موعد مع السينمائي الجزائري “سليم عقار”

“الجزيرة الوثائقيّة” أحدثت ثورة في الصناعة السينمائيّة..ودعمها للوثائقيّ مكسب لأيّ مبدع

بعد أن نجحت الطبعة الأولى من الأيام السينمائية في خلق حركية سينمائية بقلب العاصمة الجزائريّة، جاءت الدورة الثانية لتثمين المجهود ورصد تطلعات ورؤى الشباب المحب بل العاشق لسابع الفنون كالمخرج الشاب و رئيس الجمعية السينمائية “لنا الشاشات”.. “سليم عقار” الذي يدير ويسيّر الجمعية منذ سنوات بمعيّة شباب يطمح لإسترجاع أمجاد السينما الجزائرية كما في السابق وهذا حفاظا على الرسالة الفنية لصانعي تلك الأمجاد بحنكة ومهنية.
“الجزيرة الوثائقيّة” إلتقت رئيس جمعية “لنا الشاشات” و المخرج/ سليم عقار بعد اختتام الدورة الثانية من الأيّام السينمائيّة وأدارت معه هذا الحوار..فلكم ما جاء فيه:
 
 
الأيام السينمائية الثانية بالجزائر العاصمة انقضت بعد خمسة أيام كاملة من العروض، الندوات، والنشاطات السينمائية.. بإعتبارك المشرف على التظاهرة كيف تقيّم لنا ثاني دورة سواء من حيث التنظيم، نوعيّة العروض، وكذا إقبال الجماهير؟ 
بصفتي المشرف على الأيام السينمائية في عامها الثاني على التوالي أرى أننا وُقفنا إلى حد كبير في اختيار برنامج الطبعة الثانية فقد أشاد الكثير بنوعية الأفلام المشاركة هذا العام لذا أقول أنها كانت طبعة ناجحة وتقييمي لها سيكون بالإيجاب، فلم نسجل الكثير من النقائص والجمهور كان المستفيد الأكبر من المهرجان المصغر الذي أردناه أن يكو�� بقلب العاصمة التي تفتقر لمهرجانات سينمائيّة فالفرد الجزائري وأخصّ بالذكر العاصمي متعطش لمثل هذه التظاهرات، وقد سجل هذا الأخير حضورا قويّا سيما في عروض الأفلام القصيرة والوثائقية ومن جهة أخرى اختيارنا إقامة الأيام السينمائية هذه السنة بـ “متحف السينما الجزائرية” كان صائبا وجدّ موّفق كونه يُعدّ من أعرق القاعات الموجودة على المستوى الوطني والتي تحتفظ بشواهد العصر الذهبي للسينما الجزائرية، فبمجرد دخولك المتحف تقابلك الممتلكات والمعدات السينمائية كآلات التصوير والعرض التي كانت تُستعمل في سنوات خلت فسعداء أننا كنّا همزة وصل بين الجمهور وجديد السينما العالمية بعد أن تخلى عن فكرة التردد على قاعات السينما بسبب الأوضاع التي عاشتها الجزائر سابقا وبذا حاولنا استدراجه من جديد، فكان البرنامج المنتقى ملبيا لكل الطلبات؛ وفضلا عن كل هذا فإن الطبعة الثانية شهدت مشاركة وجوه سينمائية من مخرجين، باحثين، ونقاد سينمائيين كبار في العالم العربي خاصة، أما بالنسبة للندوات فإرتأينا طرح إشكاليات تتلائم وما يحدث في العالم لأن السينما تنقل ما تعيشه المجتمعات ووُفقنا أيضا في ذلك والدليل الحضور الهائل للمهتمين بشؤون السينما الذين أثروا النقاش بتدخلاتهم سواء ما تعلق ذلك بواقع النقد السينمائي في العالم العربي أو مستقبل السينما بعد ثورات الشعوب التي تعرفها البلاد العربية أو غيرها. 
 
