سلوفاكيا،النمسا وإيران تحصد جوائز نمر روتردام
روتردام / عدنان حسين أحمد
أعلن مهرجان روتردام السينمائي الدولي عن جوائز دورته الثانية والأربعين بالتتابع خلال أيام المهرجان التي استمرت من الثالث والعشرين من يناير الماضي ولغاية الثالث من فبراير الجاري. وكانت أولى الجوائز المعلنة يوم 28 يناير الماضي هي جوائز النمر للأفلام القصيرة التي أُسنِدت إلى ثلاثة أفلام وهي “عقل النمر” للبريطانية بياتريس جيبسون، و “عبور غير مُسند” للهولندي زاكري فورم فالت، و “يانوس” للهولندي إريك ليز هاوت. كما رشّحت لجنة التحكيم فلم “على الرغم من أنني أعرف بأن النهر جاف” للمصري عمر روبرت هاملتون لمسابقة الفلم الأوروبي وقد مُنح كل واحد من الفائزين الأربعة مبلغ قدره “3.000” يورو إضافة إلى كاميرا فيديو “كانون” بعدتها الكاملة.

تألفت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة من ثلاث شخصيات سينمائية معروفة وهم فِل كولنز وسولانج فارغاس ويوس ريكفيلد الذين اختاروا هذه الأفلام الأربعة الفائزة من بين “23” فلماً قصيراً مرشحاً لهذه المسابقة. أما كبرى مسابقات المهرجان فهي مسابقة جوائز النمر “Hivos” التي أُسست عام 1995 وكان هدف القائمين عليها مُنصبّاً على اكتشاف المواهب الجديدة، ودعمها، وتسليط الضوء على منجزاتها السينمائية حيث تقوم لجنة التحكيم بانتقاء ثلاثة أفلام تمنح كل فائز فيها على انفراد مبلغ قدره “15.000” يورو، إضافة إلى السمعة العالمية الكبيرة التي يحصل عليها الفائزون كل عام. بلغ عدد الأفلام المتنافسة في هذه المسابقة منذ انطلاقها وحتى الآن “275” فلماً، أما عدد الأفلام المشاركة لهذا العام فقد بلغ “16” فلماً يُشتَرط أن يكون الفلم الأول أو الثاني للمتنافسين على هذه الجوائز القيّمة، أما لجنة تحكيم هذه المسابقة فقد تألفت من خمسة أشخاص وهم آي ويوي، جوزيه لويس، كيس هِن، سيرجي لوزنيتزا وفاطمة معتمد آريا الذين أسندوا جوائزهم إلى ثلاثة أفلام وهي “قاتل كلبي” للمخرجة السلوفاكية ميرا فورنَيّ الذي “يتمحور على دراسة رصينة لشاب مراهق مضطرب يعيش في بلدة سلوفاكية صغيرة. وقد أشادت لجنة التحكيم بالفلم قائلة: “إنه فلم يعرض موضوعاً قوياً جداً من الداخل”. وُلدت ميرا عام 1977 في سلوفاكيا. درست في السينما في براغ والمملكة المتحدة. ومن أبرز أفلامها “ثعالب” و “أسرار صغيرة”. أما الفلم الثاني فهو “الجندية جانيت” للمخرج النمساوي دانييل هوزل الذي قدّم صورة استفزازية لامرأتين تنتميان إلى طبقتين مختلفتين من الطيف الاجتماعي وقد أثنت اللجنة على “رصانة اللغة المجازية للفلم وقوته البصرية”. وُلد هوزل عام 1982 بالنمسا. درس الفنون المسرحية في سالزبورغ ثم عمل في الإخراج السينمائي. وُصف فلمه الفائز بأنه توقيع شخصي مُميز أنجزه بطريقة سردية وجمالية خالية من الأخطاء. أما الفلم الثالث الذي أثار جدلاً واسعاً فهو فلم “البدين” للمخرج الإيراني محمد شيرواني الذي وصفته اللجنة بأنه “قصة آسرة ذات شخصيات فخمة رائعة”. ينتقد شيرواني النظام الأبوي البطريركي في إيران، كما يتوفر الفلم على نزعة تجريبية واضحة، فالمخرج لا يسرد أحلامه وإنما يحاول أن يُريها للناس لأن أحلامه الشخصية تقول الحقيقة، اتفق العديد من النقاد بأن هذا الفلم ليس عادياً، كما أنه لا يمثل القواعد المتبعة في السينما الإيرانية، بل أن بعض النقاد المحليين على وجه التحديد الذين يكتبون في بعض مواقع الإنترنيت “الأصولية” قد وصفوا هذا الفلم بأنه “ضد إيران” متناسين تماماً نَفَسه السوريالي ولغته السينمائية البليغة.

