روائع سينمائية في مهرجان أبوظبي السينمائي
أمير العمري
تحت إدارة مدير جديد، هذه المرة من الإمارات، هو علي الجابري، تقام الدورة السادسة من مهرجان أبوظبي السينمائي في الفترة من 11 إلى 20 أكتوبر.
وقد أعلنت اختيارات الإدارة الجديدة أخيرا، وهي دون شك، تعكس تغيرا نوعيا واضحا في اتجاه المزج بين الثقافة العالمية والسينما الاقليمية أو القريبة من العالم العربي. فما المقصود بهذا؟
المقصود أن برنامج أقسام المهرجان ومسابقاته وتظاهراته، يراعي بشكل واضح، تحقيق التوازن بين الأفلام القادمة من العالم (الأفلام الأجنبية)، وبين الأفلام العربية أو التي تدور حول الهموم العربية، وبين الأفلام التي تنتج في إطار ثقافات قريبة مثل أفغانستان وتركيا وإيران وماليزيا والهندولعل الملاحظة الأولى الجديرة بالانتباه تتمثل في الخلو التام للمسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة (16 فيلما) من الأفلام الأمريكية، في حين تحتوي مسابقة قسم “آفاق جديدة” (15 فيلما) على ثلاثة افلام أمريكية من الإنتاج المستقل أي لا علاقة لها بهوليوود.
المسابقة الأولى تتضمن ثلاثة أفلام (من بين 16) ستشهد عروضها العالمية الأولى في مهرجان أبوظبي، وهي أفلام حصلت على دعم إنتاجي مباشر من جانب مؤسسة “سند” التي أنشأها مهرجان ابوظبي لدعم إنتاج الأفلام في المنطقة العربية أساسا. هذه الأفلام هي فيلمان من الجزائر هما “حراقة بلوز” للمخرج الجزائري المخضرم موسى حداد (اشترك في إنتاج فيلم معركة الجزائر عام 1966)، في عودة قوية له إلى الإخراج بعد فترة صمت طويلة، وفيلم “عطور الجزائر” للمخرج رشيد بلحاج، وفيلم تونسي هو “مانموتش” (لن نموت) في عودة جديدة للمخرج نوري بوزيد.
وفي المسابقة أيضا فيلم “بعد الموقعة” المصري ليسري نصر الله، أي أن ربع عدد الأفلام الروائية في المسابقة من العالم العربي، وهي نسبة جيدة.

باقي أفلام المسابقة من روسيا وبريطانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا وشيلي واليابان وتركيا والصين وبريطانيا. والفيلم الشيلي من الانتاج المشترك مع الولايات المتحدة. وخمسة من هذه الأفلام عرضت في مهرجان فينيسيا السينمائي الأخير، أهمها فيلم “جيبو والظل” للمخرج البرتغالي الكبير (103 سنة) مانويل دي أوليفييرا، وأضعفها على الإطلاق الفيلم الياباني “غضب فوق الحد” لتاكيشي كيتانو، وهو فيلم لا يصلح للعرض في أي مسابقة من وجهة نظر كاتب هذه السطور.
الإسهام الفني
ومن أهم هذه الأفلام فيلم “كل يوم” للمخرج البريطاني مايكل وينتر بوتوم الذي كرمه المهرجان من قبل بمنحه جائزة الإسهام الفني عن مجمل أعماله طوال حياته الفنية، وهذا العام يمنح المهرجان الجائزة نفسها إلى شخصيتين، واحدة من العالم العربي هي الممثلة المصرية سوسن بدر، والثانية للممثلة الإيطالية كلاوديا كاردينالي، الأمر الذي يؤكد ما سبقت الإشارة إليه من مراعاة التوازن بين الثقافات الأجنبية والثقافة العربية في برامج المهرجان.
وفي المسابقة أيضا أفلام “مكان ما في المنتصف” لياسمين أوستاغلو من تركيا، و”العشاء الأخير” للو شوان من الصين، و”كلا” لبابلو لاران من تشيلي، و”غضب فوق الحد” لتاكيشي كيتانو من اليابان، و”الحب هو كل ما تريده” لسوزان بيير من الدنمارك، و”كان هو الإبن” لدانييل شيبري من ايطاليا، و”لور” لكيت شورتلاند من النمسا، و”في المنزل” لفرنسوا أوزون من فرنسا، و”جنجر وروزا” لسالي بوتر من بريطانيا، و”الخيانة” لكيريل سريبرينيكوف من روسيا.
مسابقة قسم “آفاق جديدة” للأفلام الأولى والثانية لمخرجيها تشمل عرض 15 فيلما، من مصر وإيران وفرنسا والدنمارك وأمريكا وتركيا والسويد والهند وجورجيا وماليزيا والمغرب وسويسرا وأفغانستان والأردن.
من بين هذه الأفلام الفيلم الأمريكي “المواطن” الذي يقوم ببطولته خالد النبوي، والفيلم المغربي “المغضوب عليهم” لمحسن بصري، والفيلم المصري “الخروج للنهار” لهالة لطفي وهو من الإنتاج المشترك مع الإمارات (مدعوم من سند) وسيكون عرضه في المهرجان هو العرض العالمي الأول. والفيلم هو أول الأفلام الروائية للمخرجة هالة لطفي التي سبق أن أخرجت عددا من الأفلام التسجيلية والقصيرة.
اختطاف
ولعل من أهم وأفضل أفلام هذا القسم الفيلم الدنماركي “اختطاف” للمخرج توبياس ليندهولم، الذي يصور بالتفصيل وفي سياق درامي أخاذ، عملية احتجاز القراصنة الصوماليين سفينة شحن دنماركية قبالة الساحل الصومالي، ومحنة الأسرى من البحارة على متن السفينة، وكيفية إدارة الشركة المالكة للأزمة.

