى ومباشر، وهذا ما يدل عليه حال السينما في مصر في السنوات الأخيرة.
وأين دور وزارة السياحة ومحافظة الإسكندرية الداعمين الأساسيين للدورات السابقة لمهرجان الأسكندرية؟
محافظة الأسكندرية أكدت لنا بأن الأوضاع المالية لديها بائسة جدا في ظل الظروف الراهنة التى تمر بها البلاد، واكتفت بالدعم الأدبي وسيقوم أسامة الفولي محافظ الاسكندرية بتوفير إمكانيات المحافظة لمساعدة المهرجان حتي يخرج بصورة لائقة، ومازالت المفاوضات قائمة مع وزارة السياحة لإنجاز برنامج خاص بضيوف المهرجان يشمل زيارات لمدن الأقصر وأسوان والقاهرة بعد ختام المهرجان بغرض تنشيط السياحة.
وبماذا تفسر عزوف رجال الأعمال عن دعم المهرجان هذا العام؟
بعض رجال الأعمال كانت لديهم الرغبة في دعم المهرجانات ولكن نتيجة رغبة الدولة في تجاهل الثقافة والسينما والتركيز على الدعاية لها من خلال الإعلام، انسحب رجال الأعمال من دعمهم لمثل هذه الأنشطة خوفا من وضعهم في إطار أنهم يلعبون ضد رغبات الدولة .
والشيء المؤسف أن هذا الفكر مازال يسيطر على الوضع الحالي، والبرهان على ذلك أن كافة الأحزاب الجديدة التى تكونت بعد الثورة ليس من بين برامجها أو موادها أى شىء يتعلق بالثقافة والفنون، ربما يكون الحزب الوحيد الذي انتبه لذلك هو حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين، ورغم تحفظنا الشديد على نقاط كثيرة في هذا البند إلا أنه يظل هو الحزب الأوحد في مصر الذي إنتبه إلى بند الثقافة حسب تصوراته وقناعاته.

وماذا عن ما تردد بأن محافظة الإسكندرية رفضت إقامة المهرجان بسبب عدم استقرار الأمن بالمدينة ؟
أنا أستبعد تماما هذا الأمر، وهذا كلام مرسل وغير دقيق، فهل يعقل أن نكون قادرين على حماية 80ألف مشجع لمباريات كرة القدم، ولا نستطيع توفير الحماية لقاعة مغلقة عدد الحاضرين بها لايزيد عن 1000 فرد، إضافة إلى أن صالات العرض السينمائي في مصر تعمل بكل قوتها، وأعتقد انه ليس هناك عداء ضد السينما لا من الثوار ولا من البلطجية، والذي يثبت ذلك إيرادات أفلام عيد الفطر ، والذي يثير الإعجاب أنه خلال أحداث الثورة أنتج ما يقرب من 30 فيلما قصيرا عن حدث واحد في مكان واحد خلال شهرين وهو ما لم يحدث من قبل.
تقول أن دورة هذا العام سوف تكون استثنائية بمناسبة ثورة 25 يناير التى ستعرض عدداً من الأفلام المصرية التى تناولتها … ألا تعتقد أنه مازال الوقت مبكرا حتى تظهر أفلام تتناول الثورة؟
لقد تم بالفعل اختيار 15 فيلما من أفلام تناولت أحداث الثورة خلال فترة إندلاعها أو بعد نجاحها وقد تم تصويرها جميعا بكاميرا ديجيتال، وسيتم عرضهم في المهرجان تحت عنوان “كاميرا الديجيتال..عيون ثورة 25 يناير”، ومن خلالهم نرصد حالة حدثت في مصر خلال 18 يوما، وستصبح هذه الأفلام فيما بعد تاريخا شاهدا على تلك الأحداث وفي هذا الإطار ستكون الندوة الرئيسية لهذه الدورة تحت عنوان “السينما إلهام للثورة أم رد فعل لها” ويشارك فيها نخبة من نجوم وصناع السينما المصرية.
هل نستطيع الآن أن نقول إنّ الفيلم الوثائقي لثورة يناير هو فعلا عمل فنّي ؟
بالطبع الفيلم الوثائقى عمل فنى بامتياز. تلك الأفلام هي العنوان الحقيقي للثورة لما رصدته من حقائق، بداية ممن حمل كاميراته لتسجيل الحدث، ومن ملامح الغضب التى رسمت على الوجوه الثائرة، ومن الشعارات التي أطلقها الثوار، ومن صناع الفيسبوك، هذه الأفلام الوثائقية هى تصوير دقيق لهذه المرحلة

