إليوت غروف: 16 نقطة حول علاقة المخرجين بالمهرجانات
ملاحظاتٌ مفيدةٌ تكشف بشجاعةٍ عن حالةٍ معروفة، ومتكررة، تُجسّد العلاقات الطيبة أحياناً، والمُتوترة غالباً بين المخرجين، والمُنتجين، والمهرجانات السينمائية، وهي، كما تُفهمنا هذه القراءة الطريفة، لا تقتصر على العربية منها فحسب، ولكن، الأجنبية أيضاً، الكبيرة، والصغيرة.
وهاهو المُنتج الكنديّ الأصل “إليوت غروف” مؤسّس، ومدير “مهرجان ريندانس السينمائي” في لندن يخرج عن صمته، ويتجرأ بالإشارة إلى بعض هذه العقبات، والإشكاليات، ويردّ على مخرج افتراضي غاضب، يجد كلّ شيء أمامه حالك السواد، وهي حالة معظم الذين ترفض المهرجانات أفلامهم.
يوجّه المخرج (الحقيقيٌّ، أو المُفترض) استنكاره إلى إدارة “مهرجان ريندانس السينمائي” :
ـ في مراتٍ عديدة قمتُ باقتراح أفلامي، وتسجيلها في المهرجانات السينمائية، ويؤسفني إعلامكم، بأنها تُثير غضب المخرجين.
ببرودة أعصابٍ كندية، مختلطةً بمزاجٍ ضبابيّ إنكليزيّ، مغلفةً بورق شفاف، ومربوطةً بصرامة، يردّ “إليوت غروف” على سؤالٍ واحدٍ بـ 16 إجابة، سوف أدرجها بتصرف..
أشياء كثيرة يُقدم عليها المخرجون، تُثير غضب مهرجانات السينما.
مخرجون لا يقرؤون الشروط، واللوائح .
يمتلك كلّ مهرجانٍ أهدافه الخاصّة، ويُنظم علاقاته مع المخرجين، والمنتجين عن طريق مجموعةٍ من الشروط، واللوائح تفادياً لهدر الوقت، ولا يمكن أن تتخيلوا عدد المكالمات الهاتفية، والرسائل الإلكترونية التي نستلمها من مخرجين يتبيّن لنا فوراً بأنهم لم يدققوا في الشروط، واللوائح المُتوفرة في موقع المهرجان.
التواصل بهدف الحصول على طلبٍ، أو معلوماتٍ محددة أمرٌ مشروع تماماً، ونحن، مثل كلّ المهرجانات، نُرحب بمثل هذه المكالمات.
ولكن، هناك الكثير من المخرجين لا يقتطعون دقيقةً واحدة من وقتهم لمعرفة طبيعة المهرجان، ومع ذلك يتأففون من عدم اختيار أفلامهم.
مخرجون لا يملؤون قسيمة المُشاركة بدقة، أو لا يكتبون كلّ المعلومات المطلوبة.
وفي هذه الحالة، لا يمكننا اعتماد القسيمة، وتتوجه مباشرةً إلى ملف الانتظار، وعادةً لا يُعاد النظر فيها مرةً أخرى، ولن يقرأها أحدٌ من المُنظمين، لأنها سوف تُضيّع وقتهم في اصطياد المعلومات الناقصة قطرة قطرة..
يُرجى تعبئة “قسيمة المُشاركة” بعنايةٍ فائقة، وإن احتوت على كلمةٍ غير مفهومة، أو تحتاج إلى تفسير، وقبل الاتصال بالمهرجان، وتعطيل أحد الموظفين، أو المُتدربين، فإنّ أسهل طريقة لمعرفة معناها استخدام محركات البحث.
مخرجون يرسلون عناوين، أو أرقام تلفونات خاطئة، أو غير دقيقة.
هل من الصعب التأكد من صحة تفاصيل التواصل معكم ؟

مخرجون يصعب التواصل معهم.
بما أنكم بذلتم كلّ هذه الجهود من أجل تسجيل أفلامكم، فإنّ أقلّ ما يمكن توقعه، بأننا سوف نتصل بكم في غضون فترة معقولة.
لا يمكن إحصاء عدد المرات التي يتوّجب علينا كتابة رسائل، وإجراء مكالماتٍ هاتفية، ومن ثم نطلب من أشخاص آخرين في فريق العمل محاولة التواصل مع المنتج، أو المخرج من أجل الحصول على معلومة مهمة، وفي بعض الأحيان، نتوقف عن إكمال هذه الخطوات المُضنية، ونستبعد الفيلم.
