المخرجة ماني كسينروز مانريكو رئيسة مهرجان “طريفه”

أسدل الستار منذ أيام وفي جنوب اسبانيا على فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان طريفة الدولي للفيلم الإفريقي بعد 7 أيام من الفعاليات التي شملت عروضا سينمائية طويلة وقصيرة  روائية وتسجيلية عكست في مجملها هموم ومشكلات القارة السمراء واختتمت الفعاليات بتوزيع الجوائز والتي بلغت إجمالي قيمتها 46.5 ألف يورو وفاز الفيلم المصري “ميكروفون” بأكبر جائزة وهي جائزة أفضل فيلم إفريقي وقيمتها 15 ألف يورو ثم أعلنت “ماني كسينروز مانريكو” رئيسة المهرجان عن باقي الجوائز .
ولأن “الجزيرة الوثائقية” كانت حاضرة لكل فعاليات المهرجان منذ بدايته، ليس فقط لكونها راعية لجائزة أفضل فيلم وثائقي، وإنما أيضا لأنها مهتمة بالتغطية الإعلامية والنقدية لكل فعاليات الحدث، ورصد ما له وما عليه، فقد  التقت “الجزيرة الوثائقية”  ب”ماني كسينروز مانريكو” رئيسة المهرجان لمناقشتها في عدد من السلبيات والايجابيات التي ظهرت خلال دورة هذا العام.

مصطفى ناجي مدير البرامج في الجزيرة الوثائقية
يسلم جائزة القناة لمديرة المهرجان

* نبدأ بالحديث عن معايير اختيار أفلام دورة هذا العام، كيف كانت ؟ وهل ركزتم على الشكل السينمائي أم على الموضوع ذاته الذي يطرحه كل فيلم؟
اخترنا أفلام هذا العام كما نختار كل عام، ��ناء على معايير احترافية من حيث استخدام تقنيات اللغة السينمائية، كما راعينا أن تكون موضوعات الأفلام المختارة مميزة وايجابية بحيث تكون مشرّفه حين تعرض في اسبانيا، حتى يدرك المشاهد الأوروبي أن هناك سينما جيدة في أفريقيا، ونحن نركز خلال الاختيار على الشكل والمضمون أيضا، فالمهم أن يكون الفيلم المعروض ذو قيمة فنية وجمالية، موضوع الفيلم طبعا مهم، لكن الموضوع وحده لا يكفي .

* لكن تقنيات السينما في أفريقيا قد تكون اقل منها في أوروبا فهل معنى هذا أنكم يمكن أن ترفضوا عملا موضوعه جيد ولكن لغته السينمائية ضعيفة؟
بالتأكيد،  لأن السينما لغة صورة، ولذلك هناك أفلام رفضنا مشاركتها فعلا رغم أن موضوعاتها جيدة، ولكن لغتها السينمائية كانت ضعيفة، لذا كنا نراعي في الاختيار التوازن بين جودة الموضوع والشكل الجمالي للصورة السينمائية .

* هل لديكم مشاكل في تمويل المهرجان؟
لدينا مشكلة في التمويل لكنها ليست مشكلة كبيرة، فالمهرجان يقام على أكمل وجه لكن في حدود كونه مهرجانا صغيرا، ونتمنى فيما بعد أن يكون التمويل أكبر ليكون المهرجان أكبر، فهناك رعاة رسميون يدعموننا بما يكفي لتغطية الجوائز واستضافة ضيوفنا وفي مقدمة هؤلاء الرعاة قناة الجزيرة الوثائقية التي تمنح المهرجان نصف قيمة الجائزة الوثائقية الأولى، كما تدعمنا حكومة الأندلس بشكل أساسي، وكذلك مؤسسة التعاون الدولي الاسبانية .

* هناك مشكلة تعانيها العديد من المهرجانات هي الوقوع تحت ضغوط لصالح جهات، وعمل توازنات في توزيع الجوائز، هل تعانون من ذلك؟
– المهرجان عبارة عن مبادرة من جمعية خاصة، ولا توجد أمامها عراقيل قانونية، وبالتالي ليست لديها توازنات أو حسابات، وهذا مهم لأنه ينعكس على نزاهة وشفافية الجوائز التي نمنحها لمن يفوز والدليل على هذا أن المخرج الفائز بأكبر جائزة سافر دون أن يعلم انه فائز، ونحن أيضا كإدارة مهرجان لم نكن نعلم بالفائزين، فهذا الأمر متروك للجنة التحكيم فقط .

