افلام عن الحيوانات و ” بروس لي ” حول الايقونة

أمستردام – محمد موسى
بمناسبة يوم الارض الذي صادف يوم الثاني والعشرين من شهر ابريل، بدأت صالات امريكية وبريطانية بعرض ثلاثة افلام توثيقية عن عالم الحيوانات هي : “القطط الافريقية” للمخرجين كيث سخولي و اليستر فوذيرجيل، “الشمبانزي” للمخرجين مارك لينفيلد و اليستر فوذيرجيل،”الى القطب الشمالي” للمخرج جريج ماكغيليفاري، والاخير قامت بالتعليق الصوتي فيه النجمة ميريل ستريب.
واذا كانت المناسبة العالمية التي تنال منذ سنوات اهتماما متزايدا، فرصة دعاية اضافية لاي افلام عن الطبيعة، الا ان الاخيرة لا تغيب عن برمجة صالات الولايات المتحدة الامريكية ومعظم دول غرب اوربا. فلا تكاد الصالات تودع فيلما تسجيليا من هذه الفئة حتى تستقبل فيلما جديدا آخر. هذا التواجد المكثف في الصالات السينمائية، هو امتداد للنجاح الباهر لبرامج الحيوانات التلفزيونية، بل يمكن القول ان هذه الافلام تخرج من “ماكنة” الانتاج التلفزيوني، فعدد شركات الانتاج التي تتولى انتاج هذا النوع من الافلام هو محدود للغاية، وجل عملها يتركز بانتاج برامج الحيوانات والطبيعة للقنوات التلفزيونية، لذلك ليس غريبا ان تكرر الاسماء نفسها التي تقف وراء انتاج وتنفيذ هذه الاعمال ( قام اليستر فوذيرجيل مثلا باخراج فيلمين من الافلام التي تعرض حاليا في الصالات)، كما ان قنوات تلفزيونية لا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة، تقوم بانتاج هذه الاعمال. فالبي بي سي البريطانية تتصدر القنوات التلفزيونية بالعالم، بتاريخ يمتد الى اكثر من اربع عقود، وانضمت لها في السنوات الاخيرة قنوات تلفزيونية متخصصة مثل (ناشونال جيوغرافيك) و ( كوكب الحيوانات).

تعي شركات الانتاج التي تقف خلف افلام الحيوانات والطبيعة، بانها يجب أن تقدم “منتجا” يحمل بعض الاختلاف عما يعرض على شاشات التلفزيون، لذلك تكثر في هذه الافلام المشاهد الواسعة، والمناسبة للشاشات السينمائية الكبيرة، كما ان هذه الاعمال تتجه لكي تكون توثيق لحياة عدد محدود جدا من الحيوانات، والتي ستراقبها الكاميرات عن بعد. لتخرج منها بحكايات قليلة، تبدو ملائمة اكثر لطبيعة المشاهدة السينمائية، والتي تميل للشخصيات الواضحة ومسار يتطور في زمن فيلمي محدد، هو توليف لزمن حقيقي ياخذ احيانا اشهر وربما سنوات. وهذا ما حدث مع فيلمي (القطط الافريقية) و (الشمبانزي)، والذين قضا العاملين فيهما سنوات وهم يراقبون مجموعة صغيرة فقط من الحيوانات وهي تقضي يومها العادي، غير واعية على الارجح بالكاميرات المتطورة التي تراقب كل نفس لها.
افلام  الحيوانات هذه، بشقيها السينمائي والتلفزيوني، اصبحت تشير الى “حال” التكنولوجيا المستخدمة في تنفيذها، فالفروقات الكبيرة بين برامج انتجتها قنوات ” بي بي سي” مثلا قبل عقدين او ثلاث وما عرض العام الماضي، هو يعود بالاساس لتطور التكنولوجيا المستخدمة في تسجيل الصوت والصورة، والذي، اي التطور، كان نتيجة تفاعل بين شركات صناعة كاميرات وعدسات التصوير وشركات الانتاج التلفزيوني نفسها، والتي لم تتوقف ابدا عن عن العمل المشترك مع الشركات المصنعة لتطوير اجهزة تناسب طموحات تلك الشركات والحدود التي تريد ان تصل لها بنقل عالم مازال يملك كثيرا من الاسرار والمفاجات.

بوب مارلي و معركة الرئيس محمد نشيد
إنطلقت الاسبوع الماضي ايضا، وفي صالات بريطانية وامريكية، عروض الفيلم التسجيلي المرتقب (مارلي)، عن حياة المغني الجايماكي الاصل بوب مارلي، سابقا باسبوعين موعد عرضه القادم في عدة دول اوربية اخرى. الفيلم يحظى منذ عرضه باهتمام اعلامي لافت بسبب ما يقدمه من وثائق وتسجيلات نادرة يقدم بعضها لاول مرة، وايضا بسبب مخرجه البريطاني كيفين ماكدولند، والذي يعمل بين التسجيل والدراما، وقدم في الاعوام الماضة فيلمين لافتين هما (آخر ملوك اسكتلندا) و (لمس الفراغ)، والآخير جمع بين التوثيق والتركيبة الدرامية.
في الوقت الذي يقترب الفيلم التسجيلي ( رئيس الجزيرة ) من ايام عرضه الاخيرة في الصالات السينمائية، بعد ان حصد هو الآخر ثناء نقديا. والفيلم، الذي اخرجه جون شينك، يرافق رئيس جمهورية المالديف محمد نشيد، والذي وبعد ان ساهم في تحرير جزيرته من الديكتاتورية، يخوض منذ سنوات معركة اكثر تعقيدا، لابعاد شبح كارثة بيئة عن بلده، المعرضة، وبسبب تغيير المناخ الى مخاطر الغرق في البحر، وهو البحر نفسه الذي منح الجزيرة جمالها الكبير.