الطبعة الثانية انقضت لتعلن بذلك ميلاد ثالث دورة ونحن نعلم أن التحضير سيبدأ للحدث قريبا فهل ارتسمت لديكم ملامح الأيام السينمائية الثالثة والخطوط العريضة للتظاهرة التي تعوّد الكثيرون عليها؟
 سوف لن نتوقف بل سنعمل من اليوم وبشكل دائم تحضيرا للأيام السينمائية الثالثة فالعمل لم ينته، بالعكس سيكون متواصلا حتى بعد انتهاء الفعاليّة، نريد أن نكون عند حسن ظن الجمهور الذي وضع ثقته فينا، ونسعى دوما لتحسين الأداء والمستوى لنصل إلى تلبية رغبات وميولات كل شرائح المجتمع، وفي الحقيقة لا نريد أن نجعل من الأيام السينمائية مهرجانا بقدر سعينا للارتقاء بالفعل السينمائي وإمتاع الجمهور بعروض ونشاطات ذات جودة ونوعية  وهو المسعى الذي نُسخّر له كل ما لدينا من طاقة وإمكانات؛ وما أؤكده أن الأيام السينمائية العام المقبل ستحمل الجديد والكثير من المفاجئات التي سنكشف عنها مع قرب موعد التظاهرة.
 
من أهداف الأيام السينمائية أيضا تشجيع الفعل السينمائي وهنا أخص بالذكر الإنتاج الوثائقي و قد بدا حرصكم و اهتمامكم به فما عرض من إنتاجات وثائقية هذا العام كان متميزا؟
  
الشريط الوثائقي لديه جمالية ومصداقية، وأيضا يعد مرجعية لذا وجب الاهتمام به، مثلا نحن برمجنا خلال هذه الدورة تسعة أفلام وثائقية، وأتتنا أعمال أخرى لكن كنا مقيدين وملزمين بتطبيق برنامجنا هذا؛ وحصولي على الأفلام الوثائقية المشاركة في دورة هذا العام كان نتيجة أو بعد مشاركتي في مختلف المهرجانات الدولية كمهرجان “برلين”، أومهرجان “الجزيرة” للأفلام التسجيلية و مهرجانات أخرى سمحت لي و مكنتني من إقناع العديد من المخرجين بالمشاركة في الأيام السينمائية وهو ما تم فعلا.   
 

 الدورة الثانية من الأيام السينمائية حملت معها الجديد وجديدها تجلى في الحضور المميز لقناة “الجزيرة أطفال”، فهل هذا التعاون كان خطوة أولى ستتبع بخطوات أخرى من هذا القبيل ؟
أكيد فالتعامل مع قناة “الجزيرة” يتمناه أي مخرج وبالتالي تعاوننا مع”الجزيرة أطفال” كان تجربة ناجحة ومثمرة للغاية بعد العقد المبرم والذي سمح لنا بعرض أربعة أفلام كان لها صدى كبيرا، و نتمنى أن لا يتوقف التعاون عند هذا الحد، ولذا سأخصكم بإنفراد وهو أن “الجزيرة الوثائقية” ستكون حاضرة معنا خلال الدورة المقبلة بأفلام جدّ قيمة، وسيكون معنا رئيس مهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية، وهذا سيتأكد أكثر في الأيام المقبلة وليس الآن.. نحن نريد إعادة التجربة التي بدأناها مع “الجزيرة أطفال” لأنها إضافة ودعم حقيقي للتظاهرة فـ “الجزيرة الوثائقية” مثلا أحدتث ثورة  في العمل الوثائقي ولم يقتصر ذلك على مستوى الإنتاج بل حتى في الدعم الذي تقدمه مختلف قنوات “شبكة الجزيرة” للمخرجين من مختلف الجنسيات سواء من لبنان، فلسطين، وحتى الجزائر وأقرب الأمثلة: تجربة المخرج الجزائري/ أحمد راشدي الذي تلقى فيلمه ”في إنتظار زيدان” دعما كبيرا من قناة “الجزيرة أطفال” وهذا دعم لا ينكره جاحد في أن “الجزيرة” تدعم وتشجع العديد من المشاريع في المجال، ولهذا أتمنى أن يكون التواصل دائم بيننا لخدمة المشاهد العربي على وجه الخصوص ولتشجيع الإنتاج السينمائي.
 
