الرسوم المتحرّكة تكتسح السينما العالميّة

 
مع التقدم التكنولوجي الذي شهدته صناعة الفيلم في السنوات العشر الأخيرة على وجه التحديد، صار بالإمكان “تفريخ” أفلام الأنيماشن بأسرع ما تفعل الدجاجة.
 في السابق، كنا نسمع عن البدء بمشروع فيلم رسوم متحركة ثم ننتظر سنوات إلى أن ينتهي المشروع ويتحوّل الى فيلم معروض، أمّا الآن فكلها بضعة شهور ويخرج الفيلم الجديد مرتبطاً بعاملين:
إما أنه فيلم جديد في شخصياته يسعى لاستحواذ إعجاب الصغار والكبار على حد سواء.
أو أنه فيلم يتبع سلسلة من الشخصيات سبق لها أن استحوذت ونجحت والإنجيل الجديد لهوليوود ينص على أن كل فيلم ناجح عليه أن ينتج عنه فيلم رديف أو جزء ثان.
الصناعة الجديدة تجعل ذلك سهلاً، ما أن يقطف الفيلم الكرتوني النجاح حتى يُعهد، غالباً إلى الكاتب نفسه، وضع تتمّة أو حلقة جديدة تُغزل على نفس الشخصيات.
 وبعد شهرين من الكتابة وخمسة أشهر من التنفيذ يمسك المنتج نتيجة تحتاج إلى “تنظيف” وعمليات صوت ومزج موسيقي وهذا كلّه يتم في شهرين آخرين.
 الآن كل شيء صار جاهزاً..
هذا ما يفسّر كثرة الأفلام الكرتونية التي تُعرض علينا على مدار السنة وبعدما كانت تشكل تنويعاً مثيراً باتت الآن سينما متوفرة طول الوقت ما يجعلها- بالضرورة- أقل أهمية وتأثيراً مما يجب.
الأفق مليء بهذه الأفلام حتى مطلع العام 1914 حيث من المنتظر عرض الجزء الثاني من “كيف تدرّب تنينك” How to Train your Dragon 2
ففي الأسبوع المقبل تنطلق عروض Kung Fu Panda 2
هنا سيواجه الدب باندا تحدّياً جديداً، إذ كان تم تعيينه حامياً لوادي السلام، لكن هناك شريراً جديداً يتمتّع بإمكانيات لم تكن في الحسبان؛ إنتاج الفيلم واجه صعوبات لم تكن في الحسبان أيضاً إذ أن الرغبة في توفير معطيات تقنية جديدة جعل مهمّة المصمم، واسمه “رايموند زيباش”، أصعب مما كانت عليه.
أما الأصوات المشتركة في تمثيل هذا الفيلم فهي معروفة يتقدّمها “دستين هوفمن” و”أنجلينا جولي” و”سث روغن”، و”جاكي تشان” و”جاك بلاك”.
فيلمان فرنسيان في التحضير للإطلاق هذا العام أيضاً الأول “ليلة عطلة الأطفال” من إخراج/ أنطوان شانيون وأصوات: “جفري إيفان توما”، “لورن أشلي”، “كارتر مون”.
 الثاني هو “ساندريللا 3D” الذي ينقل حكايته إلى الغرب الأميركي.
 من المفيد أن نعلم أن الفيلم الأول أيضاً، “ليلة عطلة الأطفال” يجعل أميركا مسرح أحداثه في رغبة الإستفادة من السوق داخل أميركا وخارجها أيضاً، فالحدود التسويقية لفيلم فرنسي (من هذا النوع أو من أي نوع كان) محدودة والبديل هو إنطاق الأفلام الإنكليزية وجعلها أميركية البيئة قدر الإمكان.
“سندريلا بالأبعاد الثلاثة” من إخراج /باسكال هيرولد وينطلق إلى الأسواق الفرنسية أوّلاً (بنسخة فرنسية هذه الأيام) ثم يوزّع عالمياً بنسخة إنكليزية.
وبعد نجاح “سيارات” كان من المتوقّع أن يتم إطلاق جزء ثان وهذا ما يحدث الآن.. اللمسات الأخيرة على بعض العمليات الصوتية تتم الآن على «سيارات 2« مع جون لاسيتر الذي أخرج الجزء الأول. هذا الفيلم من إنتاج “بيكسار” التي تتبوأ الآن القمّة في مجال تنفيذ الرسوم المتحركة في الغرب.