* إقامة عروض المهرجان في 6 أماكن مختلفة قد يسبب إرهاقا أو إزعاجا لبعض رواد المهرجان، أليس من الأفضل أن تكون العروض في مكان واحد كما يحدث في مهرجان “كان” مثلا ؟
بالعكس، هذا شيء ايجابيا نحن لا نحب أن تكون العروض في مكان واحد، نحب أن تكون عروض السينما منتشرة في كل أطراف المدينة لتمتع كل الناس في كل الأماكن، تماما مثل المرأة الجميلة التي تقف في أكثر من مكان فيراها أكثر من شخص ويستمتع بجمالها، بينما مهرجان “كان” مثلا له فلسفته الخاصة، فهو مرتبط بقصر المهرجان ويقيم فيه فعالياته منذ نشأته .

* برأيك ما أبرز الهموم والمشكلات التي تناولتها افلام دورة هذا العام؟
السينمائيون الأفارقة لديهم وعي كامل بمشكلات قارتهم، وهمومها، ويطرحونها في أفلامهم، وهذا لا يعيب أفريقيا لان كل بلدان العالم بها مشكلاتها التي تتناولها أفلامها، حتى الدول المتقدمة، واهم محاور المشكلات الإفريقية في أفلام هذا العام تدور حول المستقبل والأمل وتطور المجتمعات الإفريقية ونظرتها لماضيها ومستقبلها واغلبها تكون مشكلات اجتماعية، فمن مصر مثلا عرضنا هذا العام 17 فيلما، منها 2 في مسابقة “الحلم الإفريقي” وفيلم في مسابقة “الجانب الآخر من المضيق” ولاحظنا أن الأفلام المصرية تركز على اهتزاز الوضع الداخلي وتتحدث الأفلام بلهجة رافضة للأوضاع الاجتماعية السائدة فيما قبل ثورة 25 يناير .

ماني مع المكرمين في المهرجان

* هل كانت الأفلام بوجه عام تنتقد الواقع بجرأة – في رأيك ؟
الانتقادات كانت تأتي على استحياء ربما لخوف السينمائيين من بطش السلطة، لذا أري أن الآلة السينمائية لا تنتقد الواقع بشكل مباشر، وهي آلة ثقيلة جدا في حركتها، فأنت كسينمائي حين تكون في ذروة الحدث تأخذ المبادرة بشكل متردد وصعب، ولكن بعد مرور الأزمة تجد أن توثيقك لتلك الأزمة سينمائيا بمثابة ثروة تاريخية مهمة .

* ما تفسيرك لضعف الإقبال الجماهيري على أفلام “طريفه” هذا العام؟
ربما يكون الإقبال ضعيفا لكنه ليس منعدما، والأسبان بطبيعتهم يحبون النوم عقب تناول الطعام، ولذلك فهم يستيقظون مبكرا ويذهبون لعملهم ثم يعودون وقت الغداء وينامون بعد تناوله ثم يسهرون ليلا في صالات الديسكو، هذا هو نمط حياة غالبية سكان مدينة “طريفة” ولذلك يكون الإقبال على مشاهدة السينما ضعيفا نوعا ما، وبمجرد أن يذهب 5 مثلا من أهل “طريفة” إلى احد عروض المهرجان، نكون بذلك قد حققنا هدفنا في الانتشار الجماهيري .

* أخيرا هل ترين أن المهرجان حقق الأهداف المرجوة منه هذا العام؟
 أعتقد أن أهم هدفين للمهرجان هما بناء جسر للتواصل الحضاري بين أفريقيا وأوروبا، وإلقاء الضوء على السينما الأفريقية، واعتقد أن كلا الهدفين تحقق، لقد اخترنا “طريفة” لأنها جنوب أوروبا وتفصلها عن شمال أفريقيا مساحة مائية لا تتعدى 14 كيلو مترا، وهذا التقارب الجغرافي له دلالاته في التقارب الثقافي عموما والسينمائي خصوصا .


إعلان