وساهمت الضجة التي اثارها فيلم ( بولي)، بعرضه مشاهد صور بعضها عن بكاميرات سرية، عن الترهيب الذي يتعرض له طلاب مدارس امريكية من قبل زملائهم، وعدم صلاحية بعض المشاهد لاعمار اقل من 12 عاما (رغم ان الصالات السينمائية سمحت بالذين يتجازون السادسة من مشاهدة الشريط التسجيلي)، فضول كثيرين لمشاهدة الفيلم الذي قدم بمشهدية سينمائية لافتة ( قام باخراج الفيلم المخرج المعروف لي هيرش) موضوعة “التنمر” التي تقلق كثير من الاسر والمدارس الامريكية.

قصة بروس لي كاملة
بدأت في الصالات البريطانية والهولندية الفيلم التسجيلي الامريكي ( انا بروس لي )، والذي سبق ان عرض في الولايات المتحدة الامريكية في شهر فبراير الماضي. الفيلم وكما يوحي العنوان ( من عبارة شهيرة لبروس لي) عن حياة الممثل ولاعب رياضة “الفنون القتالية” الصيني الاصل بروس لي، والذي فارق العالم في عام 1973 عن عمر 32 عاما فقط. هذا الرحيل المبكر، والحياة القصيرة الحافلة حولت الشاب الصيني الذي ولد في هونغ كونغ في العام الاول من الحرب العالمية الثانية، الى ايقونة سينمائية، وخاصة في الدول الاسيوية ومنها بلدان الشرق الاوسط. رغم ان سيرة الممثل السينمائية كانت مجموعة قليلة فقط من الافلام الرخيصة التكلفة والمتواضعة المستوى، لكنها تحولت بفضل حضور بروس لي، الى كلاسيكيات سينمائية، إحتفلت بالبطل الوطني واحيانا القومي، والقدرات القتالية التي كان يملكها والتي اجتهد بروس لي على ربطها بفلسفات روحية مستلهمة من تراث اسيوي هائل القدم.
يقدم الفيلم، الذي اخرجه الامريكي بيت ماككورماك، حياة بروس لي من الولادة وحتى الرحيل المفاجيء المأساوي. مع التركيز على سنوات حياته في الولايات المتحدة الامريكية والتي وصلها في عام 1959، قادما من هونغ كونغ، والتي تركها خوفا من ثأر كان يترصده بعد ان تشاجر مع ابن مسؤول كبير هناك. بروس لي سيعود الى هونغ كونغ في آواخر السيتينات وبعد ان فشل في تحقيق حلمه السينمائي في هوليوود، ليعود الى المدينة التي شهدت شهرته الاولى، كممثل طفل شارك وحتى بلوغه السابعة عشر في عشرات الافلام والبرامج التلفزيونية.

من الذين تحدثوا في الفيلم، زوجة بروس لي الامريكية، والتي رافقته في سنواته الاخيرة، وكانت هناك وقت وفاته، والتي لاتزال اسبابها الطبية غامضة قليلا، وهو الغموض الذي شرع الباب لفرضيات عديدة، بعضها ذهب بعيدا لينسج سيناريو عن خطة محكمة لقتل النجم الشاب. كذلك تحدثت ابنة بروس لي عن ابيها الذي لا تتذكره كثيرا. بخلاف ذلك كان معظم الذين شاركوا في الفيلم، من الذين لم يقابلوا بروس لي في حياته، بل هم من المعجبين او زملاء الرياضة نفسها. لكنهم لا يمثلون الا قاعدة معارفه والمعجبين به من الامرييكين، في حين غاب آخرين من الاسيوين او من جنسيات مختلفة عن الفيلم التسجيلي.
من الصور الفوتغرافية الشهيرة لبروس لي تلك التي التقطت له أثناء تصوير فيلمه الهوليوودي الوحيد ( ادخل الدرغن)، والذي لم يعش ليشهد نجاحه التجاري في الولايات المتحدة الامريكية وحول العالم، في تلك الصورة يقف بروس لي امام مرآة بمستويات متعددة تعكس صور لرجل على كامل التاهب استعدادا لعدو لا نراه في الصورة. هذه الصورة ربما تعد الاشهر لبروس لي، والتي كرست مفهوم الايقونة الذي احاط بذكرى النجم، الذي لم تفتح اسراره كلها في الفيلم التسجيلي هذا، الذي خصص كثيرا من وقته لمقابلات مع رياضين وفنانين بدل الحديث عن بروس لي كحكيم شرقي مجتهد، وفهمه المختلف للرياضات القتالية، حيث كان قريبا جدا من اعداد نظرية خاصة عن علاقة هذه الرياضة بالطاقات الروحية الكامنة.


إعلان