 
.. طيب ننتقل في حديثنا إلى “سليم عقار” المخرج السينمائي؛ وكيف تحدد توجهه إلى هذا الجنس الإبداعي دون غيره من الفنون؟
 في الحقيقة اتجاهي للسينما وبالضبط للإخراج السينمائي كان من منطلق وطبيعة عملي كصحفي، وتعلمين أن الصحفي لا يقتنع بما هو سطحي بل يبحث دوما عن المزيد من المعلومات ويلزم نفسه بالتحري عن تلك المعلومة وغالبا ما تتملكه رغبة وروح الإكتشاف وأنا شخصيا وجدت الشريط الوثائقي الأقرب للعمل الصحفي، و ما حدد أيضا توجهي للوثائقي فضلا عن تفضيلي لهذا الصنف من الأفلام هو أني لا أملك الوقت الكافي لأخرج، أو أنجز فيلما طويلا ومن يدري ربما سيكون ذلك في المستقبل إلا أن تركيزي اليوم منصب على الفيلم الوثائقي. 
 
بما أن تركيز “سليم عقار” منصب أكثر على إخراج الأفلام الوثائقية لو نتحدث عن الأعمال التي أنجزتها في هذا الإطار؟
 ”تصوير في الجزائر” هو باكورتي السينمائية الأولى وأول شريط وثائقي قمت بإخراجه سنة 2007 ويتحدث عن سنوات الإرهاب التي طالت الجزائر في التسعينات من القرن الماضي، حيث حاولت أن أرصد أوضاع الجزائر في العشرية السوداء من خلال قصة أربع مخرجين جزائريين قاموا بانجاز وإخراج أفلامهم رغم الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الجزائر في تلك الفترة والتي أبادت الفعل الثقافي فكان هذا العمل تحية تقدير وعرفان لهؤلاء ولأمثالهم..؛ أما ثاني عمل حمل بصمتي الإخراجية جاء تاريخيا مستوحى من الثورة الجزائرية( 1954 –1962 ) والموسوم بـ ”سجين فرنسي لدى جيش التحرير الوطني” وهو عبارة عن أول شهادة لسجين فرنسي في صفوف جيش التحرير الوطني الذي يروي في هذا الوثائقي وجوده وعمله في صفوف جيش التحرير، مرورا بالمعاملة التي لقيها من قبلهم وكيف أطلق سراحه؛ وميزة هذا العمل أنه نقل شهادة السجين الفرنسي وكيفية اقتناعه وتعاطفه مع الثورة الجزائرية ومع نضال الشعب الذي اعتبر مطلبه حقّا مشروعا في سبيل الاستقلال والحرية.
 
وبعد ”تصوير في الجزائر” و ”سجين فرنسي لدى جيش التحرير الوطني” هل من مشروع سينمائي آخر سيرى النور قريبا؟

أعتكف حاليا على مشروع سينمائي جديد، فيلم وثائقي أحاول من خلاله رصد نظرة المخرجين الجزائريين العرب والأجانب تجاه الثورة التحريرية، وبمفهوم آخر كيف صوّرت كاميرا المخرجين الثورة الجزائرية وكيف نقلت وقائعها، العمل بلغت نسبة إنجازه خمسون بالمائة وسيعرض سنة 2012 في إطار الإحتفال بالذكرى الخمسين لعيدي الاستقلال والشباب التي ستكون على مدار سنة كاملة، الوثائقي هذا لا يعتمد على الأرشيف بل على لقطات من بعض الأفلام التي تتحدث عن ثورة المليون   ونصف المليون شهيد، وعلى شهادات حية لكبار المخرجين سواء من الجزائر كالمخرج ”رشيد بوشارب”، ”الأخضر حمينة”، ”عمار العسكري”، و”أحمد راشدي”، أو من فرنسا كالمخرج ”لورون سيريف”، ”لورون إيمان”، ”إيف قواسي” وأسماء أخرى.
 


إعلان