نادين لبكي: “هلأ لوين” قدم حلا فانتازيا للفتن
عانينا كثيرا خلال التصوير بسبب التصوير باماكن متباعدة جغرافيا
القاهرة – محمد حسن
لا تزال المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي تحصد جوائز فيلمها الروائي الطويل “هلأ لوين” الذي تناقش خلاله قضية اجتماعية وسياسية شديدة الحساسية , هي العلاقة بين المسلمين والاقباط في المجتمعات العربية والاسباب التي تؤدي لاندلاع الفتن بينهما بين الحين والاخر ..
“الجزيرة الوثائقية” التقت بنادين لبكي في مدينة نامور البلجيكية عقب فوزها مؤخرا بثلاثة جوائز عن الفيلم نفسه هي افضل فيلم وافضل تمثيل نساء وجائزة الجمهور , وذلك بمهرجان نامور لسينما الفرانكفون الذي عقد في اكتوبر الماضي .
تحدثت نادين عن التناول باسلوب فانتازي لقضية حساسة مثل هذه فقالت :”العلاقة بين المسلمين والاقباط في مجتمعاتنا العربية لا تحتاج لعمليات تجميل , يجب علينا كفنانين اظهارها كما هي , كي نضع ايدينا على الداء ونعرف كيف يمكن معالجته فيما بعد , والحقيقة انه لا داء سوى ضيق الافق , وفي الاديان الحل , لكن – مع الاسف – اغلب المتدينين يميلون في تدينهم للتطرف وعدم قبول الاخر والنتيجة فتن وقتل وفوضى لا تنتهي .

اضافت : الفيلم ينبذ الفتن ويزدريها , لكنه يحترم الاديان – كل الاديان – وهذا المعنى كان من الصعوبة تناوله دراميا خلال قصة شيقة لها بداية ولها نهاية , لكننا اجتهدنا واعتقد ان الله وفقنا لتحقيق الهدف , وظهرت بوادر النجاح منذ ان عرضنا اول عرض خلال مايو الماضي وحصلنا على جائزة “فرانسوا شاليه” ثم تتالت بعد ذلك الجوائز حتى اخذنا مؤخرا 3 جوائز دفعة واحدة في مهارجان نامور لسينما الفرانكفون .
وعن متاعب عملها كمخرجة وكممثلة في نفس الوقت قالت لبكي :”كان هذا في البداية قرارا صعبا , لكنني اتخذته وتحملت مسئوليته على عاتقي , وكنت اعرف ان التمثيل مهنة مستقلة تماما عن الاخراج , ولذلك كنت افصل تماما بين العملين , فكنت امثل لفترة ثم اخذ فترة راحة , وادخل في “مود” الاخراج وهكذا تعودت حتى انهينا التصوير .
وتحدثت عن تناول الفتن في فيلمها فقالت :”كان بامكاني قبل بدء التصوير ان استخدم الرمزية بنسج الدراما حول دينين افتراضيين لا وجود لهما كي لا اكون عرضة لاي انتقاد , ولكنني تركت هذا الحل السهل ولجأت للواقع فصورت الفتن الطائفية كما تحدث , وكيف ان الاسباب تكون تافهة للغاية وتؤدي لنتائج بشعة للغاية , فطفل مسلم يكسر صليبا – عن غير قصد – ويتصور المسيحيين ان شخصا كبيرا فعلها متعمدا فتشتعل الفتن بين الجانبين والنتيجة تكون عشرات القتلى والمصابين والارامل .
اشارت نادين الى انها ذكرت بالفيلم ان رجال الدينين الاسلامي والمسيحي يحاولون دائما التهدئة لوأد الفتنة , بينما هذا يخالف الواقع , واوضحت :”للاسف رجال الدين يشعلون الفتن بخطبهم المتطرفة في الجانبين , ولكنني لدي حلم اتمنى تحقيقه , لذا ادرجته بالفيلم , وهو ان يكون رجال الدين دعاة سلام حقيقيين .
وعن نهاية الفيلم التي شهدت تحول بعض المسيحيات ليصبحن مسلمات وتحول بعض المسلمات ليصبحن مسيحيات قالت نادين :”هذه الفانتازيا اردت منها توضح ان كل شخص حين يرتدي رداء الاخر سيفكر بشكل مختلف , وبالتأكيد لم اقصد الاستخفاف باي دين , وانما قصدت ان يتحول كل شخص عن موقفه ليصبح هو نفسه “الاخر” ونرى كيف سيتصرف مع من حوله .
وعن الحل الذي قدمه الفيلم قالت :”اردت تقديم حلا كوميديا عن طريق نساء الفيلم اللاتي يقمن بوضع الحشيش لازواجهن في الطعام وفي الخبز حتى يناموا ولا يتقاتلوا , فهؤلاء النسوة من المسلمات والمسيحيات ضاقوا من الاقتتال (أي شعروا بملل شديد من هذا الاقتتال الذي لا ينتهي ) وقد قدمت هذا الحل الكوميدي ليضفي على الفيلم لمحة فانتازية وكوميدية لكن لو تكلمنا عن حلولا واقعية فانا كمخرجة لست عندي حلول حقيقية لهذه الازمة , الحل في سعة الافق كما ذكرت في بداية حواري .

وعن كواليس التصوير قالت : “كان تصوير هذا الفيلم متعبا للغاية لكل من شارك به , فقد تم في 3 اماكن متباعدة جغرافيا , كما ان اغلب المشاهد كانت ليلية تم تصويرها في الظلام واحتاجت وحدات اضاءة متنقلة , ولكن رغم كل الصعوبات فقد شعرنا بثمرة الجهد حين حصدنا الجوائز في مهرجانات دولية .
اكدت لبكي عدم اصطدامها مع الرقابة وعدم حذف اية مشاهد من الفيلم على الرغم من حساسية القضية , وقالت :”الرقيب لم يطلب حذف أي شئ وانما كان يطلب احيانا تفسيرات لبعض المشاهد وحين كنا نفسر له ونجيب على استفساراته كان يسمح لنا بالتصوير دون حذوفات , وقالت :”ربما كان هذا سببا رئيسيا لنجاح الفيلم , لان الرقيب لو تدخل بالحذف او كتم الصوت في بعض المشاهد كان سيفسد دراما الفيلم .