“اللقاءات السينمائية لبجاية” تقريب السينما للجمهور
ضاوية خليفة – الجزائر
أطلقت ولاية بجاية الساحلية وبالضبط من المسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح سهرة البارحة الدورة الحادية عشر من اللقاءات السينمائية، التظاهرة الفنية التي اعتاد عليها سكان بوجي (الاسم القديم لبجاية التي تبعد عن العاصمة الجزائر بحوالي 220 كلم)، حيث ستعرف الأيام هذه السنة مشاركة العديد من الدول على غرار الجزائر، المغرب، تونس، مصر، فرنسا، بلجيكا، كمبوديا بحوالي 25 فيلما حديث الإنتاج وفي كل الأصناف منها 9 أفلام وثائقية حسب ما صرح به “عبد النور حوشيش” مدير اللقاءات السينمائية لبجاية ورئيس جمعية بروجيكتور التي ومنذ تأسيسها عام 2003 تعكف سنويا على تنظيم هذه الفعالية إلى جانب العديد من الأنشطة الأخرى التي تتوزع على مدار السنة رغم قلة الدعم والإمكانيات والنقص الكبير المسجل على مستوى قاعات العرض التي تحول دون توسيع عدد العروض، ومع ذلك استطاعت فرض نفسها من خلال ضمان استمرارية الحدث وحفاظها على صبغته الفنية والمتعة الجماهيرية البعيدة عن التنافسية، وهنا أشار حوشيش أن هذه اللقاءات ستواصل في هذا الاتجاه حتى لا تكون بين السينما والجمهور حواجز عكس العديد من المهرجانات التي تعتمد على النجوم، وهو ما اعتبره خطوة هامة لاستعادة الجمهور وإعادته لقاعات السينما بعد أن هجرها منذ سنوات، وقد أرجع عدم تحويل الأيام إلى مهرجان لعدم توفر بجاية والجزائر ككل على صالات كافية للعرض بتقنيات حديثةّ، وافتقار الجزائر لإنتاج سينمائي مستقر.

بالعودة إلى أجواء السهرة الأولى التي ميزها حضور العديد من السينمائيين فقد وقعها الفيلم المغربي “بيع الموت” لفوزي بن سعيدي، هذا وسيتم خلال الدورة الحادية عشر تقديم باقة متميزة من الأفلام، ومن الأعمال التي ستعرف طريقها للعرض أيضا أمام الجمهور إلى غاية 14 من الشهر الجاري بمعدل 3 حصص في اليوم نذكر فيلم “فدائي” لداميان أونوري (الجزائر)، “يلعن أبو الفوسفاط” لسامي تليلي” (تونس)، “بطاقة بريدية” لمحاسن حشادي (المغرب)، “صيف في الجزائر” ليانيس كوسيم، أمينة زوبير وحسان فرحاني، “شتاء السخط” لإبراهيم بطوط (مصر)، “يامن عاش” لهند بوجمعة (تونس)، اسأل ظلك” لأمين عمار خوجة (الجزائر)، “بعض الأحلام بعض الحياة” لحميد بن عمرة (الجزائر)، “الجزيرة” لأمين سيدي بومدين (الجزائر)، “صياد الرمال” ليزيد أعراب (الجزائر)، “يوم عادي” لبهية علواش (الجزائر)، “ادويج” لمونيا مدور من (فرنسا)، “وداعا المغرب” لنذير مقناش (الجزائر)، “العذراء، الأقباط وأنا” لنمير عبد المسيح (مصر-فرنسا)…
خلال الندوة الصحفية التي عقدت بمتحف السينما الجزائرية قبيل انطلاق الطبعة الحادية عشر أكد ”عبد النور حوشيش” أن لجنة اختيار الأعمال انتقت 25 فيلما من أصل 160 عملا وصل اللجنة، أما بالنسبة للمعايير التي تم وفقها اختيار هذه الأعمال دون غيرها وبعد أن طغى الربيع العربي على مواضيع الطبعة العاشرة قال “إن الاختيار هذه السنة كان بناءا على الجودة والتجارب السينمائية الجديدة التي نريد أن يتعرف عليها الجمهور سواء من ناحية التقنيات الفيلمية المستعملة أو من ناحية اللغة السينمائية التي تقدم بها هذه المواضيع والتي من المفترض أن تطرح مجموعة من الأسئلة دون الإجابة عنها في شكل إبداعي وقالب فني يعبر عن نفسية المخرج ومدى تأثره بالبيئة التي تكّون فيها عمله، طبعا وفقا لفلسفة التظاهرة والخط الافتتاحي لها”، وللسنة السادسة على التوالي تتواصل ورشة كتابة السيناريو التي عكفت الجمعية على تنظيمها بشكل مستمر، و سيستفيد منها هذا العام 20 كاتبا شابا من أصل 30 مترشحا يشرف على تأطيرهم مخرجون ومختصون في الكتابة السينمائية على ثلاث فترات شهر جوان، أوت، وديسمبر.

وككل سنة سترافق العروض السينمائية العديد من الأنشطة واللقاءات، ومن الفقرات التي تم استحداثها هذه السنة الفوروم أو المنتدى الذي سيناقش من خلاله عدد من السينمائيين، المخرجين و المنتجين مسائل عدة بالغة الأهمية من بينها “الإنتاج السينماتوغرافي”، حيث سيتباحث المشاركون سبل النهوض بالإنتاج الجزائري من خلال تقديم مجموعة من المقترحات البناءة التي من شأنها إعطاء نفس جديد للفن السابع بالجزائر وتحقيق نتائج جيدة بعد سنوات من الآن لنتمكن فيما بعد من الحديث عن صناعة سينمائية بالجزائر -الغائب الأكبر والحلقة المفقودة- وفي سياق ذي صلة أضاف حوشيش قائلا : “يجب أن لا يكون حديثنا في كل مرة على النقاط السوداء التي أدت إلى تراجع السينما الجزائرية لأن الحديث عنها قد طال، بل يجب أن نفكر في المستقبل انطلاقا من نقاش جاد وبناء وتحليل جيد للوضعية”.
ورغم الميزانية الجد محتشمة (تقديرا لمجهودات الشباب سوف لن نقول الميزانية الضعيفة) المخصصة للقاءات بجاية السينمائية خاصة بعد تقليص وزارة الثقافة لها أي لتلك الميزانية التي تدعم بها الجمعية لم يجد المنظمون حرجا لمواصلة النشاط والاستمرار بالاعتماد على بعض الشركاء والمؤسسات لتمويل التظاهرة التي تسعى لفرض نفسها كفعل ثقافي بعيد عن كل الرسميات فالأهم كان يقول حوشيش “التواجد والتموقع والدفاع عن أفكارنا وطموحاتنا السينمائية على نطاق واسع في انتظار أن يلقى الطعن الذي تقدمنا به ردا من قبل الوزارة الوصية بعد تقليص دعمها لنا بنسبة جد كبير من 300 مليون دينار جزائري إلى 30 مليون دينار”.