عندما يكون الإنسان في مرمى الكاميرا

حسن مرزوقي

ونحن نحاول أن ننتقي أهم المواد التي نشرها موقع الجزيرة الوثائقية على امتداد سنة 2012 ، لا يمكننا أن لا نعيد نشر بعض الحوارات مع مخرجين مهمين عربا وأجانب متخصصين في الروائي أو في الوثائقي. لذلك اخترنا لقرائنا خمسة حوارات كان اختيارنا لها صعبا من عشرات الحوارات الأخرى لا تقل أهمية عما نشره الآن.
فقد أجرت الصحافية الفلسطينية حوارا شيقا مع المخرج الفلسطيني غالب شعث الذي يعتبر شاهدا على عصر المقاومة الفلسطينية تابعها بكاميرته في مواطن العزة والكرامة والنضال والمعاناة أيضا. هذا إضافة إلى مساهمته في السينما المصرية من خلال أفلام مثّل فيها كبار النجوم المصريين. وأخذ الحوار اتجاه التوثيق للمقاومة الفلسطينية. كما اتهم شعث وبكل جرأة النظام السوري على السطو على الميراث الوثائقي المصور للشعب الفلسطيني إبان الحرب الأهلية في لبنان. وطالب بإرجاعه لأصحابه.
الحوار الثاني أجراه حسن المرزوقي مع الدكتور عبد الله عوض من المغرب وهو من الباحثين المغاربة الشبان المتخصص في دراسة الإعلام والفيلم الوثائقي على سبيل التخصيص. وذهب الحوار مذهبا أكاديميا شاملا ليتناول القضايا الفكرية الكبرى والهموم الثقافية العربية والعالمية الراهنة وموقع الوثائقي تأثيرا وتأثرا بكل هذه القضايا. هذا إضافة إلى الحوار حول أهمية الوثائقي كوسيط إعلامي وثقافي معرجا على أهمية هذا الوسيط بعد الثورات العربية. وتكمن أهمية هذا الحوار في ربط الفيلم الوثائقي بالتفكير الفلسفي العميق والمتعدد.
رضا الباهي مخرج تونسي مخضرم وملتزم بالقضايا الفنية والفكرية العربية كان تكوينه في البداية في العلوم الإنسانية والفلسفة في جامعة السوربون في نهاية الستينات ليلتحق بعدها بالسينما ومن ثم يخط طريقه نحو سينما ملتزمة ترى في الالتزام تجربة في نشر قيم الجمال والنضال والتفكير وبعمق في الإنسان. أجرت معه الصحافية الجزائرية ضاوية خليفة حوارا دار حول علاقته بالسلطة منذ بدأ والإقصاء الذي مارسه عليه نظاما بورقيبة وبن علي وعلى أمثاله من المبدعين المختلفين، الذين يغردون خارج السرب. كما تناول حواره تشخيصا للسينما بعد الثورة التونسية وماذا يمكن أن تكون.
في نفس سياق الحديث عن سينما الالتزام يدعونا الباحث أحمد القاسمي لمحاورة بابلو سيزار (Paplo César) وهو “مخرج أرجنتيني يعمل باستمرار على أن يكون حلقة وصل بين شعوب الجنوب ليكشف تنوع إرثها الثقافي وليكسر الطوق المنمّط لأساليب الإنتاج السينمائي على شاكلة النموذج الهوليودي. سعى إلى تنويع إنتاجه المشترك مع بلدان إفريقيا وآسيا منتصرا إلى السينما المقاومة المنفتحة على قضايا الإنسان وهمومه. أخرج تسعة أفلام طويلة ونحو عشرين فيلما قصيرا”. من رواد سينما المؤلف في أمريكا اللاتينية. سيحدثنا في الحوار عن أهمية الصورة في قصف العقول وتدجينها من خلال فيلمه الوثائقي “كشف الزيف”.
الحوار الأخير في هذه الباقة سيكون مع العراقي قاسم حول أجراه معه صالح السويسي وهو حوار الذكريات في العراق وحوار الغربة والهجرة والعودة إلى وطن مجروح وجروحه غائرة في قلب الفنان وعقله حملها معه في أسفاره. يحدثنا قاسم حول عن تكوينه وذكرياته كما يحدثنا عن آخر تجاربه السينمائية وهو فيلم “المغني” والذي يسخر من الدكتاتورية ويمسح دمعة تسيل على خد الوطن.
الحوارات الخمسة جمعت بينها كلمة الالتزام والجدية في التفكير والعمل والتوجه. غلبنا فيها كفة المبدع وتركنا فرصة للناقد والأكاديمي ليقدم وجهة نظره أيضا. وجاء اختيارنا لها لإدراكنا تنوع مواقف أصحابها حول القضايا المعاصرة وتنوع اتجاهاتهم الفنية ومشاربهم وعصورهم ولكن ما يجمع بينهم جميعا هو التفكير في مستقبل أفضل لذلك الكائن الذي يقع في مرمى الكاميرا.. إنه الإنسان.

 رابط الملجلة :
http://itunes.apple.com/app/id489190316?mt=8


إعلان