و”اختطاف” هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه الذي سبق أن أخرج سلسلة من الحلقات التليفزيونية.
ومن الأفلام المهمة في المسابقة نفسها فيلم “صخرة الصبر” تأليف واخراج عتيق رحيمي من أفغانستان عن روايته ذائعة الصيت، وهو روائي معروف بتوظيفه الأسطورة في سياق رمزي.
وهناك أيضا فيلم “لما شوفتك” للمخرجة الفلسطينية آن ماريا جاسر، وهو أيضا من الأفلام التي مولتها مؤسسة سند، ويشارك فيه بالتمثيل صالح بكري بطل فيلم جاسر الأول “ملح هذا البحر”.
والفيلم يدور في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بعد عام 1967
مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة تضم 12 فيلما من لبنان والإمارات وروسيا وبلجيكا ومصر وبريطانيا وسوريا وفرنسا وتونس وألمانيا وكندا وأمريكا.
من بين هذه الأفلام خمسة أفلام من تمويل مؤسسة سند وسيكون عرضها بالمهرجان هو العرض العالمي الأول. هذه الأفلام هي “العالم ليس لنا” لمهدي فليفل من لبنان، و”يلعن أبو الفوسفات” لسامي التليلي من تونس، و”نفط وتراب” لوائل عمر وفيليب ديب من مصر، و”إنقاذ محمد من الغرق” لصفاء فتحي من مصر، و”كما لو كنا نصطاد كوبرا” لهالة العبد الله من سوريا.
خارج المسابقات
خارج المسابقات يعرض 18 فيلما روائيا طويلا معظمها من الأفلام الشعبية الأمريكية منها “أربيتراج” الأمريكي وهو فيلم الافتتاح من بطولة ريتشارد جير وسوزان ساراندون، ومن إنتاج المنتج السعودي محمد التركي وإخراج الأمريكي نيكولاس جاريكي.
ومن أهم أفلام البانوراما الفيلم الإيطالي “قيصر يجب أن يموت” للأخوين تافياني، وهو الفيلم الحاصل على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين، ويعد تحفة من تحف السينما العالمية، وهو مقتبس عن مسرحية شكسبير “يوليوس قيصر”، وفيلم “توقعات عظيمة” لمايك نويل من بريطانيا عن رواية تشارلز ديكنز الشهيرة في انتاج جديد بعد أن كانت قد انتجت في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي وأخرجها العملاق الراحل ديفيد لين (لورنس العرب)، وهناك أيضا فيلم “تلويث الجنة” للمخرج التركي الذي يعمل في نطاق السينما الألمانية فاتح أكين، وفيلم “انتحار” لباتريس لاكونت من فرنسا.

السينما الجزائرية
يحتفي المهرجان في قسم خاص بالسينما الجزائرية بمناسبة مرور 50 عاما على استقلال الجزائر عن فرنسا، وذلك بعرض 10 أفلام من تلك التي تعتبر من كلاسيكيات السينما الجزائرية.
من هذه الأفلام “معركة الجزائر” للمخرج الإيطالي جيلو بونتيكورفو وهو من الانتاج المشترك بين ايطاليا والجزائر، وفيلم “وقائع سنوات الجمر” لمحمد الأخضر حامينا، و”الأفيون والعصا” لأحمد راشدي، و”عطلة المفتش طاهر” لموسى حداد، و”الجزيرة” لأمين سيدي بوميديان، و”حي باب الواد” لمرزاق علواش .
ولعل أهم الأفلام التي ستعرض في هذا القسم من وجهة نظر الكاتب، فيلم “زد” Z للمخرج الفرنسي كوستا جافراس، الذي مولت الجزائر إنتاجه عام1969 وصور بالكامل في الجزائر رغم أن أحداثه تدور في اليونان. ويعد هذا الفيلم الأول في موجة الأفلام السياسية المثيرة التي ظهرت في أواخر الستينيات وطوال السبعينيات. ولايزال يعتبر من أهم الأفلام في تاريخ السينما، وأهم أفلام مخرجه اليوناني الأصل.
ويحتفي المهرجان أيضا بسينما كوريا الجنوبية التي يعرض منها سبعة أفلام روائية طويلة، كما يحتفل بما تمكنت أرشيفات السينما من استعادته من كلاسيكيات سينمائية قديمة ويعرض ثلاثة من تلك الأفلام هي “20 ألف فرسخ.
تحت سطح الماء” لريتشارد فلايشر (1954)، و”الغناء تحت المطر” لجين كيلي (1952)، و”لورنس العرب” لديفيد لين (1962) في نسخته الجديدة الكاملة التي تقع في 222 دقيقة.
وهناك أيضا مسابقة الأفلام القصيرة، ومسابقة أفلام من الإمارات وفي جعبة مهرجان أبوظبي الكثير من المفاجآت. لننتظر ونرى.!