هل لدينا ثقافة نقد الوثائقى؟
للأسف لا يوجد لدينا اهتمام بالوثائقي، وعلى الرغم من أنه يوجد أكثر من 40 فيلما وثائقيا شديدي الروعة والإتقان لأحداث ما بعد حرب 1973، إلا أن أحدا لم يهتم بدراستها دراسة دقيقة، وللعلم فإن ذلك يحدث أيضا على المستوى العالمى فلم يكن النقاد يهتمون بالفيلم الوثائقي قبل عرض الفيلم الوثائقى المثير للجدل “فهرنهايت 11/9” للمخرج مايكل مور، والذى حصل على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.
في كل عام كانت صعوبات تنظيم المهرجان هي الحدث الأبرز فما هى أبرز الصعوبات التى واجهتك ؟
أولى وأهم الصعوبات كانت في الموافقة على إقامة المهرجان بعد قرار وزير الثقافة بإلغاء كافة المهرجانات، أما الصعوبة الأخرى فتكمن في الانطباع العام لدى الغالبية أن هذا الوقت ليس وقت مهرجانات أو ثقافة، والبطولة في هذا التوقيت لبرامج التوك شو والتى في رأيي الشخصي أن تلك البرامج لاتتعدى عن كونها صراع لفظى بلا عقل، ولكي نعمل العقل يجب أن تكون هناك مهرجانات ويصبح هناك دور حقيقى للمثقفين من خلالها، وهو ما سيؤدى في النهاية إلى أن يكون لهذه الثورة عقل منظم.
مهرجان الإسكندرية يبحث عن فيلم مصري هل بسبب أن الواقع يؤكد خلو الساحة السينمائية من أفلام مصرية تليق بالمهرجان أم أن هناك أسبابا أخرى؟
هذا الخلل يجب أن نتوقف أمامه بجدية شديدة، ولكنى أؤكد أنه ليست لدينا أزمة فيلم مصري، وإنما لدينا حالة تعسفية يخضع لها المسوقون والمنتجون المصريون مقابل رضوخهم لأموال وشروط المهرجانات السينمائية العربية، فقد فوجئت برفض منتجى أفلام “18 يوم” وتحرير2011″ المشاركة بمهرجان الإسكندرية لأن أبوظبى شاركت في الإنتاج واشترطت على الشريك المصرى أن تعرض هذه الأفلام في مهرجان أبو ظبى أولا، وذلك شىء مؤسف جدا وعيب في حق الإنتاج المصري،في حين أنه في حالة إذا اشترط المنتج المصري عرض الفيلم في مصر أولا فلن يؤثر ذلك على جمهور الخليج لأنهم لم يشاهدوه ولن يأتوا للقاهرة وراء الفيلم.

صرحت بأنه في حالة عدم العثور على فيلم مصرى سوف تلجأ لافتتاح المهرجان بعرض افلام روائية قصيرة…كيف ؟
بالفعل قررت إدارة المهرجان أنه سيعرض خلال حفل الإفتتاح 3 أفلام ديجيتال من أفلام الثورة قبل عرض فيلم الإفتتاح الروائي، خاصة وأن هذه الدورة مهداة إلى روح الثورة.
هل يمكن أن تحدثنا عن اختيار إدارة المهرجان لتركيا كضيف شرف المهرجان؟
تركيا ستكون ضيف شرف المهرجان من خلال أفلامها،وسيكون هناك إحتفاء خاص سيقدم فيه بانوراما للسينما التركية تشمل أربعة أفلام هي “الورقة”، و”خطايا صغيرة”، و”نقطة مرور”، و”العبور”، ولعله من المؤسف أن الإمكانيات المادية الضعيفة للمهرجان لم تسمح بإستضافة صناع الأفلام، ولكن هناك ندوة خاصة يحضرها ممثل عن السينما التركية .