وثائقيات مهرجان نامور الدولي في بلجيكيا تلتفت شرقا

متابعة: ريم المؤدب
كل شيئ في الدورة الثامنة والعشرين التي انطلقت في التاسع والعشرين من سبتمبر وتتواصل إلى الرابع من شهر أكتوبر تشرين الأول يوحي أن المهرجان الدولي للفيلم الفرنكوفوني في نامور ببلجيكا قرر أن يتغيّر، وقد يكون من مظاهر ذلك تحرير الفيلم الفرنكوفوني من فرنكوفونيته، ومن سجنه الثقافي اللغوي، وتكشفُ عن ذلك بجلاء لأسماء المشاركة من جميع بقاع العالم، وخاصة من دول ليست فرنكوفونية بالأساس، إضافة إلى حجم العناوين اللافتة في قائمة تضم 150 شريطا سينمائيا تغطي عدة فروع سينمائية، فيما تميزت ليلة الافتتاح بعودة السينمائية اللبنانية نادين لبكي للمهرجان أين توّج شريطها “وهلّا لوين” بثلاث جوائز كبرى سنة 2010  لترأس لجنة التحكيم الدولية لمسابقة الأفلام الطويلة لهذه الدورة، وأفرد لهذه الليلة الشريط الحائز على ذهبية كان “حياة آديل” للتونسي عبد اللطيف كشيش.

أنين مخيم اليرموك في دمشق يسمع بوضوح في نامور
ضمن فرعه الهام المخصص للأشرطة السينمائية الوثائقية والمسمى” تركيز على الوثائقي” يبرز الربيع العربي بملامحه ويومياته وأيضا بتساؤلات وتطلعات شباب ما يعرف بدول الربيع. وستكون نقاشات هذا المهرجان فرصة لإعادة استكشاف كيف نظر السينمائيون لهذه اللحظة الثقافية والسياسية الفارقة، وكيف أبهرتهم أو زادت حيرتهم. فالمخرج البلجيكي كريستوف كوتري يسعى في شريطه “الديمقراطية في السنة الصفر” إلى إعادة ترتيب زمنية لخط الأحداث الذي تطورت عبره الثورة التونسية ولكنه يقرّر إهمال الواقعي واليومي للبحث في المرجعيات التاريخية للثورة التونسية من خلال الرجوع إلى انتفاضة الحوض المنجمي بمدينة قفصة التونسية، بشهادات وبإعادة تركيب أحداث على لسان من عاشوها وسط التعتيم الإعلامي ومن أظهروا أن الثورة التونسية كان وقودها سنوات من الغضب والصمت.
المراجعة أو إعادة تفحص التاريخ كان الوازع الأساسي الذي سكن المخرج المغربي البلجيكي جواد غالب المشارك بفلم “نشيد السلاحف” أين يعود المخرج بالمشاهد إلى حركة 20 فبراير 2011 الاحتجاجية بالمغرب، لكنه يبحثُ من أي سجل تاريخي ومن أي ماضٍ وميراث اشتقت هذه الحركة تطلعاتها و أسئلتها.
غير أن الحدث كما يسجله النقاد في مهرجان نامور، هو شريط المخرج الفرنسي آكسيل سالفاتوري سينز “شباب اليرموك” الذي سجّل أنين وجراح مخيم اليرموك في دمشق سواء الجراح الحقيقية أوالمجازية، حيث انطلق المخرج عند بداية تصويره بفكرة توثيق الواقع اليومي للشباب في مخيم اللجوء الفلسطيني في دمشق وسرد علاقتهم بمحيطهم افلسطيني وأيضا السوري وما يحيط بكل ذلك من صمت ومعاناة وهواجس، غير أن نهاية التصوير غيرت كل حسابات المخرج لأنها تزامنت مع بداية الثورة في سوريا سنة  2011 وتلاحق تطوراتها وصولا إلى تحوّل أحياء هذا المخيم إلى هدف للقصف، هو ما أعطى للعمل منعرجا آخر عبر اعادة استقراء هواجس الفلسطيني من لجوء إلى آخر، ومن موت إلى آخر .

رغم تنوع المشاركات مهرجان نامور يلتفتُ شرقا
يشارك في المسابقة الرسمية  للأفلام الطويلة 15 شريطا أبرزها فيلم “قريقري” للمخرج التشادي محمّد صالح هارون الذي اختار أن يسرد  للجمهور الغربي تفاصيل واقع مريرلشاب معوق يحلم أن يصبح يوما راقصا فتنكسر أحلامه عندما يتحول إلى مهرّب.
ويشارك في المسابقة الرسمية شريط “المحطّة” للمخرج ا|لإيراني كافيه بختياري أين يعايش الجمهورخلال الفلم كابوس الانتظار الذي يعيشه المهاجرون اللاجئون.

إلى جانب المسابقة الرسمية تنظم مسابقة العمل الأول التي تشهد مشاركة 17 عملا منها شريط المخرج التونسي حميدة الباهي “نسمة” والعمل السينمائي الأول للروائي المغربي عبد الله الطايع المقتبس من روايته المثيرة للجدل “جيش التحية” التي يشهر فيها عن مثليته الجنسية.
في فرع المسابقة الرسمية للأشرطة القصيرة يشارك 12 فيلما منها شريط “قبل يوم” للمخرج الجزائري كريم موساوي الذي يعيد الجمهور إلى العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر عندما تتلاقى نظرات شاب و شابة في أحدى القرى الجزائرية المتوترة. 

نبذة عن المهرجان
تأسس المهرجان الدولي للفيلم الفرنكفوني في عام 1986بمدينة نامور البلجيكية  وهو بدأ بهدف نشر السينما الناطقة بالفرنسية، لكنه أصبح داعماً التنوع الثقافي و التجارب السينمائية التي تعبر عن مفهوم حي ومتجدد يتجاوز الحدود اللغوية، و يستضيف المهرجان كلّ سنة ما يقارب عن 150 فيلما كالأفلام الروائية القصيرة و الطويلة و الأفلام الوثائقية و الرسوم المتحركة وغيرها من الأعمال التي تعرض في قاعات العرض بمدينة نامور وبمدن بلجيكية أخرى.
بالإضافة إلى الأعمال السينمائية يقترح المهرجان عدة ورش عمل و اجتماعات بين المهنيين لفتح المجال للعمل الجماعي و للسماح للمبدعين الشباب التلاقي مع أسماء معروفة لتبادل الخبرات و لتلقي النصائح.
يختتم المهرجان بإسناد جائزته الكبرى البايارد الذهبي لأفضل الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية المختلفة: أفضل شريط، أفضل سيناريو، أفضل صورة، أفضل ممثّل وممثّلة، أفضل عمل أوّل، أفضل شريط قصير. كما يمنح المهرجان جائزة أفضل اكتشاف و الجائزة الخاصة للجنة التحكيم.


إعلان