مخرجون مفرطون جداً في التواصل مع المهرجان.
من جهةٍ أخرى، نندهش أحياناً عندما يبدأ مخرجون من جميع أنحاء العالم الاتصال بنا لمعرفة :
ـ فيما إذا كنا قد استلمنا الفيلم.
ـ ماهي نتائج الاختيار.
ـ لماذا لم نُدرجه في قاعدة بياناتنا.
مع أنّ المغلف البريدي الذي يحتوي على نسخة من الفيلم قد وصل إلى مكتب المهرجان منذ بعض الدقائق فقط.
الأكثر استفزازا، عندما نتلقى مكالماتٍ من مخرجين يسألون بعصبية فيما إذا كنا قد شاهدنا أفلامهم.
مخرجون لديهم خلافاتٍ مع فريقهم.
في كلّ دورة يصلنا من 10 إلى 20 فيلماً يتمّ سحبها لأنّ الأشخاص الذين قاموا بتسجيلها لا يملكون أيّ حقوق في الفيلم، أو ترخيص من باقي فريق العمل.
من المبادئ الأساسية، والعامة، بأن يحصل المخرجون على موافقة قبل البدء بالتصوير، وليس عندما يسمع شخص ما من فريق العمل بأن أفلامكم سوف تتوجه إلى مهرجان ما.
مخرجون لم يحصلوا على حقوق استخدام الموسيقى في أفلامهم.
مهرجانات كثيرة، ومنها “ريندانس”، لا يمكن أن تعرض أفلامكم إلا إذا حصلتم على موافقة باستخدام الموسيقى، عندما تطالبنا جهة ما بحقوق التأليف الموسيقي، لن تكونوا أنتم من سيتحمل العقوبات القانونية الثقيلة، ولكن، الذي سيتحمل العقوبة هي إدارة المهرجان، وصالة السينما.
يمكن القول، إن نصف أسباب رفض الأفلام في مهرجان “ريندانس”، لأنّ مخرجيها، أو منتجيها لم يحصلوا على موافقة من أجل استخدام الموسيقى في أفلامهم.
مخرجون يرسلون أفلامهم منسوخة في أقراص مُدمجة سيئة التشغيل، أو لا تعمل.
نفهم صعوبة التحقق من سلامة كلّ نسخة قبل إرسالها، ولكن، سوف ينزعج المبرمجون عندما يجدون قرصاً لا يعمل، ونحن نعرف بأنه ليس خطأ متعمداً من طرفكم، ولم نفكر لحظة واحدة بأن أحداً كان ثملاً عندما نسخ فيلمه، ولكن بعد هذه العقبات التقنية سوف نضع أفلامكم في قائمة الانتظار على أمل الإجابة على رسائلنا الإلكترونية، كي ترسلوا لنا قرصاً جديداً قبل الموعد المحدد لفترة التسجيل.
مخرجون يريدون أن نشاهد أفلامهم “أون لاين”.
تريدون بأن نشاهد أفلامكم عن طريق جهاز الكمبيوتر، والأسوأ، بأننا سوف نضطر لمشاهدتها من خلال شاشة صغيرة جداً كي نتجنب مشاكل الاتصال، هل يرضيكم ذلك ؟*
مخرجون يرسلون صوراً فوتوغرافية سيئة، وغير قابلة للطباعة الجيدة.
بالنسبة لنا، المهمة الأكثر صعوبةً، عندما تصلنا صوراً فوتوغرافية سيئة لا يمكن طباعتها في دليل المهرجان، أو وضعها في موقعنا.
منذ 3 سنوات، توقفنا عن طباعة صور المخرجين، لأنهم كانوا يرسلون لنا صوراً من أيام دراستهم في الجامعة.
مخرجون لا يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعية.
سوف يصبح عمل المهرجان أكثر سهولةً عندما تستخدمون شبكات التواصل الاجتماعية، ومن خلالها بإمكانكم إعلام أصدقائكم، والمتعاونين معكم عن موعد عرض أفلامكم.
في مهرجان “ريندانس”، نحاول إنجاح عروض أفلامكم إلى أقصى حدٍّ ممكن.
لدى معظم المهرجانات ميزانيات تسويق محدودة، ومن المفيد بأن تساعدوا على إنجاح عروض أفلامكم، وكلما زاد اهتمامكم، سوف تتضاعف نجاحات أعمالكم .
مخرجون لا يرسلون ملفاتٍ صحفية.