 أعمالها دائماً مختلفة ومتقدّمة سنوات ضوئية على تلك التي تحققها الاستديوهات الأخرى مثل باراماونت وسوني وفوكس.
بطولة “سيارات” هي للسيارات، لكن “ويني ذ بو” و”جوك” و” سميرفس” و”وحش في باريس” من بين تلك المتكاثرة التي يتم إسناد بطولتها إلى حيوانات بعضها أليف وبعضها مفتعل الألفة، فإذا كان الدب “باندا” في الواقع ليس سوى وحش مفترس فإنه يتحوّل إلى حيوان بالغ الألفة يعجب به الصغار، لكن هذا ليس جديداً.
 المشكلة هي فيما يعتبره بعض علماء الإجتماع الأميركيين، حسب مقالة نُشرت في مطلع هذا العام في “سيانتفيك أميركان” له تأثير سلبي على رؤية الأطفال للعالم على حقيقته.
 يقول الكاتب في أحد فقراته: “أتساءل عن الوقع على الطفل حين يكتشف فجأة أن الحيوانات بمعظمها  يمكن لها أن تروّض بما في ذلك الفئران والجرذان على الرغم من أنه ليس من شك في خطرهما على البرية؛  حتى وإن اكتشف لاحقاً أن هذا ليس حقيقياً، فإنه أمضى فترة من عمره يثق بأن الفيلم منحه معلومة صحيحة ما قد ينتج عنه فقدانه الثقة بالمعلومات المستقاة من السينما من قبل أن يدرك أن السينما ليست سوى مسرح للخيال الحر”. ويضيف المتحدّث: “هل نريد جيلاً يعتقد أن البومة لا يجب أن تأكل الفئران لأن الفئران صديقة؟ أو نريد أن نطلع الأولاد على الحقائق العلمية كما هي؟”.
أحد الأفلام الحيوانية (التي لا تندرج في قائمة تلميع صورة الحيوانات القبيحة- إذا جاز التعبير-) هو “أقدام سعيدة 2؛ الجزء الأول من هذا المسلسل قدّم عائلة من البطريق وشظف العيش الذي تتعرّض إليه بسبب التغير المناخي، الجزء الجديد يستغني عن الرسالة الإجتماعية ويتخصص في مسابقة رقص تؤمّها حيوانات البطريق بما فيها ذلك البطريق الطفل الذي شهدنا ولادته في الجزء السابق.
كل هذه الأفلام ستكشف عن مستويات تنفيذ مختلفة، بعض تلك الأفلام  لن تكون أكثر من سلع رخيصة، وبعضها الآخر سلعاً أفضل قيمة ثم هناك تلك التي تمضي صوب كمال من الغايات والفنون من دون أن تتخلّى عن كونها في نهاية المطاف وعلى نحو طبيعي “سلعة”.

أحد هذه الأفلام “مغامرات تان تان: سر اليونيكورن” الذي أنجزه “ستيفن سبيلبرغ”، إنه الأول إخراجاً في مجال *الأنيماشن لسبيلبرغ * وأحد فيلمين قادمين حول تلك الشخصية المعروفة عالمياً والتي وضعها المبدع البلجيكي “جورج ريمي”، موعد عرض هذا الفيلم محدّد في الثالث والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل.

 المصادر:    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. Panda.jpg  كونغ فو باندا- 2
2 Happy Feet 2.jpg   هابي فيت 2
3 tintin.jpg  مغامرات تان تان

 


إعلان