مجلة “الفيلم الفرنسيّ” ثقافة سينمائية شبه مجانية
مثل الكثير من الإعلانات الورقية التي تصلني مباشرةً إلى صندوق بريدي، أستلمُ من وقتٍ إلى آخر دعوةً تحثني على الاشتراك في مجلة “الفيلم الفرنسي”، وكنت دائماً، ومازلت أمتلك الرغبة بتعريف القارئ العربي بهذه المجلة العريقة، وباقي المجلات التي تصدر في فرنسا ماضياً، وحاضراً، ولا تقلّ أهميةً عنها، وقد بدأت يوماً بتحقيق هذه الفكرة بناءً على طلب ناقدٍ سينمائيٍّ كان يشرف على قسم السينما في أحد المواقع الشهيرة، وبفضله، نشرتُ ثلاث قراءاتٍ توثيقية تضمّنت بطاقاتٍ تعريفية تفصيلية لبعض المطبوعات التي صدرت في فرنسا منذ تاريخ اكتشاف السينما، وحتى اليوم، ومن المُؤسف حقاً، بأنّ إدارة ذلك الموقع الديمقراطية جداً، والثورية جداً، ولأسبابٍ سوريالية لا يعرفها أحدٌ، ألغت صفحات السينما، وأدمجتها في قسم ثقافيّ شامل، واستغنت عن خدمات ذاك الناقد المُتفتح، والمُنفتح على كلّ الكتابات إلى درجة نشره دراسةً موّسعة عن “المثليّة الجنسية في السينما العالمية” لم تتجرأ أيّ صحيفة، مجلة، أو موقع على نشرها سابقاً.
وهاهي دعوة الاشتراك في مجلة “الفيلم الفرنسي” تُذكرني مرةً أخرى بتلك الخطوة، وتُحمّسني على محاولة تحقيقها جزئياً، ويبدو لي، بأنّ الثقافة السينمائية العربية لا تتحمّل هذا النوع من التوثيق، والسبب، رُبما، الامتعاض العام من المُقارنات المُؤلمة مع المشهد السينمائي الفرنسي، والعالمي بشكلٍ عام، وفي حالاتٍ كهذه، نستخدم علامةً تحذيرية من نوع (لا مجال للمُقارنة) كي نحمي أنفسنا من هجماتٍ فورية تختبئ خلف ذرائع نعرفها مُسبقاً، وندركها تماماً.
“الفيلم الفرنسي” مجلةٌ، موقعٌ إلكتروني، ونشرةٌ إخبارية يومية، ثلاث أدواتٍ تُكمل بعضها، وتضعنا في قلب الأحداث السينمائية.
منذ تأسيسها قبل ستين عاماً، تُعتبر الأسبوعية المرجعيّة لمُحترفي السينما، والسمعيّ/البصريّ، وترصد كلّ الاختصاصات السينمائية المختلفة. وتصدر المجلة أسبوعياً كلّ يوم جمعة، وتقدم المعلومات التي يحتاجها القارئ المُحترف. من تحقيقات ومقابلات وأخبار الصالات وإيرادات الأفلام.
مع مرور السنوات، أصبحت مجلة “الفيلم الفرنسي” مؤسّسة بفضل استمرارها، ومحتواها، ويمكن تسميّتها بمجلةٍ احترافية، فهي منذ تأسيسها في عام 1944 تتوجه لمُحترفي السينما، والمجال السمعيّ/البصريّ تحديداً، ومازالت تحافظ على توجهها نحو جمهور متخصص، وهي بالنسبة للمُؤرخين، والباحثين من أهمّ المراجع حول اقتصاديات السينما ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وقد ظهرت المجلة في أجواءٍ سياسية مضطربة بعد الاحتلال الألماني، عندما قرر “جان برنار ديرون”، و”جان بلاسيد موكلير” إصدار أسبوعية احترافية متخصصة بالسينما، وصدر العدد الأول في 8 ديسمبر 1944 بعنوان “الفيلم الفرنسي، لسان حال الصناعة السينمائية الفرنسية”، وبدأت كلّ أسبوع تقدم للقارئ العديد من المعلومات: أرقام، إحصائيات، تحقيقات، تحليلات، نشاطات الإنتاج السينمائي،…
في 11 مارس 1966(العدد 1135)، وبعد اندماجها مع “السينما الفرنسية” مُنافستها المباشرة، أصبح عنوان المجلة ” الفيلم الفرنسي، السينما الفرنسية : أسبوعية المعلومات السينمائية”، وحتى 15 فبراير عام 1974(العدد 1520) احتفظت المجلة بعنوانٍ، وترقيمٍ مُزدوج.