“ريندانس”، مثل معظم المهرجانات، يقيّم الطلبات بناءً على نوعية الأفلام، وعندما نختار أحدها، نفكر بإنشاء إستراتيجية حملة إعلامية .
وإذا تقاعس المخرجون عن تلبية طلبات رجال، ونساء استراتيجيات الدعاية، والتسويق، سوف يعرقلون نجاحات عروض أفلامهم في المهرجان.
مخرجون عصبيو المزاج، وانفعاليون.
نحن نعمل ما في وُسعنا، ونحاول أن يحظى كلّ فيلم على النجاح الذي يستحقه، في مهرجان كحال “ريندانس”، ومع حوالي 300 فيلم، وأكثر من 250 مخرج يحضرون من 36 – 40 بلداً كلّ عام، يصبح الأمر تحدياً تنظيمياً، وفي بعض الأحيان، نتراجع، ليس لأننا نكرهكم، أو نكره أفلامكم، ولكن، بالتأكيد سوف يظهر انزعاجنا عندما نشعر بأنكم لا تقدرون جهدنا، في الأوقات التي نحاول أن نتفادى المصاعب، والعقبات، وترتيب الأمور من أجلكم.
وبالمناسبة، في كلّ عام أسافر إلى أكبر 3 مهرجانات في أوروبا : روتردام (يقصد مهرجانها الدولي)، برلين، وكان، وفي كلّ واحد منها نعثر على سلبياتٍ معينة، ونتغاضى عنها.
مخرجون لا يفهمون دور المهرجان.
تتحدد مهمتنا في محاولة ملء الصالة بجمهور نتمنى بأن يستمتع بأفلامكم، بينما ينحصر دوركم بتقدم إنجاز أفلاما تُثير الاهتمام، والبهجة، وإذا كنتم حاضرين في المهرجان، يجب أن تكونوا جاهزين من أجل اللقاءات، والحوارات، والمُشاركة في الندوات قبل، وبعد عرض أفلامكم.

مخرجون يتعاملون مع وسطاء محتالين.
هناك عدد لابأس به من المُحتالين الذين يحشرون أنفسهم بين المهرجانات، ومخرجين يدفعون لهم مبالغ ضخمة للاستفادة من خبراتهم في تسويق أفلامهم ـ على حدّ إدعاءات المُحتالين ـ.
كما أعرف، لا يوجد مهرجان (يحترم خبرات مبرمجيه، ومستشاريه) يحتاج إلى هؤلاء الوسطاء (وحول هذا الموضوع حديث أكثر إسهاباً).
مخرجون يتجاهلون فوائد العلاقات العامة.
يرتكز كلّ شيء في صناعة السينما على العلاقات العامة، عندما تتواجدون في مهرجان ما، لن تلتقوا فقط بأولئك الذين يعملون في كواليسه بإرهاق، ولا يحصلون عادةً على أجور مريحة، ولكن، أيضاً بسينمائيين آخرين، وفي هذه الحالة يمكن أن تتشكل بينكم صداقات مفيدة، وإذا توطدت العلاقة معهم، سوف يكونوا بالتأكيد مفيدين لكم في مهرجاناتٍ أخرى، ورُبما، في سنواتٍ لاحقة، سوف يُعانق أحدكم الآخر في حفلات توزيع جوائز الأوسكار، مثل هذه العلاقات تساوي ثروة لا يمكن الحصول عليها بالمال.
إختفاء تدريجي
ويضيف إليوت غروف عندما بدأتُ في كتابة هذه الملاحظات، لم يكن لديّ أيّة فكرة عن عدد التفاصيل التي تُزعجني في علاقاتي مع المخرجين، هي اليوم 16 فقط .
أرجو بأن لا يعتقد أحدكم بأنني أتذمر، أو أشتكي، أنا لستُ كذلك بالتأكيد، خلال 20 عاماً من مسيرتي المهنية، ترأستُ فيها مهرجان “ريندانس”، وكان من دواعي سروري، بأنني التقيت بأشخاص رائعين، يطفحون طاقة وعواطف وموهبة.
أن أكون في موقعي هذا، وتأثرتُ بالكثير منهم، يجعل من عملي، بكلّ بساطة، الأفضل في هذا العالم القاسي.?
*ملاحظة : هذه الفقرة تخصّ “مهرجان ريندانس” بالتحديد، حيث بدأت بعض المهرجانات العربية الكبرى بمُشاهدة الأفلام “أون لاين”.