مهرجان سينما الشعوب بإيموزار كندر بالمغرب


وسيم القربي – المغرب
انتظمت في الفترة الفاصلة بين 7 و 10 نوفمبر الدورة العاشرة لمهرجان سينما الشعوب بإيموزار كندر بالمغرب. في تلك المدينة الهادئة التي تقع في الأطلس المتوسط وعلى بعد 30 كلم من مدينة فاس، ينظم نادي إيموزار هذا المهرجان الذي يحتفي بثقافات الشعوب والسينما العالمية. وقد تسنّت لي الفرصة أن أكون في لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام القصيرة ومشاركا في الندوة العلمية، وبالتالي كان اللقاء بجمهور السينما في الأطلس الذي تابع الأفلام بحُرقة واحتفى مع النجوم الذين حضروا الدورة.
الدورة العاشرة: الاحتفاء بسينما الشعوب…
يعتبر مهرجان سينما الشعوب بإيموزار كندر مشروعا ثقافيا بامتياز حيث تمكّن من تعزيز مكانته في صلب البنيات الإبداعية المغربية وبداية التموقع والانفتاح على البعد العالمي، وهو ما يثبّت نجاح التأسيس لمهرجان يمكن أن يكتسب قريبا بعدا فاعلا على المستوى الدولي.
مهرجان سينما الشعوب بإيموزار عُرف بكونه ينتمي إلى جغرافيا المنسي والهامش الثقافي وهو ما يعبّر عنه الدكتور حميد تباتو بـ”ترسيخ المعاني الجميلة لكفاح الهوامش وأهلها”، وبالتالي يصبح هذا المهرجان بمثابة الفعل الثقافي الذي يساهم في التنمية الثقافية والاقتصادية للمدينة ولساكنتها.
استمرّت العروض لمدة ثلاثة أيام حيث تمتع الجمهور بمشاهدة 22 فيلم قصير من المغرب والجزائر وتونس وكندا وإسبانيا وفرنسا وألبانيا وألمانيا والشيلي والمكسيك والكامرون… وقد تكوّنت لجنة التحكيم من المخرج علي الصافي والممثلة فاطمة عاطف والحقوقي حسن ادبلقاسم ومن الجزائر الدكتور الياس بوخموشة ومن تونس الدكتور وسيم القربي.
وقد جاءت النتائج كالتالي:
– الجائزة الكبرى: فيلم “وأنا” للمخرج المغربي حسين شاني
– جائزة لجنة التحكيم: فيلم “الدموع المالحة” للألبانية مارسيلدا بالا
– جائزة أحسن صورة: فيلم “1944” لفيليب بيسكورزينسكي وأنتون بليفا من ألمانيا
– جائزة أحسن فيلم لتثمين ثقافة الشعوب فيلم (الوصية) للمخرج المغربي علال العلاوي.
– جائزة الجمهور : فاز بها فيلم “هبوب الريح” للمخرجة الفرنسية ايريس مينوس

بالإضافة إلى الأفلام القصيرة، تمّ عرض مجموعة من الأفلام الطويلة حيث تمّ عرض فيلم “محاولة فاشلة لتعريف الحب” للمخرج حكيم بلعباس وفيلم “هارد” لعلي الصافي و”باماكو” لعبد الرحمان سيساكو.

كرّمت هذه الدورة المخرج التونسي الطيب الوحيشي والذي نابته بالحضور أخته سامية الوحيشي باعتبار أنّ ظروفه الصحية لا تسمح بعد حادث المرور الذي تعرّض له سنة 2004 بالإمارات العربية المتحدة. وقد تمّ عرض مجموعة من أفلامه على غرار “ظلّ الأرض” و”رقصة الريح”. يذكر أنّ الطيب الوحيشي تحدّى الكرسي المتحرّك الذي اضطرّ أن يجلس عليه ويستعدّ لعرض فيلمه “أطفال الشمس” الذي انتهى مؤخرا من تصويره. يُذكر أنّ الطيب الوحيشي يعتبر من أبرز المخرجين التونسيين الذين تركوا أعمالا لا تزال راسخة في الذاكرة الإبداعية. من ناحية أخرى تمّ تكريم المخرج المغربي سعد الشرايبي حيث كان حاضرا في حفل الافتتاح وتمّ عرض فيلمه “عطش”. ولعلّ ما ميّز هذه الدورة هو حضور مجموعة من الممثلين النجوم الذين نزلوا كضيوف شرف على المهرجان ونخصّ بالذكر الممثلة المتألقة مجيدة بن كيران والممثل القدير فريد الركراكي اللذان كان حضورهما مفاجأة سارّة لجمهور مدينة إيموزار.
“دلالة المقدّس في السينما المغاربية”/ “وظائف الصورة السينمائية في المجال المغاربي”:
دأب نادي إيموزار إلى إصدار كتاب كتقليد سنوي تتويجا للندوة العلمية التي تختتم بها كل دورة لمهرجان سينما الشعوب، وقد تمّ إلى حدّ الآن إصدار 7 إصدارات منذ سنة 2007 وهي على التوالي: ” التراث الغنائي في السينما المغربية ” سنة 2007 و” صورة المهمش في السينما : الوظائف والخصوصيات ” سنة 2008 و” أسئلة النقد السينمائي المغربي ” سنة 2009 و” التأسيس الثقافي للسينما الوطنية بالمغرب ” سنة 2010 و” الذات والآخر في السينما المغاربية ” سنة 2011 و”الجمالي والإيديولوجي” سنة 2012 بالإضافة إلى إصدار هذه السنة “دلالات المقدّس في السينما المغاربية” الذي شارك فيه نخبة من النقاد مثل حميد تباتو وإلياس بوخموشة ومحمد شويكة وعزالدين الخطابي وبوشتى فرق زايد ومحمد زروال وسعيد شملال وإبراهيم زرقاني ومحمد البوعيادي ويوسف آيت همو ومولاي إدريس الجعيدي وقدّم الكتاب الحسين رامي وكان لمجموعة أخرى من المسؤولين متابعة عن بعد مثل أحمد سيجلماسي والحسين أتمني والمصطفى أخرزوز وحميد المرهون وفاطمة بولعيد…
أما بالنسبة لموضوع ندوة هذه السنة فقد اهتمّ بوظائف الصورة السينمائية في المجال المغاربي باعتبار أنّ الحديث عن “وظائف الصورة السينمائية حديث عن أبعادها ورهاناتها المتحققة والمغدورة، بما في ذلك رهانات التعليم ، والفرجة والإبداع وحفظ الذاكرة والتوعية والتضليل، والتسييس وبناء الوعي وعطبه، وتحقيق أفق الانتظار أو تخييبه على المستوى الجمالي والفني والمعرفي والإيديولوجي…”.
إنّ مهرجان سينما الشعوب هو احتفاء واحتفال بسينمات العالم، ومن خلال 10 سنوات من الفعل الثقافي الجاد الذي يقوده مجموعة من الفاعلين في الحقل الثقافي والمناضلين الملتزمين بدفع الثقافة السينمائية في مناطق الهامش بالرغم من الدعم المالي الغير كافي. مهرجان سينما الشعوب هو احتفاء واحتفال بجغرافيا المنسي سيكون له وزن ثقافي مهمّ في المشهد السينمائي إذا ما واصل الغيورون عليه العمل الجادّ من أجل الرقيّ به وتحدّي الإكراهات والعوائق.


إعلان