الجائزة الثالثة هي جائزة الـ “NETPAC” وتعني “شبكة الترويج للسينما الأسيوية” وتمنح لأفضل فلم مشارك في المسابقة الرسمية، والفائز بجائزة عام 2013 هو فلم ” ما لا يتحدثون عنه حينما يتحدثون عن الحب” للمخرجة الأندونيسية مولي سُوريا التي قدّمت فلماً خارقاً للعادة تروي فيه قصص الحب المبهجة للشباب المكفوفين، وقد أناطت الأدوار الرئيسة إلى شباب مكفوفين فعلاً أو ضعيفي البصر، لكنهم يتوفرون على مساحة واسعة من الخيال، وهذا ما يفسِّر القوة الخيالية للفلم التي دفعت اللجنة لمنحه هذه الجائزة المعتبرة. وقد صرّحت المخرجة مولي بأن موضوع الفلم ليس عن العمى فقط، وإنما يتحدث أيضاً عن بقية الحواس الأخرى المعروفة مثل التذوِّق والسمع والشمّ واللمس. مولي سُوريا من مواليد جاكارتا عام 1980 بأندونيسيا، وتعتبر واحدة من المخرجات الأندونيسيات الواعدات. درست الصحافة والأدب في جامعة سوينبيرن في مالبورن، كما حصلت على شهادة الماجستير في السينما والتلفزيون من جامعة كوينزلاند. تدرِّس حالياً الإخراج السينمائي في جاكارتا، نال فلمها المعروف “فيكسي” العديد من الجوائز بضمنها جائزة أفضل إخراج سينمائي في مهرجان “Jiffest” عام 2008.
أسندت اللجنة التحكيمية جائزة الـ “FIPRESCI” أو “الاتحاد الدولي لنقاد السينما” إلى فلم “الإنجيل الخامس لكاسبار هاوزر” للمخرج الإسباني ألبيرتو غراسيا. يعالج هذا الفلم قصة كاسبر هاوزر الذي نشأ في صمت مطبق، وعزلة تامة بعيداً عن الوجود البشري، لا يؤنس وحشته في ذلك الإسطبل سوى حصان خشبي، وطبيعة مهيمنة على كل شيئ، عالم يفتقر إلى اللغة البشرية. ولد ألبرتو غراسيا عام 1978 في فيرول بأسبانيا. درس الفنون الجميلة في جامعة فيغو. أنجز عدداً من الأفلام السينمائية من بينها فلم “مايكروفوغاس”، و”الإنجيل الخامس” هو فلم الروائي الأول.
مُنحت جائزة الشاشة الكبيرة هذا العام لفلم “فراشات جميلة” للمخرج الإيطالي سالفاتوري ميرو حيث يتتبع الفلم يوماً في حياة كاترينا، الشابة الساردينية ذات الأحد عشر عاماً التي تعيش في حي فقير وكئيب من أحياء العاصمة الساردينية كالياري. لديها أب مستبد وحشد من الأخوة والأخوات الذين لا يُرتجى منهم خيراً. يسلط مخرج الفلم الضوء على علاقة كاترينا بالصبي الذي يسكن في البيت المحاذي لها، كما يكشف عن علاقتها بصديقتها المفضلة لونا التي تخرج معها إلى ساحل البحر حيث تلهوان هناك وتستمتعان بفضاء الحرية المتاح.
الجائزة السادسة هي جائزة “الدائرة الهولندية للجنة تحكيم النقاد السينمائيين” التي اختارت من بين عشرة أفلام في مسابقة الشاشة الكبيرة فلم “المستقبل” لأليسيا شيسون. يتمحور فلم “المستقبل” على قصة بيانكا وشقيقها الأصغر اللذين يفقدان أبويهما وعليهما أن يشقّا طريق حياتهما إلى المستقبل. ولدت أليسيا عام 1974 في تشيلي، درست صناعة الأفلام في أكاديمية الفلم بكوبا، أخرجت العديد من الأفلام القصيرة والفيديو، وحصلت على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة إلينوي في شيكاغو. حاز فلمها الروائي الأول “مسرحية” على سبع عشرة جائزة دولية، أما فلمها الثاني فقد أُختير لمسابقة جوائز النمر عام 2009. من أبرز أفلامها “بطاقات بريدية”، ” الحنجرة العميقة”، “أجرام سماوية” و “غرفة استراحة النساء”.

أما الجائزة السابعة فتنقسم إلى قسمين، الأولى جائزة الجمهور “UPC” والتي مُنحت إلى فلم “Matterhorn” للمخرج الهولندي ديدريك إبينج وقيمتها “10.000” يورو، والثانية جائزة الجمهور “Dioraphte” التي ذهبت إلى فلم “وجدة” للمخرجة السعودية هيفاء المنصور وقيمتها عشرة آلاف يورو أيضاً. وتُمنح هذه الجائزة الأخيرة لأحد الأفلام المدعومة من قبل صندوق دعم هوبيرت بالس ومعروضة في المهرجان. وجدير ذكره أن فلم “وجدة” قد حصل على “4.706” أصوات، فيما حصل فلم “Matterhorn” على “4.686” صوتا.
ثمة ثلاث جوائز أخرى لا تقل أهمية عن الجوائز السابقة مثل جائزة السينما الفرنسية “Arte” التي مُنحت لفلم “سرطان البحر” للمخرج اليوناني يورغوس لانثيموس الذي درس السينما والإخراج التلفازي في مدرسة الفلم في ستافراكوس بأثينا، ومن أبرز أفلامه “ضرس الكلب” و “جبال الألب”. أما الجائزة التاسعة فهي جائزة السينمارت وقيمتها المادية “30.000” يورو، وهي جائزة مكرسة لتنمية الإنتاج المشترك فقد حصل عليها فلم “المارد” للمخرج السويدي يوهانس نيهوم. أما جائزة الـ ” موفي زون” التي تُنتقى من الأفلام الروائية من قبل لجنة تحكيم خاصة من مؤسسة “Eye”. لابد من الإشارة إلى أن الجائزة المستحدثة لهذا العام هي جائزة “النظرة العالمية” التي تُكرس لدعم وتنمية الأنواع السينمائية الجديدة وقيمتها خمسة آلاف يورو.