اللقاءات السينمائية العاشرة لبجاية

ضـاويـة خـلـيـفـة – الجـزائـر

تنطلق سهرة السبت بولاية بجاية الساحلية -التي تبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 220 كلم- فعاليات الأيام السينمائية المنظمة من قبل جمعية ”بروجيكتور” و التي ستدوم إلى غاية 15 من الشهر الجاري، وفي هذا الحوار الذي جمعنا بالسيد ”عبد النور حوشيش” رئيس جمعية ”بروجيكتور” يطلعنا على أهم ما يميز الدورة العاشرة من الفعاليات.

 هل لنا أن نتعرف على البرنامج المحضر لعاشر طبعة من اللقاءات السينمائية الدولية لبجاية ؟
فاتحة الدورة العاشرة من اللقاءات ستكون بفيلم ”الصين لا تزال بعيدة” للمخرج الجزائري المغترب مالك بن إسماعيل المنتج سنة 2008، وذلك سهرة السبت 9 يونيو، وسيكون العرض متبوعا بنقاش يديره المخرج صبيحة الغد، أما السهرة الختامية المنتظرة يوم 15 يونيو فستكون بعرض الفيلم الفرنسي ”أغاني ماندرا” المنتج سنة 2011 ، وستسجل اللقاءات مشاركة واسعة للأفلام الفرنسية و الجزائرية، وعودة المخرج الجزائري المغترب مرزاق علواش الذي سيشارك بفيلميه الأخيرين ”نورمال” و”التائب” الذي شارك به في الدورة 65 لمهرجان كان السينمائي، و سيكون هذا العرض الأول للفيلم بالجزائر، أما السينما التونسية ستكون حاضرة هي الأخرى عبر فيلمين قصيرين هما ”مخبي فالقبة” للمخرجة ليلى بوزيد المنتج سنة 2011 و”ذبذبة” للمخرجة فرح خضار، بالإضافة إلى أفلام مشتركة جزائرية – فرنسية وجزائرية – سويسرية وفرنسية – بلجيكية و كذا أفلام من جزر القمر و دول أخرى، وفي البرنامج أيضا فضاء ”مقهى السينما” الذي برمجنا فيه ستة مواعيد ينشطها كل من مالك بن إسماعيل يوم الأحد 10 جوان، كريم خياري يوم 11 جوان، ويوم 12 جوان حكيم زوهاني وكارين ماي وياسين قنية، ويوم 13 جوان يحل مارك سيالوم، أما مرزاق علواش فسيكون حاضرا يوما 14 و15 جوان، و ستعقد بمقهى المسرح الجهوي مالك بوقرموح لبجاية.
و للسنة الخامسة على التوالي تتواصل ورشة إعادة كتابة سيناريو الفيلم القصير، و يستفيد منها 13 متربصا، كما ستتبع بورشة ثالثة و أخيرة شهر أكتوبر المقبل على أن تجسد الأعمال و تنقل من سيناريوهات مكتوبة إلى أفلام سينمائية منتجة وفقا لمعايير سينمائية سليمة و ذلك شهر ديسمبر المقبل، كما سنخصص زووم أو دورة هذا العام لأفلام المخرج الجزائري المغترب رابح عامر زايمش.

                    عبد النور حوشيش رئيس جمعية بروجيكتور

من خلال حديثك يتبين أن اللقاءات لا تعتمد على منافسة بين الأفلام،  فما هي فلسفة اللقاءات السينمائية لبجاية التي تبتعد عن الجو التنافسي؟
نحن في الجزائر لم نصل إلى درجة تنظيم مهرجانات و منافسات لأنه يجب أن يتوفر إنتاج و حياة عادية للسينما، وفي ظل كل هذه المؤشرات لا يمكن أن نتحدث عن مهرجان تنافسي، فعلى الأقل يجب أن نوفر للمخرجين نفس الظروف لعرض أفلامهم، لهذا لا نريد الدخول في جو المنافسة وسط غياب الإمكانيات التقنية و ندرة قاعات السينما، و بالتالي فلسفة اللقاءات السينمائية لبجاية هي الاحتفال بالسينما وهو الشعار الذي رفعناه من أول دورة.

كيف تأتت فكرة تأسيس جمعية ؟
جمعية ”بروجيكتور” تأسست من قبل شباب قادمين من عالم المسرح وغيرها من الأشكال الفنية، تعاونا في البداية مع جمعية ”كاينة سينما” أي يوجد سينما، و قمنا بتنظيم المهرجان الذي يحمل اسم ”اللقاءات السينمائية”، حيث نسعى لتحريك المجال السينمائي في بجاية والجزائر عموما في ظل الركود الذي يعيشه الفن السابع في البلاد، فعندما فكرنا في إقامة هذه اللقاءات السينمائية التي اتخذت ولاية بجاية مستقرا لها، كان لدينا إيمان بالشيء الذي نقوم به و الخطوة التي نقدم عليها، فالشباب الذي أسس هذه الجمعية كانت لديه الرغبة في خلق إطار يمارس فيه السينما، ففي البداية جددنا نادي السينما الذي أسسناه أيام الثانوية من خلال إحياء هذا التقليد تحت غطاء جمعية ”بروجيكتور”، و بعد نجاحنا في جلب العديد من الأفلام  التي كانت تتبع في كل مرة بنقاشات بناءة، فكرنا في توسيع نشاطنا و قلنا لما لا نعطي للتجربة نفسا جديدا و كان ذلك بتنظيم الأيام السينمائية لبجاية، فالصعب بالنسبة لنا ليس أن نؤسس جمعية أيا كان تخصصها بل الأصعب أن ننظم بقليل من الإمكانيات لقاءات سينمائية تستمر لمدة عشر سنوات أو أكثر، لكننا نأمل بفضل هذه المبادرات و تشجيع الكثير لنا أن نحقق الأفضل في السنوات القليلة المقبلة.

