وودي ألين في كان عبر التسجيلي
أمير العمري- مهرجان كان
من الأفلام التسجيلية الطويلة التي عرضت في الدورة الخامسة والستين من مهرجان كان السينمائي فيلم “وودي ألين: فيلم تسجيلي” اخراج روبرت وايد، وهو فيلم أمريكي طويل في 109 دقيقة.
هذا فيلم من الأفلام القليلة الممتعة عن شخصية شهيرة، هذه المرة، هي شخصية السينمائي الأمريكي الأشهر في عالم الكوميديا الفلسفية إذا جاز التعبير أي وودي ألين. لكنه ليس فقط مخرجا، بل وممثل وكاتب سيناريو ومؤلف موسيقى، أي أنه نموذج لفنان السينما الشامل تماما كما كان شارلي شابلن.
بدأ هذا المشروع كعمل للتليفزيون الأمريكي في جزأين ثم ضم مخرجه الجزأين معا في فيلم واحد، يتمتع بالقدرة على الامتاع كما يكشف لنا الكثير من المعلومات التي لا نعرفها عن أكثر صناع الكوميديا شهرة في العالم، وأكثرهم أيضا ميلا الى الصمت والنزوع إلى العزلة.
يتابع الفيلم رحلة حياة السينمائي الشهير من بدايتها، أي منذ الطفولة، منذ أن أيام المدرسة وقت أن بدأ ولعه بالسينما وبمشاهدة الأفلام ثم كيف بدأ يكتب الحكايات الطريفة المرحة لعدد من الصحف.
يبحث الفيلم أيضا في علاقة وودي ألين بالقصص المصورة عموما، وبعالم الاستعراض في المسرح والسينما، وكيف انعكست سنوات نشأته في حي بروكلين الشهير في نيويورك، في أسرة يهودية فقيرة، على أفلامه فيما بعد مثل “برودواي داني روز” و”زهرة القاهرة القرمزية”.
يظهر في الفيلم عدد من الشخصيات التي اقتربت من وودي ألين مثل شقيقته ليتي أرونسون التي تتحدث عن بداياته، وكيف أنه عمل في القاء النكات والحكايات المسلية المضحكة في الملاهي الليلية في نيويورك وكان يظهر أمام الجمهور مضطربا متلعثما مموهو ما شكل أسلوبا خاصا لديه أدى إلى تعلق الجمهور به بدلا من النفور منه.
يتناول الفيلم أيضا طريقة ألين في الكتابة، وفي العثور على الأفكار الكوميدية، وكيف أنه قرر بعد أن كتب السيناريو للفيلم الشهير “ماذا هناك ياقطتي” What is New Pussycat أن يخرج افلامه بنفسه فأخرج أفلام “النائم” و”الموز” و”خذ الفلوس واهرب”، وهي الأفلام الأولى التي عززت مكانته لدى الجمهور.
ومن الجوانب التي تثري الفيلم وتضفي عليه المصداقية نجاح مخرجه في اجراء المقابلات التي تسلط الأضواء على مسيرة عمل وودي ألين وشخصيته، وهي شخصيات لعبت دورا بارزا في حياته أو ارتبك على نحو أو آخر، بأفلامه، مثل الممثلات ديان كيتون، وميريل هيمنجواي وسكارليت جوهانسون، والممثل توني روبرتس والممثل جون كوزاك، والمخرج مارتن سكورسيزي، بل ان الفيلم يتناول بوضوح علاقة ألين بالفتاة الفلبينية سون يي بريفين، التي كانت مربية لأبنائه مع زوجته السابقة ميا فارو، ثم تزوجها فيما بعد، والتي كانت تصغره كثيرا في العمر. ولكن الفيلم يتناول تلك العلاقة المسكوت عنها والتي يمتنع ألين تماما عن الحديث فيها بعد القضايا التي نظرتها المحاكم الأمريكية بسبب هذه العلاقة، وذلك من خلال ما يرويه الآخرون.
ويتحدث وودي ألين في الفيلم عن علاقته بعالم الخيال، بالكوميديا، وعن طريقته التقليدية العتيقة في الكتابة، وكيف أنه يضع شتى الاحتمالات وهو يقوم برسم شخصيات أفلامه، ويتحدث عن عمله كمخرج، وعن علاقته بالممثلين، وعلاقته بأسرته.
فيلم “وودي ألين” نموج للفيلم التسجيلي الذي يثري بقدر ما يمتع، ويقربك من الشخصية التي يتناولها بقدر ما يثير خيالك لمعرفة المزيد عن وددي ألين، وعن أفلامه.
