مهرجان “الثقافة تقاوم” السينمائي
تحد للأحداث في طرابلس وتركيز على سينما آسيا
بيروت- الجزيرة نت الوثائقية
في ختام الدورة الأولى ل”مهرجان طرابلس الدولي للسينما”، تحت عنوان “الثقافة تقاوم”، أعلنت إدارة المهرجان منح جائزته الكبرى إلى فيلم “شكسبير يجب أن يموت” (Shakespeare Must Die)، للمخرج التايلاندي اينج كانجانافيت. وهو اقتباس متجدد لمسرحية “ماكبيث” لشكسبير.?
ومنحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الكوري “جي – سول” للمخرج أو مويل، الذي عالج بإبداع راق حدثاً مغمورا في حرب العام 1948.
جائزة الفيلم الوثائقي كانت من حظ (قد يكون الجمال عزز ثورتنا) من إخراج الفرنسي فيليب غراندريو.?
ومنحت جائزة “نيتباك” (شبكة السينما الآسيوية) مناصفة إلى “شكسبير ماست داي” و”ليبرتا” للمخرج كان لوم من سنغافورة.?
وقد ترأست لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الخبيرة الفرنسية نيكول برينيز ولجنة الأفلام الوثائقية الجزائرية وسيلة تنزالي.
عدة افتتاحات جرت للمهرجان، وجرى الافتتاح الأول في الجامعة اللبنانية في بيروت الرابع عشر من تشرين الأول (نوفمبر) الجاري، وكرر في اليوم التالي في طرابلس في ثلاثة مراكز هي فرع “جامعة بيروت العربية”، وسينما “بلانيت” في سيتي كومبلكس، ومركز الصفدي الثقافي في آن، وانتشرت أفلامه في متروبوليس-بيروت، ومراكز ثقافية وجامعات لبنانية أخرى، ذلك أن إشكالية مبررة رافقت المهرجان، فهو تحد خاص كونه المهرجان الدولي السينمائي الأول الذي يخصص لمكان آخر غير العاصمة التي تستأثر بكافة الأنشطة الثقافية والفنية، ولأنه يقام في طرابلس كتحد للظروف المأساوية التي تعيشها المدينة فكأن عنوان “الثقافة تقاوم” كان يهدف إلى تحدي الأحداث وما يرافقها من مآس، ولأن القيمين عليه يخوضون التجربة الأولى من نوعها، بإمكانات مادية متواضعة، وبجهود ذاتية.
وتحدثت الكاتبة ريتا باسيل -الناطقة الإعلامية للمهرجان ل”الجزيرة نت الوثائقية” “أن المهرجان يضم أكثر من 40 فيلماً أجنبياً وعربياً يعرض معظمها للمرة الأولى في لبنان”، مشيرة إلى “أن إقامة المهرجان في مدينة طرابلس يعد تحدياً لكل الظروف التي تعانيها المدينة وهو يضيء على قضايا المرأة المحاصرة بين الحرب والمجتمع الذكوري” .?

وقالت أن “عنوانين يرافقان المهرجان: حقائق التاريخ، والمدينة. وشئنا أن نلفت النظر إلى سينما آسيا وكان ذلك مع عتيق رحيمي بالافتتاح بفيلمه. كما اخترنا أفلاما لأسماء معروفة ومجلية في عالم السينما”.
“تخلل المهرجان عرض 36 فيلماً من آسيا والشرق الأوسط والمغرب العربي، وإنقسم إلى محورين واحد عن المرأة والآخر عن ندوب التاريخ متمثلة بمدينة طرابلس”، كما أوضحت باسيل.
ولفتت إلى أن “طرابلس كانت الجرح المفتوح، فشعرنا بضرورة التوجه إليها للفت النظر إلى حقها بحياة أفضل”، مضيفة: “المبادرة أتت من أهالي طرابلس ونحن أكملنا المشروع وأردنا أن يكون دولياً وقد حضر إلى لبنان لجنة تحكيم مؤلفة من أكثر من 15 ناقداً وسينمائياً عالمياً، وأقمنا ورش عمل نفذها خبراء عالميون. ?ونأمل أن يتواصل المهرجان في السنوات القادمة”.
عديد من الأفلام عالجت موضوع الذكورية، وأيضا الحروب، وهناك نظرة للنساء كيف يكملون النظام الذكوري، وموضوع الجندرة بصورة مختلفة.
في احتفال الإعلان الرسمي الأول الذي جرى في الجامعة اللبنانية في بيروت، عُقدت ندوة تحدّث فيها فانسان جيسر وبرونو دوفايي (من “المعهد الفرنسي للشرق الأدنى”)، تناولت أهمية طرابلس ودورها الحضاري والإنساني، قبل عرض فيلم “في بيتنا رجل” للمصري هنري بركات.
وبالتزامن مع الافتتاح الرسمي، عرض فيلم “حجر الصبر” للأفغاني عتيق رحيمي وفي حضوره في سينما متروبوليس-بيروت، ثم في الافتتاح بطرابلس.