بعد عشر سنوات ألم تفكروا في تحويل الأيام إلى مهرجان ؟
هناك عدة أسباب تحول دون ذلك، أولها وأبرزها عدم توفر صالات و قاعات للعرض، ثانيا السينما الجزائرية على مستوى الإنتاج و التوزيع تعاني كثيرا فإنتاجنا السينماتوغرافي جد محتشم، ثالثا الجمهور الجزائري اليوم لا يمتلك ثقافة سينمائية واسعة فهناك ومنذ سنوات قطيعة بينه و بين قاعات السينما التي هجرها لعدة عوامل أيضا، و من الأسباب التي لا يمكن التغاضي عنها و تجاهلها، أو حتى إغفالها، عدم توفر الجزائر على معاهد و مراكز لتكوين السينمائيين سواء ممثلين، تقنيين أو مخرجين… إلا بعض المعاهد التي تعد على الأصابع حتى أنها لا تستوعب لا الطلب و لا الكفاءات، فلو كان هناك محيط سينمائي مناسب لأقمنا مهرجان سينمائي شأنه شأن كل المهرجانات التي تقام في كل الدول، فالمناخ لا يساعد على ذلك لهذا أردناها أن تكون لقاءات سينمائية دولية و ليس مهرجان، فهدفنا الأول و الأخير مساعدة الشباب المحب و العاشق للسينما على دعم مشاريعه بطريقتنا، لنساهم جميعا في تأسيس فعل سينمائي جديد.

ربما أنتم متخوفون من التجارب السابقة لبعض المهرجانات أو الأيام السينمائية التي انقطعت دون سابق إنذار ؟

                                                              ولاية بجاية الساحلية

ربما ليس تخوفا و إنما بعد خمس أو ستة سنوات من الوجود لا نقول أن التظاهرة فرضت نفسها تماما و نجزم بدوامها مثل ما هو قائم و ما هو معمول به في العديد من الدول، مثلا منذ ثمان سنوات شاركت في تربص أقيم بإحدى المهرجانات السينمائية بفرنسا، ومن الأشياء التي تضمنها التربص هذه النقطة بالذات وهي أن المهرجان الذي ينجح في تنظيم خمس طبعات متتالية فانه ضمن استمراريته، لكن لما نأتي للواقع نجد أن ذلك ليس قاعدة، فبالنظر إلى تجربة الجزائر أو لو أخدنا تجربتنا أقول أن تجربة خمس سنوات ليست كفيلة للتنبؤ باستمرارية الأيام و القول أنها أسست لفعل سينمائي، قس على ذلك أيام الفيلم المتوسطي بعنابة الذي انقطع بعد خمس أو ست طبعات، كذلك أيام الفيديو بتبسة، مهرجان تاغيت للفيلم القصير و الأيام السينمائية لتيميمون التي لم يعد لها أثر هي الأخرى، و بالتالي لا نكتفي بخمس طبعات، أما بالنسبة للقاءات السينمائية لبجاية يمكن و إلى حد ما الاطمئنان عليها و القول أنها تسير في الاتجاه الصحيح.

وصلكم أزيد من 100 فيلم، كيف تختارون بالعادة هذه الأفلام دون أخرى ؟
هناك خطوتين لاختيار الأفلام، الخطوة الأولى نحن من نذهب لهذه الأفلام من خلال المشاركة في المهرجانات خارج أو داخل الوطن رغم قلتها في الجزائر كما أننا نتنقل إلى الخارج كلما توفرت الإمكانيات، لننتقي الأعمال التي تتلاءم و طبيعة المواضيع التي نريدها و السينما التي نعمل لأجلها، أما ثاني خطوة فتكون من المخرجين الذين لدينا معهم علاقات و تواصل إذ يقومون بإرسال أعمالهم.  
  
و بما أن المخرج ابن بيئته فالأكيد أن معظم الأفلام التي وصلتكم تتناول الربيع العربي أليس كذلك ؟
صحيح معظمها تتحدث عن الربيع العربي، فهذا وضع فرضه الواقع، و الفنان أو المبدع كل في مجاله يحاول مواكبة هذا الواقع الذي تعيشه البلاد العربية، فهو كغيره من الناس يتأثر بما يحدث في المجتمع من أحداث، لكن ليس أي عمل يتحدث عن الثورات و الانتفاضات العربية يستدعي أن نبرمجه لأن سياستنا في اختيار الأفلام ليست على هذا الأساس، بينما يجب أن يكون العمل ذو نسق سينمائي و صناعة سينمائية خالصة، فهذه المواضيع صارت كثيرة التناول و التداول، إذن يجب أن يكون فيلما سينمائيا و ليس ريبورتاجا صحفيا، لا نريد صورا أو كاميرا ترافق الشباب و تنقل ما يحدث في ميادين التحرير فقط، بل يجب أن نرى السينما داخل الفيلم فما يهمنا هو بصمة المخرج، ليكون المخرج فعلا ابن بيئته.


إعلان