الجزيرة الوثائقية تصدر كتابها الرابع وتكرّم بدرخان
يعتبر حضور قناة الجزيرة الوثائقي في مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيلية حضورا مميزا ويحمل قيمة إضافية للمهرجان. وقد دأبت القناة بتحضير برنامجها الخاص للمساهمة في المهرجان. وهو برنامج متنوع يجمع بين لقاء المنتجين ودعمهم وفتح الافاق للمنتجين الجديد وبين الإعلان عن الكتاب السنوي وأضافت هذه السنة فقرة لتكريم شخصية لها دورها الكبير في السينما المصرية والعربية وهو المخرج علي بدر خان.
لقاءات مع المنتجين..

لاشك أن المهرجان فرصة سنوية يستعد لها المنتجون للأفلام الوثائقية وقد حضر هذه الدورة حوالي خمسين منتجا، لتقديم افكارهم ومشاريعهم الجديدة. وكل سنة تقيم الجزيرة الوثائقية ورشة عمل مع المنتجين لمناقشة كل مشاكل الإنتاج لتحسين الأداء وتوثيق العلاقة بالقناة.
في هذه الدورة أقامت الجزيرة الوثائقية ندوة كبيرة حضرها أكثر من خمسين منتجا ومخرجا لتعرض مشروعها الجديد في تصنيف الأفلام تماشيا مع هوية القناة. ويتمثل المشروع في استحداث فئات وأبواب تتنزل فيها الأفلام بحسب الموضوع. مثل فئة “ملفات غامضة” وهي فئة ذات بعد استقصائي تبحث في القضايا الغامضة والأسرار التي لم تستكشف بعد في بعض القضايا الحساسة في العالم العربي. أو الفئة التي تحمل اسم “أصل الحكاية” وهي تضم التجارب التاريخية وحقائق الأحداث والشخصيات التي كان لها دور في الماضي..
وقد قام كل من مدير القناة السيد أحمد محفوظ ومدير الإنتاج في القناة السيد نبيل العتيبي بعرض رؤية القناة والاستماع إلى الاستفسارات والمداخلات الغنية التي تواصلت على أكثر من ساعة. وكانت أهم محاور النقاش تدور حول طرق التعامل مع القناة بدءا باقتراح الموضوع وصولا إلى تنفيذه وتسليمه للعرض مرورا بالمراحل الإنتاجية. كذلك طرحت إشكالية التصور الجديد للفئات وصرامة الالتزام بها سعيا إلى تأسيس هوية واضحة للقناة. وقد استحسن جل المنتجين هذه الرؤية الجديدة التي ستسهّل عليهم عملهم واقتراح المواضيع التي ترى القناة أنها في حاجة إليها. وقد أوضح مدير القناة أن هذا التصور الجديد جاء بناء على جهد استمر لسنيتن من البحث والنظر حيث اعتمدت القناة على سبر الآراء والإحصائيات التي قامت بها شركات مختصة لرصد توجهات الجمهور العربي وأذواقهم التي تتحكم في تأسيس الرؤية التحريرية والإنتاجية للقناة.
انتهت هذه الندوة بكثير من الأسئلة التي ظلت محل جدل التي هي عموما إشكاليات الإنتاج السينمائي بشكل عام من حيث التمويل والإنجاز وصعوبات التصوير في بعض المناطق العربية وأيضا المحرمات السياسية والاجتماعية التي تمنع من الوصول بالفيلم الوثائقي إلى مداه الإبداعي المطلوب.
الكتاب الرابع ..

