ثورة الخمير الحمر فى قسم نظرة ما

” الصورة المفقودة ” تسجيلى عابر للنوعية

بقلم: صفاء الليثى

من بين ثمانية عشر فيلما تسابقت فى قسم نظرة ما بمهرجان كان  الفيلم الفرنسى ” الصورة المفقودة”  وقد بقى حتى اللحظات الأخيرة مرشحا لنيل جائزة نقاد الفيبريسى، وكنت مع الترشيح الذى طرحته زميلتى الناقدة الألمانية الفرنسية باربرا ليفى حتى شاهدت عملين آخرين، الأول فيلم المخرج دياز من الفلبين فى طول 4 ساعات ويتميز بأسلوبية خاصة فى التصوير بحيث تكون هناك مسافة بين المشاهد وعناصر الصورة، لا يوجد لقطة قريبة مهائيا، تتباعد الكاميرا لتشمل عناصر الموضوع لخلق حالة تباعد مقصودة ولمنع أة ميتعاطف قد ينشأ بين المشاهد وشخصيات العمل التى تمر بمأساة كبرى، يريد دياز أن يجعلنا نفهم أنها مأساة طبقة ومجتمع وليست مشكلة فدية تخص هذه الأسرة، أو هذا الشخص بالذات، الفيلم رغم تجاوز زمن عرضه ساعات أربع بعشر دقائق إلا أنه لايشعرك بالملل .

والتانى الفيلم الروائى ” المخطوطات لا تحترق ” للإيرانى محمد رسلوف والذى تم منحه الجائزة من قبل لجنة التحكيم المكونة من الكورية ينجيمو والألمانية باربرا وكاتبة هذه السطور.
أما ” الصورة المفقودة” فمن نوع الأفلام العابرة  للنوعية يجمع ما بين الوثائقى والتحريك، وهو  للمخرج الكمبودى ريثى بانه صاحب العديد من الأفلام ذات التوجه السياسى. ” الصورة المفقودة” حاول فيه المخرج أن يبحث عن الصورة المفقودة للقتلى من الجوع والمذلة ما بين الأعوام 1975 و1979 ، قتلى الشعب الكمبودى تحت حكم الخمير الخمر، والصورة ما زالت مفقودة استعاض عنها بالعرائس محاولا تعويض النقص فى عرض الصورة الحقيقية عن الأوضاع فى كمبوديا . نشاهده وهو يصنع عرائسه دقيقة الحجم التى تبدو بين أصابعه مثيرة للرأفة.
يستخدم  ريثى بانه تعليقا مستمرا على وثائق لأحداث كمبوديا مع نماذج لعرائس ساردا تجربة حكم شيوعى منتقدا ثورة الخمير الحمر ويصف إنجازاتها وما تغنت به بأنها كانت فقط فى الأفلام السينمائية، ولكن الحقيقة  كانت مرة جدا، يرويها لنا بطريقته المبتكرة بفن التحريك . الفيلم يمكن أن يكون درسا فى التاريخ لرصدع ما حدث وتضمنه على وثائق هامة جدا ، يحقق الغرض الرئيس من الفيلم الوثاقى وهو نقل المعرفة بافضافة غلى تعبيره القوى عن وجهة نظر مخالفة للوثائق التى صورت فى عصر حكم الخمير الحمر. وأزعم أننى رغم تتبعى لكثير من الأعمال الوثلئقية العربية لم أشاهد عملا نجح فى استخدام  شرائط مصورة بوجهة نظر ما وتطويعها لوجهة نظر مخالفة كما ظهر فى ” الصورة المفقودة”.
 الدمج بين الأنواع الفيلمية – الروائية والتسجيلية والتحريك- يتزايد يوما بعد يوم، مما يعطى الحرية لفنان السينما ليعبر عما يريده بكل الوسائل الممكنة دون التقيد بقوالب جامدة أو ثابتة.
ريثى بان هو صانع أفلام شامل، مخرج، ممثل ، مونتير، مدير تصوير، ومنتج مشارك. له 11 فيلم عشرة طويل وفيلم واحد قصير . وهو أحد ضيوف المهرجان العريق الدائمين نظرا لاقتحامه أساليب غير تقليدية ولقوة الموضوعات التى يتناولها فى أفلامه.


إعلان