”ذات مرة في الأناضول” في افتتاح أيام المتوسطي
ضاويـة خلـيـفـة – الجـزائـر
افتتح الفيلم التركي ”ذات مرة في الأناضول” للمخرج نوري بيلج سيلان، أيام الفيلم المتوسطي الذي رفع من خلاله المنظمون شعار ”المتوسط أرض السينما”، حيث يميز هذا اللقاء السينمائي المتوسطي الذي يضاف إلى جملة الأنشطة التي دأبت على تنظيمها دائرة السينما و السمعي البصري بالوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، يميزه عرض 18 فيلما روائيا طويل إلى غاية 7 من أبريل الجاري بقاعة كوسموس بديوان رياض الفتح بالعاصمة.
و قد بارك جموع السينمائيين من ممثلين و مخرجين هذا المجمع السينمائي كون مثل هذه التظاهرات و المهرجانات السينمائية قليلة و نادرة نوعا ما، فأيام الفيلم المتوسطي ستمكن الجمهور الجزائري من متابعة جديد السينما العالمية و الاستمتاع بأحسن العروض السينمائية التي توجت في أكبر المحافل و أهم المهرجانات الدولية كالفيلم الفرنسي ”الفنان” الحائز على خمس جوائز أوسكار.
بانوراما سينمائية من على أرض المتوسط
هذا تبعث أيام الفيلم المتوسطي خلال عمر التظاهرة 18 فيلما روائيا، حيث ستكون الضفة الجنوبية ممثلة بالفيلم المغربي ”الأندلس يا لحبيبة” لمحمد نظيف، ”ديما براندو” لرضا الباهي، ”دمشق مع حبي” للسوري محمد عبد العزيز، و الفيلم الجزائري”نورمال” لمرزاق علواش، و من فلسطين ”حبيبي راسك خربان” لسوزان يوسف، ”الخروج من القاهرة” لهشام الصاوي، و من لبنان ”رصاصة طايشة” لجورج الهاشم، و من الضفة الشمالية سيكون الموعد مع الفيلم الفرنسي الصامت المتوج بخمس جوائز أوسكار ”الفنان” لميشيل هزانافيكيوس، و ”تيرافارما” للايطالي ايمانويل كريياليز، ”سوناتة صامتة” لجانيز بورغر من سلوفينيا، و من اسبانيا ”الخبز الأسود” لأغوستي فيلارونغا، و ”مونتيفيديو طعم الحلم” للصربي ”دراغان بييلوغليك، أما السينما اليونانية ستكون ممثلة في أيام الفيلم المتوسطي بفيلم المخرج المخرج قسطانطين جياناريس و الموسوم ب ”رجل في البحر”، و ”فيش آند شيبس” لالياس ديميتريو من قبرص، ”72 يوما” لدانيلو سيربيدزيا و هو إنتاج مشترك بين كرواتيا و صربيا، ”سيركوس كولومبيا” لدانيس تانوفيتش، و لأول مرة مشاركة السينما الألبانية بفيلم ”الصفح” للمخرج بوجار أليماني، بالإضافة إلى الفيلم التركي الذي وقع الافتتاح ”ذات مرة في الأناضول” لنوري بيلج سيلان.

و إلى جانب العروض السينمائية التي تحتضنها قاعتي ألفا و بيتا بسينما كوسموس بالعاصمة، تم برمجة بفيلا عبد اللطيف دروس سينمائية لفائدة المخرجين السينمائيين الشباب و طلبة بعض المعاهد السينمائية كالمعهد العالي لفنون العرض و السمعي البصري ببرج الكيفان و أولاد فايت، و سيشرف على هذه الدروس بشكل يومي عشر مخرجين ممن سيحضرون عرض أفلامهم و كذا تأطير الشباب السينمائي المستفيد من هذه الورشات، كالمخرج التونسي رضا الباهي و المغربي محمد نظيف، اللبناني جورج هاشم، و الاسباني أغوستي فيلارونغا و آخرون.
و حرصا منها على تقديم متعة سينمائية للجمهور و اطلاعه على جديد السينما العالمية برمج المنظمون عرضين لكل فيلم، حيث سيتبع العرض الأول بعرض ثاني في اليوم الموالي و في ساعات مختلفة.
”ذات مرة في الأناضول” قصة واقعية بأبعاد فكرية ولغة سينمائية
انطلاقة أيام الفيلم المتوسطي كانت بحضور المخرج التركي نوري بيلج سيلان الذي تابع عرض فيلمه المتوج بجائزة لجنة التحكيم بمهرجان كان السينمائي في دورة العام الماضي وسط جمهور جزائري، و قد أكد بيجلان في حديثه للجزيرة الوثائقية أن انجاز هذا الفيلم لم يكن سهلا بل كان تحديا كبيرا كونه اشتغل على تفاصيل دقيقة، فقصة الفيلم التي تمتد على 12 ساعة اختصرها المخرج و قدمها في ساعتين و نصف، واصفا كتابة سيناريو ”ذات مرة في الأناضول” المستوحي من قصة واقعية بالتحدي الأكبر،.
أحداث العمل الذي جمع بين البعد الفلسفي و الفكري و الإبداعي، و الصناعة السينمائية، تدور في بلدة صغيرة واقعة بالأناضول يتقاسم بطولاتها طبيب، محامي و عدد من ضباط الشرطة، الذين يحققون في جريمة قتل غامضة في سهول الأناضول، و بعد أن تبدأ التحريات التي تشمل المنطقة الريفية و التي اتخذها المخرج موقعا للتصوير، تنتهي هذه التحريات باعتراف مرتكب الجريمة بفعلته، و بعدها يدل المحققين على مكان الجثة، فيشكل على اثر ذلك فريق بحث، مكون من ضابط، وطبيب، ومدعٍ عام وسائقين، وموظفي دولة، وقوات الشرطة السرية لتمشيط المنطقة، و تبدأ رحلة البحث في سهول الأناضول في بلدة ”كيشكين”، وبعد ساعات طويلة من البحث يقودهم القاتل إلى مكان مجهول لأن لحظة ارتكابه للجريمة كان مخمورا ولا يتذكر المكان بالتحديد، و يزداد عنصر الإثارة و التشويق عندما يتفاعل أعضاء فريق البحث مع بعضهم، ويتطرقوا لموضوعات مختلفة عن الموت، والانتحار، والقيم الإنسانية و الأخلاقية، وماضيهم الشخصي، وأعمالهم، ويسهم الحديث الموسوم بلحظات الخوف والقلق في التعرف على جوانب سلبية في حياة كل شخص من هؤلاء.
و قد اعتمد المخرج نوري سيلان على مشاهد تطول فيها عملية البحث ليدخل المشاهد إلى دهاليز القصة الحقيقية و يشعره بصعوبة الوصول إلى الحلول و الحقائق، فهذا ما يبرر طول مدة فيلم المخرج التركي الذي تعمد على الشفرات و أراد من المشاهد فكها كما بدا في بعض المقاطع و الأحاديث التي تتطلب التمعن و التركيز.