منذ اربع سنوات بدأت تجربة الكتاب السنوي للجزيرة الوثائقية وهي تجربة انطلقت مغامرة نقدية وأكاديمية والآن أصبحت رقما مهما في مساهمات الجزيرة الوثائقية في نشر الفيلم الوثائقي.
في هذه الدورة أعلنت الجزيرة الوثائقية عن إصدار كتابها الرابع الذي يحمل عنوان “ربيع الوثائقي.. دراسات في وثائقيات الثورة”. وتتمحور دراسته حول الأفلام الوثائقية التي أُنتجت أثناء / وعن الثورات العربية. وقد ساهم في هذا الكتاب نخبة من النقاد والباحثين العرب.
قام بتقديم الكتاب هذه السنة الناقد والباحث والناشط السياسي المغربي أحمد بوغابة. الذي ساهم بدراسة في الكتاب وكان قلمه حاضرا في النسخ السابقة. وقد تحدث أحمد بوغابة عن أهمية هذه السلسلة من الكتب المتخصصة في الفيلم الوثائقي والتي تحتاجها المكتبة النقدية والنظرية العربية. واعتبر أن إصدار القناة لكتاب أكاديمي متخصص جنبا إلى جنب مع الجهد الإنتاجي الكبير للأفالم الوثائقية، يؤسس نوعا من التكامل في رسالة القناة ودورها. فهي من ناحية تقدم أعمالا إبداعية للجمهور العريض وكذلك مواد نقدية وجدلية لجمهور النقاد والمتابعين.
أما حول كتاب هذه السنة فاعتبر بوغابة أن التعامل مع قضايا الراهن وإخضاع المشهد الوثائقي للنقد، أمرا مهم ومحمود. لأن تقييم وثائقيات الثورة مهم جدا للخروج برؤى نقدية وجمالية تمنع من السقوط في الاستسهال في تصوير الواقع الصاخب والمتحرك. لذلك كانت الدراسات متنوعة في الرؤية والتوجه وحتى في جيل الباحثين. فمثلما ضم الكتاب دراسات لجيل النقاد المخضرمين كقيس الزبيدي وأمير العمري وابراهيم العريس ضم ايضا دراسات للجيل الجديد كرامي عبد الرازق ووسيم القربي وعصام زكرياء.
وجدير بالذكر ان أحمد بوغابة هو أحد المتابعين الأوائل لتجربة الكتاب واحد الكتاب القارين في موقع الجزيرة الوثائقية. كما تجدر الإشارة أن مواد الكتاب هي في الأصل دراسات منشورة في المجلة الإلكترونية على موقع الجزيرة الوثائقية. ارتأت القناة أن تمنحها فرصة للبقاء وعدم الضياع في خيوط الشبكة العنكبوتية وإصدار الجيد منها في كتاب. وهذا ما اعتبره أحمد بوغابة تجربة نوعية للإبقاء على دور الكتاب كوسيط معرفي لازال فاعلا في إنتاج المعرفة. كما اعتبر بوغابة أن تنوع الكتاب ووجهات النظر هو مصدر غنى إضافة إلى أن كل كاتب يدافع عن اسمه بالمادة التي يكتبها.
تكريم علي بدر خان..

قامت الجزيرة الوثائيقية هذه السنة ببادرة جديدة وهي استدعاء أحد أعلام السينما العربية وتكريمه على هامش المهرجان. وكان الاختيار هذه السنة على المخرج المصري الكبير علي بدر خان صاحب الفلام العالقة في الاكرة السينمائية العربية. أهمها فيلم “الكرنك” و”الرغبة” و”الوصول إلى القمة ” و”الراعي والنساء”. وقد أشاد مدير قناة الوثائقية بتجربة بدر خان وهو أحد تلاميذه في معهد السينما في مصر. فقدم نبذة عن شخصية بدر خان المخرج والإنسان والأستاذ. وعرج على مواقف بدر خان الفكرية والسياسية التي كان يعلنها صراحة تحت أنظمة ما قبل الثورة المصرية ودفع ثمنا لذلك.
ثم بعد ذلك سلم كل من عباس أرنؤوط مدير مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيلية ومدير الوثائقيثة درع الجزيرة تكريما لتجربة علي بدرخان. الذي أخذ الكلمة ليشكر القائمين على هذا المهرجان. ويقول إن التكريم كان مفاجأة له لأنه لم يسمع به غلا قبل التكريم بساعات. وأثناء كلمته عبر علي بدر خان روح دعابة ومزاح كانت لافتة لدى الجمهور.
ونذكر ان الجزيرة الوثائقية كانت قد أنتجت فيلما وثائقيا عن شخصية علي بدر خان حيث تعرض الفيلم لتجربته الفنية وميراثه السينمائي المثير للجدل وايضا لحياته الشخصية التي لا تخلو من معنى جمال لمفهوم الحياة بمعناه الأعمق.