منظمة المهرجان جوسلين صعب، قالت: “إن فكرة إنشاء مهرجان طرابلس جاءتنا من المدينة ذاتها. لكن، وبسبب العنف الدائر فيها، تراجع البعض، بينما بقينا نحن، فنانون، كتاب، شعراء، تقنيون وإداريون في الثقافة”.
وقالت إن “طرابلس مدينة عمرها 3000 سنة، تحتفظ بفرادتها وأصالتها أكثر من بيروت التي دمّرتها الحروب. إعادة تسليط الضوء على الهوية الثقافية لهذه المدينة كان الحافز الأساسي لاختيارنا طرابلس”.
??وعن أهمية السينما، رأت أنها “تلملم وتعمّر ما بعثرته ودمّرته الحرب. تعيد السينما تركيب نثرات الذاكرة بعضها مع بعض عندما تغوص في ما مضى وتدعونا للتأمل فيه. تستطيع السينما أن تعمل الكثير شرط أن يكون تمويلها صحياً وصحيحا”.
ومن فعاليات المهرجان، محاضرة في جامعة الروح القدس- الكسليك، قدمها دانيال غيلبرت عن المهندس البرازيلي أوسكار نيماير العضو في الحزب الشيوعي البرازيلي المنفي إلى باريس حيث استقبله واحتفى به قطاع الهندسة في الحزب الشيوعي الفرنسي. وقد وضع نيماير تصاميم معرض طرابلس الدولي، وأهمية الموقف أن قطاع الهندسة في الحزب الفرنسي شارك في بناء المعرض بين أعوام 1965 و 1975.
بعض الأفلام
* «حجر الصبر» للروائي والمخرج الأفغاني عتيق رحيمي المقتبس عن روايته الحائزة جائزة «غونكور». مشهد طويل تعرض فيه امرأة أفغانية مع زوجها الغائب عن الوعي قصة حياتها في ظل المجتمع الذكوري الأفغاني.
* فيلم “نحن مو هيك” لكارول منصور: شهادات نساء نزحن من سوريا إلى لبنان. تختصر منصور الموقف بجملة افتتاح الفيلم “أن تكون امرأة في زمن النزاعات المسلحة أخطر من أن تكون جندياً”.
* فيلم “شكسبير يجب أن يموت» ل إنغ كانجفيت إسقاط تايلاندي لمسرحية “ماكبيث” لشكسبير، مُنع في تايلاند بحجة أنه يؤجج الانقسام الشعبي. انتقدت الرقابة أيضاً استعمال اللقطات الحية التي تصوّر عنف الجيش مع المتظاهرين في 19 أيار (مايو) 2010. يمزج الشريط بين الوثائقي والروائي، ويصور رعب القمع السياسي وينتقد بقساوة الحكم الملكي.

* فيلم “طيب خلص يلا” للبنانية رانيا عطية ودانييل غارسيا الذي نال جوائز عدة. يعرض الفيلم يوميات شاب طرابلسي وتفاعله مع محيطه والمدينة.
* فيلم “المرآة لا تكذب” للإندونيسية كاميلا أنديني، خيالي، تنتظر الطفلة “باكيس” عودة أبيها الغائب، وتتواصل معه عبر المرآة التي أهداها إياها. لا تنجح أم باكيس في إقناع ابنتها بتقبّل موت أبيها. توظف المخرجةرموز الثقافة الاندونيسية، وتستكشف تقاليد شعب الباجو.
* فيلم “سلمى” الهندي، وثائقي للمخرجة كيم لونجينوتو التي اهتمت بقضايا المرأة، يروي سيرة “سلمى” التي يخرجها أهلها من المدرسة ويجبرونها على ملازمة المنزل إلى أن تنتقل إلى سجنها الزوجي، وفيه تكتب القصائد في السرّ وتنشرها بطريقة خفية. يعكس الفيلم المجتمع القروي الهندي المحافظ على بنائه الذكوري، ويعرض الحياة اليومية والحوارات بين النساء اللواتي يتحادثن بحرية أثناء عملهن المنزلي مقارنة مع أحاديث الرجال الأكثر تحفظاً كأنهم هم السجناء.
* فيلم “أوتوبورتريه” التسجيلي للمصورة سيمون فتال وفيه لقطات صورت منذ أربعين عاما لحياة امرأة في بيروت السبعينات.
* فيلم “حبيبي راسك خربان” للمخرجة الأميركية اللبنانية الأصل سوزان يوسف الذي صور في غزة. العمل تجسيد سينمائي معاصر لقصة مجنون ليلى، يروي نضال عاشقين ضد قوانين الاحتلال والمجتمع.
آخر عروض المهرجان جرت في الجامعة العربية في طرابلس مساء الجمعة 22 الجاري، بفيلمين: “سجل مكسور” (Broken Record) لبارين جادو، و “تلغرام برلين” (Berlin Telegram) لليلى البياتي.