وفيما بعد، تغير العنوان أكثر من مرة:
في 22 فبراير عام 1974 (العدد 1521) ظهرت المجلة تحت عنوانٍ مُقتضب “الفيلم الفرنسي”. وفي 30 ديسمبر عام 1977(العدد 1705) أصبح عنوانها “الفيلم الفرنسي الجديد، أسبوعية محترفي السينما”، ورُبما كان المقصود “مجلة الفيلم الفرنسي الجديدة”.
في 29 أبريل عام 1983 (العدد 1945) عادت المجلة إلى عنوانها “الفيلم الفرنسي، أسبوعية محترفي السينما”.
في عام 1993، ومع ظهور التقنيات الجديدة، تطورت المجلة، وأصبحت “الفيلم الفرنسي، أسبوعية محترفي السينما، والسمعيّ/البصريّ”.
وأخيراً، في عام 2000 أصبح عنوانها “الفيلم الفرنسي، الأسبوعية الأولى لمُحترفي السينما، والسمعيّ/ البصريّ”.

في عام 1982 امتصت المجلة صحيفةً احترافية أخرى كانت تحمل عنوان “سينما فرنسا”. وفي يوليو من عام 1994 أصبحت المجلة ملكاً لشركة Emap France الفرع الفرنسيّ للمجموعة البريطانية East Midlands Allied Press، والتي ابتلعتها المجموعة الإيطالية Mondadori في عام 2006.
ومنذ تأسيسها، تُصدر أعداداً خاصة مُكمّلة للمجلة، أو خارج السلسلة، فصلية، أو سنوية حول تيماتٍ متنوعة .
هذه المجلة، وبعض الأخريات، ليست غريبة على الإعلاميّين، الصحفيّين، والنقاد العرب الذين تعودوا متابعة مهرجان كان، حيث أنها حرصت منذ عام 1946على إصدار نشرة يومية تتكوّن من حوالي 40 صفحة تُوزع في كلّ أرجاء “سوق الفيلم”، ويشير حضورها الطاغي، بأنها أصبحت أداةً لا غنى عنها للعاملين في كافة الاختصاصات السينمائية، والسمعية/البصرية، وأتوقع بأنها تضمّ أعداداً كبيرة من المُشتركين، ومن الطريف، بأنها تخيّرت خطةً إعلانيةً يسيل لها اللعاب، حيث تقدم للجُدد تخفيضاتٍ ترويجية يوفرون عن طريقها جزءاً كبيراً من قيمة الاشتراك السنويّ الاعتيادي، وبإضافة يورو واحد فقط، يحصل المُشترك الجديد على بطاقة سفر مجانية إلى بعض البلدان الأوروبية، والأمريكية، والأكثر إثارةً للانتباه من هذا الدعم المُفيد، إمكانية إدراج قيمة الاشتراك السنويّ في مصاريفه الاحترافية، وخصمها من دخله السنويّ، وتقليل نسبة الضرائب التي يتحتمّ عليه تسديدها، حيث تُعتبر المجلة، ومنذ عام 1989 (وُفق القوانين الضرائبية) بمثابة أداة تكوين مهنيّ متواصل للمُبتدئين، والمُحترفين على السواء، وهذا يعني، بأنّ المُشترك يحصل عليها مجاناً،….تقريباً.
هامش:
*المعلومات التاريخية، والتقنية مأخوذة بتصرّف من الرسالة الإعلانية، وموقع متخصص بمجلات السينما .